– أسعار السوق المتدنية للمحاصيل واستمرار العدوان والحصار عوامل تعثر أضرت بالزراعة كثيرا
– نزرع أرضنا ونأكل من خيراتها ففيها ما يكفينا
اليمن بلد زراعية بامتياز رغم أن الأراضي الزراعية في اليمن لا تتجاوز المليون وستمائة هكتار وما يتم زراعته بصورة مستمرة لايتجاوز المليون هكتار بالإضافة إلى عدة أسباب منها شحة المياه وموجة الجفاف التي لحقت باليمن خلال العقدين الأخيرين ولا تنسى عزوف الأيدي العاملة وغياب المكنة الزراعية.
وبعيدا عن التنظيرات والأفكار المنبثقة عن مصالح المنظمات الخارجية في اليمن أو المتنفذين المحليين العاملة على إغراق السوق المحلية بالمنتجات الخارجية التي أضرت بالبلاد ولم يستفد منها أحد- فإن عشرات الملايين من الكيلومترات المربعة واعدة بالخير وقابلة للزراعة وإنتاج الفواكه والخضروات والحبوب بأنواعها..
كل ما نحتاجه في اليمن هو التوجه نحو الزراعة سعيا إلى الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي والحد التدريجي من الاستيراد الذي يكلف اليمن فاتورة باهظة تقدر بملايين الدولارات لاستيراد أنواع الحبوب وبالأخص الدقيق الأبيض والقمح.. أرضنا واعدة بما يكفي من السلة الغذائية.. غذاء هو الأكثر لذة وفائدة صحية من الخارجي المعالج كيميائيا.الثورة / أحمد المالكي – يحيى الربيعي
“يا ليت صنعاء عصيد والبحر زوم وقاع جهران ملوجة واحدة” عبارة متواترة تحولت إلى مثل شعبي متداول بين الناس حاول قائلها القديم توضيح ما يعنيه لنا قاع جهران وقاع صنعاء والبحر الأحمر كأهم مصادر سلة غذاء اليمنيين، لكن أحدا لم يدرك المعنى الذي أراد قائل العبارة إيصاله، ولتبرير الجهل أجمع الناس على أن العبارة قيلت لوصف حالة الجوع التي كان يعيشها قائلها، ولم يدركوا أنها بعيدة كل البعد عما ذهبوا إليه في تفسيراتهم السطحية..
العبارة أو المثل حملت وصفا لطبيعة وجغرافية المكان وعلاقة الإنسان بالأرض والزراعة، حيث استطاع قائلها رسم صورة لواقع الأماكن المذكورة وما تجود به من خير للناس وما تشتهر به من منتجات زراعية في بضع كلمات..
القائل القديم تمنى رؤية وديان صنعاء وحقولها مثمرة بمحصول الذرة كمحصول موسمي تشتهر به المنطقة وهو المحصول الذي تصنع منه العصيد.
والبحر الأحمر مصدر للصيد والإدام.. وتمنى رؤية قاع جهران حقول قمح يانعة وهو المحصول الذي يشتهر قاع جهران بزراعته منذ آلاف السنين ويصنع منه الخبز ” الملوج”.
الجغرافيا والإنسان
وادي جهران جغرافيا؛ مساقطه من جبال يسلح من مرتفعات ضوران الشرقية فيلتقي برصابة أسفل جهران ثم يذهب إلى بني قوس من الحداء حيث تلتقي به أودية زراجة ثم تذهب في الحداء شرقاً فيلتقي بأودية ذمار في الشمال الشرقي من الحداء ثم تنضم إلى وادي مأرب.
عندما نتحدث عن قاع جهران فإننا نتحدث عن صوامع القمح والغلال التي يتوارثها اليمنيون جيلا بعد جيل.. نتحدث عن تاريخ الزراعة وعلاقة الإنسان بالأرض منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، نتحدث عن خصوبة المكان ورحم الحياة الذي تشكلت بتغيراته وألوانه الفصول وتفاعل معها الإنسان فرسم خارطة المواسم ووضع حسابات الأيام ومطالع النجوم ومواعيد المَتَالِم..
قاع جهران أرض وتراب وخصوبة وفصول ومواسم وأزمنة.. إنسان ومكان وحكايات ارتبطت بالحصاد، من حروفها وقمح حصادها ولدت الحضارات ومن مواسمها وفصولها تشكلت فصول التاريخ.
قاع جهران حكاية أرض وإنسان وصوامع قمح ومخزن غلال ومحاصيل خلدها التاريخ وسكنت ذاكرة اليمنيين منذ أزمنة وعصور الاكتفاء الأولى وحتى مجيء عصر الغزو الغذائي والاستيراد والغذاء المعلب والقمح القادم من وراء البحار..
قاع جهران يتلاشى اليوم وها هي مواسم القمح وأزمنة صوامع الغلال تباع بالقليل من لحظات القيلولة وسويعات الكيف الأخضر الذي يسرق منا الوقت والأرض والمحاصيل.
وقاع جهران في محافظة ذمار من أكبر القيعان في اليمن ومن أهم الأحواض الزراعية لكل المحاصيل، إذ يعتبر ثاني أكبر بنك زراعي للحبوب من القمح والشعير والذرة بعد تهامة، ويعتبر رافدا مهما للسوق المحلية من الخضروات وبعض الفواكه.
التاريخ والعمران
جهْرَان: بفتح فسكون ففتح. إحدى مديريات محافظة ذمار؛ تقع في الجزء الأوسط والشمالي منها، وإلى الشمال من مدينة ذمار (مركز المحافظة) على مسافة 15كم، يحدها من الشمال مديرية بلاد الروس، ومن الجنوب مديرية عنس، ومن الشرق مديريتا: الحداء ومدينة ذمار، ومن الغرب مديريتا: ضوران آنس والمنار. تبلغ مساحة المديرية 365كم2، ومركز المديرية مدينة معبر.
تضم المديرية 42 قرية تشكل 4 عزل هي: سفل جهران، علو جهران، المدراج، الموسطة.
يبلغ عدد سكان المديرية 87046نسمة، بحسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.
وقد ورد اسم جهران كاسم مدينة في النقوش اليمنية القديمة (هـ ج ر ن/ ج هـ ر ن)، وجهران في عصرنا الحاضر اسم لقاع يقع جنوب العاصمة صنعاء على الطريق منها إلى ذمار.. وجهران حقل واسع يمتد من أسفل نقيل يسلح باتجاه ذمار إلى القرب منها.. تبلغ مساحته حوالي 16 ألف هكتار، وتشقه الطريق التي تربط صنعاء بمدينة ذمار، والمار من هذه الطريق يشاهد على جانبي الطريق مئات المزارعين الذين يعملون في زراعة الأرض التي تعتمد على مياه الأمطار والمياه الجوفية، ويعتبر قاع جهران أحد الأودية حيث تأتي مساقطه من جبال يسلح من مرتفعات ضوران الشرقية فيلتقي برصابة أسفل جهران ثم يذهب إلى بني قوس من الحداء حيث تلتقي به أودية زراجة ثم تذهب في الحداء شرقاً فيلتقي بأودية ذمار في الشمال الشرقي من الحداء ثم تنضم إلى وادي مأرب.
وأغلب منتوجات حقل جهران: الحبوب بأنواعها والبطاط والطماطم وبعض الخضروات.
جاء في معجم البلدان أن مخلاف جهران يقرب من صنعاء ويعد في بلاد همدان، وفيه قرى منها ضاف وتفاضل وقرن عسم وقرن تراحب وقرن قباتل، ينسب إلى جهران بن يحصب بن دهمان بن سعد بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن حمير. وقال القاضي العلامة المرحوم محمد الحجري في كتابه (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) إن حقل جهران يرتفع عن سطح البحر سبعة آلاف وسبعمائة قدم تحقيقاً والقدم ثلاثون سنتيمتراً.
ومزارع جهران من الذرة والشعير والبر وأكثره على ماء المطر.. وفيه آبار كثيرة قريبة المياه على نحو ستة أمتار تسقى منها بعض الأراضي بنزع المياه على البقر والجمال.
وتشكل قرى جهران، حسب العلامة الحجري، في أعمالها مديرية من مديريات محافظة ذمار، وأهم هذه القرى: “الحلّه”: قرية أسفل قاع جهران.. “عسم”: بدون لام التعريف: بلدة وحصن في وسط قاع جهران.. “شناظب، عيشان”: قرية في سِفل جَهران بالشمال الغربي من مدينة ذمار.. “السنام”: بكسر ففتح، قرية في قاع جهران جوار قرية رصابة.. “إفق”: بكسر الهمزة وسكون الفاء، قرية في سِفل جهران، بالغرب الشمالي من مدينة ذمار بمسافة 21كم.. ومما يُذكر عن القرية أن بها حصن أثري قديم يشير الأهالي إلى أن فيه نفق ينفذ إلى أسفل الوادي.. “بني سبأ،خشران”: بفتح فسكون. قرية في قاع جهران، تُنسب إلى ذا حشران بن جهران بن يحصب.. تهدمت منازلها في زلزال عام 1982م.. “ضاف”: قرية في علو قاع جهران الواقع شمال مدينة ذمار ومن أعمالها، وهي قرية قديمة ورد ذكرها في بعض كتابات المسند، وكان قد زارها الرحالة الدانمركي (نيبور) عام 1761م وأشار إلى الأطلال والكتابات المحيطة بها، ثم جاء من بعده المستشرق النمساوي سيجفرند لينجر عام 1882م واستنسخ من هناك ثمانية نقوش.. “تفاضل”: بفتح التاء وضم الضاد، قرية في أعلا قاع جهر، ذكرها الهمداني ضمن قرى قاع جهران وما زالت قائمة إلى اليوم، وهي من المناطق التي تجود أرضها بزراعة الحبوب والبطاطا والطماطم والبصل وغيره.. “بني قوس، جبل العثماني”: قرية أسفل قاع جهران، بالقرب من قرية أفق.. “جبل صبيح، واسطة”: قرية في علو جهران، فيها حصن أثري قديم، وهي بجوار قرية قباتل المنسوبة إلى قُباتل بن جهران بن يحصب.. “بني فلاح، الكُولة، جبل قريس”: بفتح فكسر فسكون، حصن فوق قرية رصابة من أعمال ذمار، يطل على قاع جهران، وهو اليوم أطلال وخرائب وفيه آثار قديمة.
كما تحتوي المديرية على عدد من المواقع الأثرية وتمتد إلى عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الإسلامي، أهمها:
“ضاف”: تعتبر من أهم المدن الحميرية الواقعة في الأطراف الشمالية لقاع جهران، ويعود تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي، ومساكن القرية الحالية تحتوي على مجموعة من الأحجار الأثرية وعلى جدران مسجدها القديم يوجد أجمل النقوش المكتوبة بخط المسند..
“رصابة”: من القرى الكبيرة في محافظة ذمار، اشتهرت بخصوبة أرضها، وجودة منتجاتها الزراعية، ويحيط بها مجموعة مهمة من المواقع الأثرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، اشهرها “خرابة شاني”.. كما تشتهر رصابة بحليبها الطبيعي الطازج (حليب رصابة) والذي ينتج يومياً من أبقار توجد في مزرعة رصابة..
“وادي سربة”: يقع هذا الوادي إلى الشمال الغربي من مدينة ذمار بحوالي (15 كم) وهو وادٍ جميل به نبع ماءٍ دائم الجريان، بالإضافة إلى غابة من الأشجار والأحراش، ويُعد أحد المتنفسات الطبيعية التي يقصدها سكان المحافظة في العطلات والمناسبات.
“مدينة معبر” هي عاصمة مديرية جهران..
ومعبر هو اسم مشترك تحمله عدة قرى في محافظتي تعز وإب، وتقع معبر على الطرق.. والأشهر مدينة (مَعْبَر) عاصمة مديرية جهران في محافظة ذمار، والواقعة بالجنوب من صنعاء على مسافة 68كم في وسط قاع جهران الشهير بخصوبة أرضه عليها تشرع طريق صنعاء – تعز. وقيل أنها سميت كذلك لأن الطريق كان يفترق عندها إلى صنعاء شمالاً وإلى عدن جنوباً.. فكانت تعتبر معبراً إلى أكثر من طريق تؤدي إلى أكثر من مدينة.. و”معبر”: منطقة تحيط بها مزارع الحبوب ومختلف أنواع الخضار من البطاط والطماطم والبصل.. و”معبر”؛ بفتح فسكون ففتح مدينة وسط قاع جهران، تقع بعد منتصف طريق السيارات بين صنعاء ومدينة ذمار، اختطها في القرن الحادي عشر الهجري المؤيد محمد بن إسماعيل بن القاسم بن محمد المتوفى سنة 1097هـ قيل إنها سُميت معبراً، لأن الطريق كان يفترق عندها إلى صنعاء شمالاً، وإلى عدن جنوباً. كما أنها اليوم منطقة تفترق عندها أكثر من طريق، فمنها تشرع طريق: صنعاء – ذمار – إب – تعز.
كذلك تمر منها الطريق الحديثة إلى الحديدة عبر جبل الشرق – الحجيلة – باجل – الحديدة.. وهي اليوم عاصمة مديرية جهران، وقد توسع عمرانها وصارت مدينة كبيرة واسعة.. ومن أحيائها اليوم: حارة البنوس، بيت رافع، مدرسة الهمداني، الدائري، شارع آنس، الحدا، جامع الخير، المواصلات، شمسان، المجنة، الخزان، المدينة القديمة، وضيح، الوفاء، وغيرها.
ومعبر هجرة من هجر العلم التي كان يقصدها طلبة العلم، وكان قد سكنها إبراهيم بن أحمد الكينعي حيث نشأ وتفقه بها قبل أن ينتقل إلى صنعاء ليصبح من كبار رجال الفقه، ومن العلماء الزُهاد، وفيها مركز علمي لتعليم الناشئة العلوم الشرعية والعربية.
بذور مسوسة
وسائط إعلامية نقلت عن بعض المزارعين امتناعهم عن زراعة الحبوب كمنتج بكميات نقدية للتسويق بسبب دخول الحبوب الخارجية إلى البلاد بأقل الأسعار، وهو الأمر الذي أضر بالزراعة المحلية، وأن ما يزرعه المزارعون في قاع جهران لايبيعونه للسوق لذلك السبب، ويفضلون ادخاره في بيوتهم لتأمين الغذاء لهم ولأبنائهم.
وعبر مزراعون عن طموحهم: نحن هنا نقوم بزراعة أرضنا ونأكل من خيراتها هكذا كل عام ولم نحتج لشراء القمح من السوق أبدا، فقط ما ينقصنا هو عدم وجود حصَّادة لحصد ما نزرع.. مؤكدين أن الحصاد يكلفهم الكثير من الوقت والجهد هم وكافة أفراد أسرهم نساء ورجالا، ولو وجدت الحراثة لما استغرقوا من الوقت أكثر من ثلاث ساعات بالإضافة إلى أنه حين ينزل المطر بعد الحصاد مباشرة يتسبب في إتلاف ما زرعناه خلال عام.
واضافوا: نحن لا نريد أي دعم من أحد ما لا الداخل ولا من الخارج ففي أرضنا ما يكفينا، وإلا كيف اكتفى أجدادنا الذين لم يحتاجوا لأحد، فقط ما نحتاجه هنا هو وجود حصَّادات زراعية توفرها الدولة بسعر رمزي ونحن مستعدون أن نزرع كل الأراضي لدينا لأننا لم نزرع إلا جزءاً بسيطاً من الأرض التي نمتلكها، ولو وجدنا الدعم لزرعنا البقية، وبالنسبة للمنظمات الخارجية فهي أعطتنا بذوراً مسوسة زرعناها السنة الماضية وبعد أشهر طلعت لنا أشجار بدون ثمرة!!، ويقول بعضهم –ساخرا- لسنا بحاجتهم لأنه مفيش يهودي نصح لمسلم، الحمد لله لدينا في البيت ما يكفينا من الحبوب وغيرها ولا نشتري شيئا من السوق باستثناء السكر والأرز فقط.
وأكد مزراعون أن قاع جهران مهد زراعة متنوعة أغلبها من الخضروات والفواكه، وتزين المنطقة الكثير من مزارع الحبوب منها القمح والحبوب والبقوليات، كما تجد أبناء المنطقة يكافحون ويعملون في أغلب المزارع بجميع أفراد الأسرة؛ تراهم يعملون كخلية نحل.
وقال بعضهم: إن الأمطار غزيرة والسيول وفيرة ويحمدون الله على ما منّ به عليهم، ما يعانونه فقط هو أسعار السوق المتدنية لجميع المزروعات وأيضا استمرار العدوان والحصار الذي أضرهم كثيرا بعد أن زادت معاناتهم أثناء تسويق منتجاتهم إلى محافظات أخرى منها الحديدة وتعز حيث قُطعت الطرق وقصف العدوان عددا من السيارات في الطريق العام ومنعت منتجاتهم من الدخول إلى عدد من المحافظات المحتلة التي تسيطر عليها قوى العدوان من الغزاة والمرتزقة، فقد كانت تلك المناطق سوقا خصبا لتسويق أغلب ما تجود به محافظة ذمار من الفواكه والخضروات وغيرها..
وبرغم كل تلك الصعوبات التي يواجهها المزارعون اليمنيون إلا أنهم صامدون في مزارعهم وعلى أراضيهم الزراعية يحرثون ويزرعون ويحصدون وينتجون، راضون بالقليل، مصممون على هزيمة العدوان مهما كانت إمكانياته ومهما أمعن في استهدافهم في حياتهم ومعيشتهم..
الكثير من أبناء محافظة ذمار لا يبيعون الحبوب لعدة أسباب ففي سوق الحبوب في ذمار لا تكاد ترى فيه إلا القليل من منتجات الحبوب المزروعة محلياً وأغلب تجار الحبوب قد غادروا السوق إلى تجارات أخرى، وقد طغى المنتج الخارجي من الدقيق الأبيض والقمح الخارجي على السوق، نظرا لسعره البسيط ووفرته وذلك من الأسباب التي أدت إلى عزوف المزارعين عن زراعة الحبوب التي تتطلب الكثير من الوقت والجهد والمال كما يتحدث إلينا الجميع، وكذلك بعد موجة الجفاف التي مرت بها اليمن خلال العشرين السنة الفائتة واعتماد الناس على مزروعات أسهل وتتطلب مياهاً قليلة.
شجرة القات
إلى وقت قريب ظل قاع جهران محتفظا بميزته وكعهده الأبدي ظل ينتج قمحا ومحاصيل وبشرا، لكنه اليوم لم يعد كذلك بعد أن اتجه المزارعون فيه لزراعة شجرة القات التي يعتقدون أنها تدر أموالا أفضل وبدأت زراعته تنتشر انتشار النار في الهشيم..
بدون وعي يتسابق المزارعون على زراعة شجرة القات لدرجة التنافس وبناء الأسواق الخاصة ببيعها إضافة إلى العمارات والمحلات التجارية على جنبات الطريق الذي يقسم قاع جهران إلى قسمين لم يعد يرى المسافر فيهما غير مزارع القات التي تتسع رقعتها لتلتهم حقول القمح والخضروات والفواكه بسرعة جنونية.
شجرة القات غزت قاع جهران وبدأت تجتاح الكثير من المساحات الصالحة للزراعة بعد أن كانت مزروعة لأعوام وسنين بكافة أنواع الفواكه والخضروات والحبوب، حيث تناسى المزارعون أن شجرة القات لن تشبع جائعا في يوم الحصار وكذا أن محصول القات لن يغطي فاتورة الاستيراد من الأكل والشراب طوال العام لو كانوا يعقلون، لكنهم اتجهوا نحو الكسب السريع من وراء شجرة القات التي يبذلون لأجلها الجهد والمال والوقت، وأيضا تتطلب المياه بكثرة وبدأ الكثير منهم زراعتها في محميات وإن بدت بسيطة نظرا لتلف شجرة القات تماما في أيام البرد الشديد في المنطقة التي تصل فيها درجة الحرارة إلى أقل من الصفر، المهم أن شجرة القات أخذت في تزايد في تلك المساحات الكبيرة في قاع جهران وستتكاثر مع الوقت إن لم يتم تدارك الوضع الكارثي على المنطقة والبلاد وتقوم الدولة بواجبها في إيقاف ذلك العبث بالأرض وتشجيع المزارعين على زراعة الحبوب وتوفير بعض احتياجات المزارعين كالحراثات التي يطالبون دائما بتوفيرها في تلك المناطق.
اللا مبالاة
الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة مطالبة باتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة هذا الواقع المرير المتشبع باللامبالاة وكأن الأمر لا يعني أحداً ولا علاقة له بما يحدث إن لم نقل أن البعض يشجع ويدعم كل ما من شأنه تدمير الرقعة الزراعية واستهداف الثقافة الزراعية المتوارثة عبر الأجيال ومحوها من ذاكرة المزارع اليمني وإخراج جيل جديد يجهل الزراعة ويعتمد على الاستيراد.
سياسة اللامبالاة وترك الحبل على الغارب إلى درجة أن كل إنسان أصبح. حراً في استغلال ما يمتلكه من أراض ومزارع بالشكل والطريقة التي تتناسب مع تطلعاته الأنانية وأن تعامله بصورة سلبية تتعارض مع المصلحة الوطنية بل وتضر بالرقعة الزراعية اليمنية أمر يحتاج من الحكومة والجهات ذات العلاقة إلى إيقاف مثل هذه التصرفات التي تنفّذ من حيث لاتحتسب أجندات اقتصادية تخدم سياسة الدول المنتجة للقمح مثل أمريكا واستراليا التي تتحكم اليوم بقوتنا وتتسيد وتتحكم بموائد غذائنا اليومي بمنتجاتها الزراعية.
صحيح أن من حق كل مواطن أن يمارس حريته في كل ما يملك لكن ليس من حقه أن يحول ملكيته الخاصة إلى وسيلة وسلاح يستهدف به الوطن وأمنه الغذائي وتبديد ثرواته الطبيعية ومياهه الجوفية وتدمير ماضي وحاضر ومستقبل اليمن من خلال تجسيد وترجمة مفهوم الحرية بطرق خاطئة قد يؤدي السكوت عليها إلى كوارث لايحمد عقباها مستقبلا.
الحكومة وكل الجهات ذات الصلة بالحانب الزراعي معنية بالتحرك السريع لإنقاذ قاع جهران وغيره من القيعان والأودية ووضع القوانين والضوابط التي تحمي مناطق اليمن الزراعية وتحول دون العبث بها من أجل حماية أمن اليمن الغذائي قبل فوات الأوان.
المناخ
يعتبر مناخ محافظة ذمار بشكل عام وجهران منها خاصة معتدلاً صيفاً وبـارداً شتاء حيـث يبلغ معدل درجة الحرارة في فصل الصيف ما بين ( 28ْ-20ْ مئوية ) بينما تنخفض في فصـل الشـتاء ما بين ( 18ْ- (-) 1ْ تحت الصفر مئوية) أثناء الليل والصباح الباكر.
الغطاء النباتي
ينقسم الغطاء النباتي الطبيعي المتوفر في سطح المحافظة إلى نوعين: (أشجار معمرة – نباتات حولية).
وهذان النوعان يتوقف نموهما على الظروف الطبيعية وعلى موسم الأمطار والظروف المناخية السائدة في أجزاء المحافظة.. ففي المناطق الواقعة في الجنوب الغربي للمحافظة نجد غطاء نباتياً كثيفاً تكتسي به المرتفعات الجبلية ومدرجاتها كما هو الحال في مديريات وصابين وعتمة وما جاورها حيث تنمو وتتنوع الحشائش الحولية خاصة في فصل الصيف (موسم سقوط الأمطار) مثل الصباريات و العثرب وعشرات الأنواع من الحشائش والنباتات الحولية الأخرى إضافة إلى الأشجار المعمرة أهمها السدر ، العسق، الطلح ، التمر هندي (حمر) ، الطنب ويلاحظ تكاثر هذه الأنواع وتركزها على ضفاف الأودية ويقل الغطاء النباتي كلما اتجهنا شرقا حيث نجده يتركز في الأجزاء السهلية والقيعان كقاع جهران وفي بطون وجوانب الأودية وينحصر ببعض الحشائش و النباتات الصغيرة وأعداد قليلة من الأشجار المعمرة كالسدر والطلح.