“الاعتراف بالفشل فضيلة”

ما الذي يجب أن يفهمه ابن سلمان من توازن الردع الرابعة؟

 

حسين الموسوي
كثيرون يدركون وقليلون يعترفون بأن العدوان السعودي على اليمن فشل منذ الأسابيع الأولى، فحين تدخل في حرب روجت لها بأنك الطرف الأقوى فيها ولا تستطيع حسم الميدان في الأيام والأسابيع الأولى فإنك تكون قد فشلت.. فما بالك بحرب تستمر منذ أكثر من 5 سنوات دون تحقيق أي إنجاز يذكر بالنظر إلى التسلح والمليارات التي تصرف على الجيش السعودي ومرتزقته داخل اليمن.
في التعريف كلمة “ردع” تعني إيقاف الشيء والحد من استمراره، وينطبق هذا التعريف على الرد اليمني على العدوان في السنتين الأولى والثانية، لكن مؤخرا وتحديدا في آخر عامين تخطى الأداء العسكري اليمني مضمون الردع.. من قصف مطار أبوظبي الإماراتي إلى استهداف شركة أرامكو السعودية وصولا إلى صواريخ القدس وذوالفقار التي سقطت شمال العاصمة السعودية الرياض مؤخراً، هذا التطور في القدرة اليمنية والرد على العدوان له دلالات الميدان وانعكاسات السياسة.

في الميدان
لجأت السلطات السعودية إلى الاعتراف بالضربة اليمنية (توازن الردع 4) من خلال إعلان إسقاط صواريخ يمنية أطلقت على السعودية، لكن هذا التخفيف من وطأة الضربة له نتائج عكسية، فمجرد وصول الصواريخ اليمنية محلية الصنع إلى قلب المملكة وكأنها في نزهة دون أن يعترضها شيء طوال مسيرها يستحق توصيف الإنجاز والانتصار والاختراق الكبير للقدرات العسكرية السعودية التي كلفت وتكلف عشرات المليارات.
هناك من يحاول تعزية نفسه بالقول إن الرادارات وأنظمة الاعتراض الأميركية التي تساعد السعودية في عدوانها تتعمد عدم اعتراض الصواريخ اليمنية.. لكن هنا السؤال الذي يبدو محوريا هو: لماذا تسمح واشنطن للصواريخ اليمنية بالوصول إلى قلب العاصمة السعودية طالما هي قادرة على وقفها؟ وحين تسمح بذلك أين هي أنظمة الاعتراض السعودية؟ وأين أجهزة المسح والرادارات التي زرعتها السعودية على حدودها والتي حصلت عليها من شركات إسرائيلية؟

في السياسة
بات من الواضح أن أياً من حلفاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في عدوانه على اليمن لم يعد متحمسا لمواصلة المغامرة الفاشلة.
الإماراتي بدأ انسحابه من اللعبة قبل أشهر ويركز على الحفاظ على المكتسبات الميدانية والاقتصادية التي حصل عليها جنوبي اليمن لاسيما عدن وجزيرة سقطرى.. فيما الدول الأخرى التي التقط قادة جيوشها صورة جماعية مع بدء العدوان للترويج لقوة التحالف السعودي غابت عن الصورة والمشهد منذ وقت طويل.
أما بالنسبة للأميركي فقد استنزف ابن سلمان رصيده لدى إدارة دونالد ترامب.. كان من المفترض أن تكون المليارات التي فاقت 450 التي قدمتها الرياض لترامب خلال زيارته لها ثمنا لخدمة رعاية ابن سلمان ومساعدته للوصول إلى العرش، لكن ولي العهد احتاج خدمات ترامب لتغطية الاعتقالات التي طالت عشرات الأمراء ورجال الأعمال، ثم طلب مساعدته لتغطية جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي التي استنزفت الكثير من رصيده في واشنطن، ثم جاءت هفوة رفع مستوى إنتاج النفط قبل أشهر والتي أغضبت ترامب لدرجة أجبرت ابن سلمان على طرد مساعديه من الغرفة مع ارتفاع صوت الرئيس الأميركي على الهاتف.
كل ذلك جعل ولي العهد السعودي يستنفد نفوذه لدى اللوبيات الأميركية على أمور ومغامرات غير مدروسة، ليجد نفسه الآن في موقف حرج في مواجهة الرد اليمني المتجه بسرعة في منحى تصاعدي.
المجازر بحق اليمنيين لن تحقق إنجازا للرياض، والحصار اللا إنساني على ملايين المدنيين الأبرياء لن يقنع حلفاء السعودية بأن انتصارا يتحقق في الميدان.. والمستقبل القريب يحمل مفاجآت غير سارة اقتصاديا لولي العهد، وبالتالي لن يستطيع الاعتماد على مرتزقته الذين لن يقاتلون مجانا.
يقال “الاعتراف بالخطأ فضيلة”، وبعد عملية توازن الردع (4)، لا يبدو أن هناك على طاولة السعودي خيارات عديدة، وربما يسمع ابن سلمان قريبا من الراعي الأميركي والحلفاء والأتباع أنه من الأفضل الاعتراف صراحة، ليس بالخطأ.. بل بالفشل.
كاتب عراقي.

قد يعجبك ايضا