الإصلاح والجنوب
عبدالفتاح علي البنوس
حل شهر رمضان في المحافظات اليمنية المحتلة ، بنهكة مغايرة ، نكهة تطغى عليها روائح العمالة والخيانة والارتزاق والغزو والاحتلال ، روائح الصراع والانفصال والتشظي ، ففي الوقت الذي ما يزال التوتر سيد الموقف في شبوة والمهرة وسقطرى وعدن وأبين والضالع ولحج في سياق صراع النفوذ والهيمنة بين السعودية والإمارات بواسطة أدواتهما المحلية الرخيصة ، التي تجردت من كل القيم والأخلاق والمبادئ ، وتنكروا لهويتهم اليمنية ،وتنصلوا من قضيتهم الجنوبية ، وعقب إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الحكم الذاتي في ست محافظات جنوبية تمهيدا لإعلان الانفصال بضوء أخضر إماراتي ، وحالة من التماهي والتناغم السعودي ،كل هذه المعطيات جعلت من الجنوب ساحة ملتهبة ، وسط توقعات بانفجار وشيك للوضع .
المشهد الجنوبي اليوم بات مثيرا للقلق أكثر من أي وقت مضى في ظل حالة الصراع والنزاع الدائر بين مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي ومليشيات حزب الإصلاح ، الصراع الذي يتنامى من يوم لآخر متجها نحو جولة جديدة من المواجهات المسلحة ، نذر تجدد المواجهات بدأت بإعلان مليشيات الإصلاح عن عملية الفجر الجديد والتي قالت بأنها تهدف إلى استعادة عدن من مليشيات الإمارات في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي ، وهو ما دفع بمليشيات الانتقالي إلى تعزيز صفوفها وتكثيف تواجد عناصرها في شوارع وأحياء مدينة عدن ، وعلى مداخلها والنقاط الأمنية المنتشرة على مداخلها والطرق المؤدية إليها ، تحسبا لأي هجوم على عدن من قبل مليشيات الإصلاح .
المرتزق هاني بن بريك نائب رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي شن هجوما لاذعا على حزب الإصلاح ، متهما إياه بالتآمر على الجنوب ، وقال بن بريك من مقر إقامته في أبوظبي بأن مليشيات حزب الإصلاح الإخوانية عملت على ادخار مقاتليها من القاعدة وداعش وذلك بهدف الدفع بهم لغزو المحافظات الجنوبية في محاولة منهم لتكرار سيناريو حرب صيف 94م، مشيرا إلى أن المخطط الإخوانجي الجديد لغزو الجنوب سيحتاج إلى فتوى إصلاحية لإضفاء المشروعية له ، حيث سيقوم القيادي الإصلاحي المرتزق عبدالله صعتر بإصدار هذه الفتوى لاستباحة الجنوب في عملية تبادل للأدوار مع الزنداني والديلمي اللذين أصدرا فتوى شرعنة حرب صيف 94م على المحافظات الجنوبية .
اتهامات بن بريك الذي يمثل أحد أذرع المحتل الإماراتي في الداخل الجنوبي ، تخللها التلويح للإصلاح بسقوط ما أسماه ورقة توظيف الدين في تصفية الحسابات السياسية والحزبية ، والتي لطالما استخدمها حزب الإصلاح في حروبه وصراعاته لدغدغة عواطف البسطاء من أبناء الشعب وخداعهم ، والتغرير عليهم لتمرير أجندتهم وتحقيق أهدافهم الشريرة ، التي لا صلاح ولا إصلاح فيها على الإطلاق ، مذكرا إياهم بأن أئمة وخطباء المساجد من الجنوبيين في الصفوف الأمامية للدفاع عن عدن والجنوب حسب تعبيره ، وهو ما يشير إلى قرب ساعة الصفر ، وأن الجنوب عامة وعدن على وجه الخصوص على موعد مع صيف دام بأموال وأسلحة سعودية إماراتية ، وقوده المرتزقة اليمنيين عملاء السعودية والإمارات ، الذين يمارسون مهام ( خدام خدام الجرافي ) .
بالمختصر المفيد، صراع المرتزقة أدوات الغزاة والمحتلين في الجنوب ، مدعاة للخزي والعار ، يتناحرون من أجل تمكين السعودية والإمارات من احتلال أرضهم واستباحة وانتهاك أعراضهم ونهب ثرواتهم ، والمشكلة أن الانتقالي الإماراتي الولاء ، والإصلاحي السعودي الولاء ، يحاولان التمظهر بالتعملق ، وأنهما أصحاب قضية ومشروع ، وأن كلاهما ينشدان مصلحة الجنوب والجنوبيين ، في حين أنهما مجرد أحذية وقباقيب في أقدام السعودي والإماراتي ، ولا مصلحة لهما من وراء ما تحاك من مؤامرات ضد الجنوب خاصة واليمن عامة ، وصراعهما يسهل على السعودية والإمارات تنفيذ مخططاتهما الاستعمارية التي تخدم وتعزز المصالح والنفوذ الأمريكي ، وتعزز من حماية وتأمين الكيان الصهيوني .
صوما مقبولا وذنبا مغفورا وعملا متقبلا وإفطارا شهيا وجمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .