الصرخة.. شعار البراءة وتبعات الموقف
إكرام المحاقري
لم تكن النظرة لمستقبل شعار الصرخة في وجه المستكبرين مأطرة في زاوية ذلك المجلس البسيط الذي حظي باحتضان أول صوت هتف بشعار البراءة من أعداء الله في زمن أُخرست فيه الألسن وأُصمّت فيه الآذان وأُبكمت فيه البصائر وتمكن الأعداء من توجه الأمة وثقافتها وقرارها, بل إن تلك النظرة العالمية لشعار الصرخة حازت من الامتياز على أصوات تعالت بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل حتى في الشوارع الأمريكية نفسها ولا مناص من تمدد كلمة حق أزهقت الباطل وعرت المنافقين وبينت حقيقة الأخونجيين.
منذ مطلع العام 2002م وحتى مطلع العام 2020م وما بينهما حدثت الكثير من الأحداث نتيجة لذلك الموقف الحسيني المستبصر بضوء نور القرآن الكريم, وهاهي تبعات كل ما حدث آنفا وحاضرا تستكمل دائرة قمر الهداية والدراية والوعي للشعب اليمني كشعب وليس كتكتل سياسي وحزبي وما إلى ذلك, بل إلى جميع الشعب اليمني حتى وإن كان في الجنوب من سقطوا في رهان العدو الخاسر إلا أننا نعلم ما تحمله قلوبهم من حسرة وود لو صرخوا في اليوم ألف مرة وتنفسوا عقبها نفس الحرية.
نعم هو ذلك الهدف الحقيقي من رفع شعار البراءة من أعداء الله التنفس بحرية في جميع توجهات الحياة والحفاظ على مضمون الدين القرآني الأصيل ومواجهة أعداء الله وأعداء الأمة بوعي ثاقب لا يقبل بالمساومة حتى بتوجيه واحد من توجيهات الله تعالى, وهكذا هي الثقافة القرآنية النيرة التي ولد من رحمها شعار البراءة من المستكبرين الطغاة.
آنذاك تحدث الشهيد القائد رضوان الله عليه عن النظرة المستقبيلة للشعار وأقر بأن هذه الكلمات لن تكن محصورة في قطر منطقة مران أو محافظة صعدة أو دولة اليمن بشكل عام, بل إنها ستعم أرجاء البسيطة وعياً وأنفةً ونصراً وثباتاً بقدر مالها من تأثير عظيم يتحرك بها المؤمنون ويستمدون منها العزم والقوة.
اصرخوا وستجدون من يصرخ معكم, نعم وجدنا شعباً يصرخ ووجدنا في الدول الأخرى من يصرخ معنا في لبنان والعراق وسوريا وإيران وفلسطين وغيرها من الدول العربية والإسلامية, ووجدنا من يصرخ ألماً وكمداً وهزيمة وذلاً أمام من تمسكوا بشعار البراءة وجعلوه عنواناً وراية حق لجهادهم المقدس, كما وجدنا لحى طويلة وأثواباً قصيرة وأفواهاً متعفنة بسواك الزينة وأصواتاً رنانة اهتزت وتقشفت وبانت خباياها الشيطانية المتلبسة باسم الدين وسنة النبيين سواء من الجهة الدينية أو السياسية وغيرها, ما يجدر بنا قوله هو أن شعار البراءة من أعداء الله غربل الكبير والصغير وجعل لنفسه زماناً خاصاً به منذ أول وهلة صدع به حسين مران وحتى اللحظة..
نعم مرت الأعوام وتدفقت ساعات الأيام كسيل العرم بين رحلة طويلة غابت وأخرى قادمة, ومازل اليمنيون يدثرون قلوبهم وعزائمهم بخمس كلمات تصدح برفع اليد اليمنى بصوت يهز عرش المماليك ويتعالى شامخا فوق قواتهم الواهنة, كما أن تلك الهيبة التي خلقها الشعار في قديم الأيام مازالت حاضرة في ساحات الوغى وجبهات الكرامة وللعدو منها نصيب وافر سميت بمؤلفات التراجع للخلف وترك المعدات العسكرية !!
فعلاً شعار البراءة من اعداء الله أو الصرخة في وجه المستكبرين هو موقف له تبعات عظيمة ولدت من رحم التضحية والإباء وستواصل المسير حتى يُكبّر الله من أعلى قبة الأقصى الشريف وأزقة وشوارع فلسطين المحتلة, وليس نصرا وعزة وحرية للشعب اليمني بل للمستضعفين في العالم.
فيا أيها المستضعفون اصرخوا وسوف نصرخ معكم تحرروا من عبودية الطاغوت وسنكون لكم خير من وحد الله تعالى بلسانه وقلبه وموقفه وفوهة بندقيته.