د. جابر يحيى البواب
الفروسية، أو ركوب الخيل رياضة، أصالة، وسلوك!… الشجاعة والإقدام والرقي، مثال العزّة والكرامة والفخر والقوّة، صفاتٌ كم نفتقدها في زمنٍ طغى عليه كل ما من شأنه أن يشتت عقولنا وعقول أجيال اليمن السعيد، ويأخذهم بعيداً عن الثقافة والرياضة، والمحبة والتسامح والإخاء إلى عالم الصراعات والحروب والأوبئة والحصار والعدوان الذي فرض على شعب اليمن، وفرضه البعض على نفسه.. وسلوكه.. تاريخاً عريقاً وأصيلاً امتلكه اتحاد الفروسية والهجن لسنوات طويلة سنوات لم تخل أيامها وأسابيعها وأشهرها من أسماعنا وأسماع عشاق رياضة الآباء والأجداد أصوات صهيل جياد اليمن، وإمتاعنا بجمال منظرها والاستحواذ على أعلى درجات الانبهار والإعجاب من خلال استعراض مهارات وقدرات فرسان اليمن في المنافسات المحلية والدولية، سواء عبر منافسات قفز الحواجز أو عبر منافسات التقاط الأوتاد.
لم تخل مراحل نشاط مجلس إدارة الاتحاد العام للفروسية والهجن، من تحقيق الانجازات منذ العام 2005م وحتى العام 2018م، لكن مساحة هذا العمود لن تتسع لذكر كل ما أنجز وتحقق عبر هذا السنوات، لكنها تفسح لنا المجال لذكر أهمها وأفضلها، خلال الأعوام ما بين 2005م و 2010م حيث نظمت أفضل منافسات قفز الحواجز وعلى أعلى مستوى من الانضباط والالتزام بالقوانين واللوائح الدولية، ومنح الفرسان أغلى وأعلى الجوائز المالية والمعنوية، ومنحت الجياد في كل الجهات المشاركة أفضل درجات العناية والاهتمام الصحي والرياضي.
أما في العام 2008م تقريبا فقد منحت الجمهورية اليمنية عبر الاتحاد العام للفروسية والهجن أهم اعتراف وانضمام إلى منظمة “الواهو” العالمية للخيول العربية الأصيلة، وأصبح بالإمكان تسجيل الخيول اليمنية وغير اليمنية والتي يمتلكها اليمنيون بسجلات المنظمة، وحصولها على شهادات النسب وجوازات السفر بعد خضوعها لشروط المنظمة؛ وفي العام 2009م شاركت اليمن في أول مشاركة خارجية لفرسان قفز الحواجز ببطولة الوفاء بدولة سوريا الشقيقة من خلال فرسان فئة البراعم “الفارس الياس معاذ الخميسي (المركز الأول بطولة الوفاء) – الفارس إبراهيم فضل الغزالي (المركز الثالث بطولة الوفاء) – الفارس البراء فضل الغزالي – الفارس أحمد حسين القملي – الفارس عمر عبدالكريم الزبيدي”.
لقد شهدت رياضة الفروسية في اليمن تطوراً واسعاً وكبيراً في مختلف مجالات رياضة الفروسية الفنية والإدارية والمالية، فعلى الصعيد الفني سعى الاتحاد إلى مواكبة كل جديد وحديث على المستوى الإقليمي ودوليا فيما يتعلق بالتقنيات الرقمية في العملية التحكيمية من خلال إدخال نظام التحكيم الالكتروني عبر اقتناء جهز رصد زمن البداية والنهاية عبر كاميرات توضع على خط البداية والنهاية متصلة بجاهز الكمبيوتر، واستضافة خبير دولي مرشح من قبل الشركة المصنعة لتدريب لجنة التحكيم على هذا الجهاز الذي أصبح بعد ذلك الوسيلة المعتمدة في كل البطولات.
كما تم تنفيذ العديد من الدورات التدريبية والتأهيلية المحلية والدولية “مدربي قفز حواجز، التقاط أوتاد، حكام …”، عبر إدارة التدريب والتأهيل بوزارة الشباب والرياضة، وعبر التضامن الأولمبي والاتحاد الدولي للفروسية والاتحاد الدولي لالتقاط الأوتاد؛ كما استقطب الاتحاد خبراء في مختلف مجالات رياضة الفروسية، فمن دولة الجزائر الشقيقة وضمن بروتوكول تعاون بين الاتحاد اليمني والاتحاد الجزائري للفروسية تم إرسال مدربين أحداهما خبير في مجال الترويض ورسم خطط وبرامج تدريب قفز الحواجز والآخر لتدريب فئة البراعم والناشئين، إلى سوريا الشقيقة حيث تم استقطاب خبير في مجال الطب البيطري، متخصص في طب الخيول والعناية بها.
وفي نهاية العام 2010م كان الاتحاد على وشك إنشاء مدينة الفروسية والتي كان مقرها بجوار كلية الطب بجامعة صنعاء، مدينة وضع لها مخطط هندسي عالمي تضمن كل مجالات رياضة الفروسية من سباق السرعة وسباق القدرة واستعراض خيول الجمال وقفز الحواجز والتقاط الأوتاد، كما تضمنت المدينة مركزاً بيطرياً صحياً للعناية بالخيل، وجميع الملحقات، من مبانٍ سكنية وإدارية وخلافه.. بعد ذلك اللجام انقطع وأصبح الفرس والفارس في مسلك مكون من عدد كبير من حواجز الاختلالات الفنية والإدارية والمالية التي أوصلت رياضة الآباء والأجداد إلى نهاية مؤسفة بكل ما تعنيه الكلمة.