"توازن الردع" اليمنية.. لا أماكن سعودية مُحصَّنة بعد اليوم
وزارة الدفاع، الاستخبارات، قاعدة سلمان.. الرسالة وصلت
طائرات وصواريخ الجيش واللجان تتحكم بالأجواء السعودية
الهجوم على الرياض.. والصياح والعويل في واشنطن ولندن
الثورة/ محمد شرف
يدخل الجيش واللجان الشعبية مرحلة جديدة من التصعيد ضد الرياض في إطار الحق اليمني المشروع إزاء استمرار العدوان والحصار.. مرحلة جديدة يفرض فيها الجيش واللجان الشعبية بقوة قواعد اشتباك جديدة تنقل نيران المعركة إلى عاصمة مملكة آل سعود، في ذروة الردع التي وصل إليها المقاتلون اليمنيون.
في عملية الردع الرابعة، شهد هجوم عملية “توازن الردع الرابعة” على مملكة آل سعود تحولاً نوعيّاً، استهدف مواقع سيادية وحساسة تُمثل رمز النظام السعودي، من خلال قصف وزارة الدفاع ومقر الاستخبارات وقاعدة سلمان الجوية في العاصمة الرياض المليئة بالخبراء والجنود الأمريكيين، بينما كانت صنعاء في السابق تُركز هجماتها على المنشآت الحيوية والاقتصادية والنفطية، ما أثار قلق ورعب أنظمة دول العدوان، امتد إلى الداعمين في واشنطن ولندن التي ارتفعت صيحاتها مُنددة ومستنكرة للعملية اليمنية التي تأتي في إطار الحق اليمني المشروع إزاء استمرار العدوان والحصار .
العملية التي أطلقتها صنعاء، فرضت تساؤلات تتعلق بواقع طيران الجيش واللجان المُسيّر وقُدراتها، وأبعاد ورسائل تصاعد هذه الهجمات، وأهمية توقيت ونوعية المواقع المستهدفة، وانعكاسات ذلك على موازين القوى في المعركة والحل السياسي.
فالعملية تأتي تنفيذاً لخطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والذي أكد مطلع العام الجاري ان 2020م سيحمل الكثير من المفاجآت لدول العدوان، كما أن عملية الردع الرابعة تحمل العديد من الرسائل للعدو، على رأسها التأكيد على أن صنعاء أصبحت أكثر قوة وهي تخوض العام السادس من الصمود في مواجهة تحالف العدوان، وأن استهداف صنعاء سيُقابله استهداف الرياض .
لكن تظل أهم رسائل صنعاء في استهداف تلك الأماكن الحساسة، التأكيد على القدرة اليمنية للوصول إلى أكثر المواقع تحصيناً، وهي مواقع تكتظ بالخبراء الأمريكيين، من خلال التحرك بحرية تامة وبأسراب متعددة نحو أهدافها، كاشفة فشل المنظومة الدفاعية لدول العدوان في حماية مواقع سيادية لمملكة آل سعود، وأن لا مواقع سعودية محصنة أمام سلاح صنعاء، وان القصور الرئاسية لن تكون في منأى عن سلاح صنعاء إذا لم يتم رفع الحصار وإيقاف العدوان، فصواريخ واشنطن الاعتراضية وأجهزة المسح والرادارات التي زرعتها السعودية على حدودها والتي حصلت عليها من شركات إسرائيلية، فشلت في حماية النظام السعودي.
سياسياً؛ يسعى الجيش واللجان الشعبية للضغط على النظام السعودي برفع الحصار وإيقاف العدوان والقبول بالحل السياسي الجدي، محاولاً توسيع ساحة الحرب بنقل المعركة إلى الداخل السعودي، وإحداث توازن في القوة العسكرية وتوازن الردع .
مراقبون وصفوا العملية بنقطة تحول في مسار عمليات توازن الردع والتي ستكون أكثر إيلاما إذا لم يتوقف العدوان ورفع الحصار عن اليمن.
(عملية توازن الردع الأولى )
أطلقت صنعاء أولى عمليات توازن الردع في شهر أغسطس من العام الماضي 2019م، نفذتها عشرُ طائرات مُسّيرة قطعت مسافة أكثر من ألف كيلومتر، واستهدفت حقل ومصفاة الشيبة التابعة لشركة أرامكو شرقي السعودية بالقرب من الحدود الكويتية.
العملية الاستراتيجية الأولى، حملت رسالتين في وقت واحد، للنظامين السعودي والإماراتي، بضرورة إيقاف عدوانهما وحصارهما عن اليمن، ما لم فسلاح الردع جاهز، وبكميات كثيرة، فكانت الرسالة الأولى للنظام السعودي، بضرب عصب الاقتصاد السعودي، واستهداف مصفاة وحقل يتسع لمليار برميل نفط في السعودية، والثانية للنظام الإماراتي بأنه الهدف القادم، وأن القادم اشد وانكى، لاسيما وأن موقع المصفاة بالقرب من حدود الإمارات، ومجمل الرسالتين أن هذه العملية النوعية ليست الأخيرة، بل ستكون هناك عمليات ستكون أوسع وأشد إيلاما.
ويقع حقل الشيبة في جنوب شرق المملكة العربية السعودية في الربع الخالي، ويبعد حوالي 10 كيلومترات عن الحدود الجنوبية لإمارة أبو ظبي، ويبعد 40 كم عن الجزء الشرقي للواحة ليوة في أبو ظبي.
ويُعد حقل الشيبة من أغنى الحقول النفطية والذي تبلغ الطاقة الإنتاجية لمعمل الإنتاج المركزي في الحقل 500 ألف برميل يومياً، ويقدر الاحتياطي فيه بخمسة عشر ملياراً وسبعمائة ألف برميل.
وقد علق قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي على هذه العملية قائلاً: “إن استهداف حقل ومصفاة الشيبة النفطية جنوب شرقي السعودية درس مشترك وإنذار مهم للإمارات”، وقال إنها أكبر عملية من نوعها.
وأكد أن “السعودية ستخسر على المستوى الأمني والسياسي والاجتماعي، وعلى مستوى سمعتها في العالم”. وأضاف إنه كان بالإمكان للسعودية أن تحظى بالأمن والاستقرار، مقابل أن يحصل الشعب اليمني على الأمن والاستقرار.
وحذَّر قائد الثورة في خطاب متلفز له من أن قدرات الجيش واللجان العسكرية ستتطور أكثر إذا استمرت عمليات التحالف في اليمن، معتبرا أن عملية سلاح الجو المسيّر التي سماها “عملية توازن الردع” تحمل رسائل مهمة لقوى العدوان، مؤكدا أن هذه العملية إنذار مهم للإمارات.
(عملية توازن الردع الثانية)
فجر الرابع عشر من سبتمبر 2019م، كانت عملية الردع الثانية الشهيرة التي استهدفت مصافي أرامكو في بقيق وخريص في أقصى شرق السعودية، والتي تعد ثاني أكبر عملية هجومية على العمق السعودي منذ بدء العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الغاشم على اليمن، حيث تم تنفيذها في الرابع عشر من شهر سبتمبر 2019م، من خلال عشر طائرات مسيرة تستهدف مصفاتي بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو، حيث كشف العميد سريع- حينها- أن العملية جاءت بعد عملية استخبارية دقيقة ورصد مسبق وتعاون من قبل الشرفاء داخل السعودية.
وكان من نتائج هذه الضربة النوعية أن توقف نصف إنتاج السعودية من النفط، ما خلق زلزالا كبيرا في الأسواق العالمية التي شهدت ارتفاعا كبيرا في أسعار المشتقات النفطية لعدة أسابيع.
وبعد أيام على العملية ومن موقع القوة أطلق الرئيس اليمني مهدي المشاط من صنعاء مبادرة للسلام التي أعلن بموجبها وقف استهداف العمق السعودي بالصواريخ والمسيرات على أن توقف السعودية عدوانها وحصارها، وهو ما لم تتجاوب معها السعودية حتى اليوم.
(عملية توازن الردع الثالثة)
بعد خمسة أشهر على تنفيذ عملية توازن الردع الثانية، أطلقت صنعاء عملية توازن الردع الثالثة في فبراير 2020م من العام الجاري، وعلى خلاف العمليتين السابقين التي استهدفت شرق السعودية جاءت العملية الثالثة في أقصى غرب السعودية، مستهدفة بـ12 طائرة مسيرة من نوع صماد3 وصاروخين من نوع قدس المجنح، وصاروخ ذوالفقار الباليستي بعيد المدى الذي كشف عنه لأول مرة في العملية، منطقة ينبع الصناعية والنفطية التي تبعد أكثر من 1000 كيلو متر من أقرب نقطة حدودية يمنية .
وحملت هذه العملية، رسالةٍ واضحةٍ باستمرار خط تصعيد الضربات الواسعة والمدروسة على المنشآت الاقتصادية الكبرى في المملكة، فيما حملت العملية العديد من الأهداف الاقتصادية والعسكرية .
اقتصاديا؛ اكتسبت العملية أهمية كبيرة كونها تستهدف منطقة ينبع التي تُعد ثاني أكبر مدينة على البحر الأحمر بعد مدينة جدة وتحتوي على ثلاثة مصافي للنفط ومصانع للبلاستيك ومصانع عدة للبتروكيماويات، فضلاً عن ميناء الملك فهد الصناعي.
وبحسب مراقبين؛ فإن نوع الهدف والتوقيت الزمني للهجوم، كان مدروساً، ويأتي في وقت كان فيه النظام السعودي يروِّج لأسهم شركة أرامكو في الأسواق العملية، خاصة بعد ضرب سمعتها خلال العملية السابقة.
عسكرياً؛ تكتسب عملية الردع الثالثة أهمية استراتيجية على المستوى العسكري، من خلال مشاركة القوة الصاروخية بنوعية جديدة من الصواريخ الباليستية طويلة المدى والمتمثلة بصاروخ (ذو الفقار) الباليستي، وكذلك اشتراك عدد من الأسلحة في وقت واحد؛ ما يشير إلى أن السنة السادسة للعدوان التي نقف على أعتابها ستحمل الكثير من المفاجآت سوآء من حيث الضربات المؤلمة أو تنامي القدرات القتالية والتقنيات العسكرية، وهذا ما كشفته عملية الردع الرابعة يوم الثلاثاء الماضي .
أما من الناحية السياسية فقد جاءت الضربة اليمنية الموجهة للسعودية متزامنة مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى الرياض ولقائه الملك سلمان وكبار المسؤولين السعوديين والتي زار خلالها قاعدة “سلطان” الجوية جنوب الرياض، التي تحتوي على قوات أمريكية أرسلتها الولاياتُ المتحدة عقب عملية “توازن الردع الثانية” لدعم المملكة في “التصدي للاعتداءات”.
وهي رسالة مهمة وقوية توجهها القوات اليمنية لدول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي.
(عملية توازن الردع الرابعة)
في عملية توازن الردع الرابعة، تواصل صنعاء تنفيذ تهديداتها مستهدفة بنك أهدافها التي سبق وأن أعلنت عنها، في ظل استمرار العدوان والحصار، لكن هذه المرة جاءت العملية مختلفة وغير مسبوقة، من خلال إطلاق ثمان طائرات بدون طيار مفخخة وثلاثة صواريخ باليستية، استهدفت مواقع سيادية في العاصمة السعودية الرياض، في تحدٍ واضح للنظام السعودي الذي بدا عاجزاً عن حماية رموز قوته ونظامه متمثلة بوزارة الدفاع ومقر الاستخبارات وقاعدة سلمان الجوية في العاصمة الرياض المليئة بالخبراء والجنود الأمريكيين، بالإضافة إلى أهداف عسكرية في نجران وجيزان، وقد استمرت العملية لساعات طويلة، بعد أن كانت عمليات توازن الرعب الثلاث السابقة مقتصرة على أهداف نفطية واقتصادية شرق وغرب المملكة.
عملية توازن الردع الرابعة، التي تمت بعدد كبير من الصواريخ الباليستية والمجنحة “قدس” و”ذوالفقار” وطائرات سلاح الجو المسير، على ما يبدو “تنذر بما هو أشدّ”، وفق ما أكده رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام الذي طالب تحالف العدوان بالتعاطي بإيجابية مع العملية، مشددا على أن إيقاف العدوان ورفع الحصار هدف إنساني ووطني لشعبنا اليمني.