ونحن على أعتاب السنة السادسة عدوان : تحرير جنوب الوطن مسؤولية وطنية يا أنصار الله

 

عدنان باوزير

يتحمل أنصار الله مسؤولية وطنية ودينية وإنسانية في ضرورة تحرير الجنوب من الاحتلال وإنهاء معاناة أهله من عصابات مرتزقة العدوان كما تقع على عاتقهم مسئولية الحفاظ على وحدة اليمن .
أعرف أن هذه مسؤولية الجميع ولكن أرجوك دلني على طرف وطني آخر يستطيع الاضطلاع بتحمل هذه المسؤولية الجسيمة وأنا أشركه مع الأنصار !! ولا تقل لي مثلاً تهرباً : على أهل البلاد أن يحرروها بأنفسهم , نعم أتفق معك أنهم يُفترض أن يكونوا في الطليعة , ولكن لكل الشعوب والأقوام كبواتها , وقد تتعثر الأمم لكنها بتعاضد بعضها سرعان ما تعود وتنهض , ولم يقل أبداً أهل الشمال في فيتنام على أبناء الجنوب أو أهل (سايجون) أن يحرروا أرضهم , بل زحفوا لشطرهم الآخر من كل حدب وصوب وقاتلوا أقوى وأشرس احتلال في التاريخ المعاصر حتى أجلوا القوات الأمريكية عن كامل تراب فيتنام الجنوبية وأعادوا وحدة البلد في قصة كفاح وطني ملحمي طبقت شهرتها الآفاق .. ولا تحدثني – أرجوك – عن غياب الحاضنة فهذا (إن وجد) ليس بعائق , إنما الحكام الحاليون (أدوات العدوان) والحكام عموماً عبر العصور هم من أوجد مثل هكذا أعتقد وعملوا على ترسيخه في أذهان الناس كحقائق مسلَّمة لتحقيق وخدمة أهداف سياسية بحتة على قاعدة (فرّق تسد) المعروفة , بينما لا يصنع الحواضن الاجتماعية سوى التمازج الثقافي وعودة اختلاط مختلف فئات الشعب مع بعضها بشكل طبيعي يتعايش فيه الجميع بمحبة ويتقبلون بعضهم ويتفهمون طبيعة مشاكل ومظالم بعضهم بالحوار تحت سقف وطن كبير واحد اسمه اليمن , وهم بالفعل كذلك لولا ثقل وطأة الغزاة الجدد وأدواتهم من المرتزقة المحليين المتعاونين معهم , بعيداً عن حملات التفرقة المغرضة وإثارة الفتن والضخ الإعلامي الرهيب والممنهج الذي يستهدف تمزيق لحمة الوطن الاجتماعية , وإيغار نفوس الناس ضد بعضهم والحقن والشحن السلبي وبث سموم العصبيات والأمراض المناطقية المقيتة التي تعمل على بعثها وبشكل خطير ومزعج أطراف داخلية معروفة لا تمتلك أي مشاريع وطنية حقيقية , سوى تنفيذ أجندة دول العدوان المفضوحة في النيل من وحدة اليمن بغية تمزيقه واحتلال أجزاء عزيزة من اراضيه ونهب ثرواته وتجويع شعبه , لخدمة أطماع قوى استعمارية غربية كبرى شرهة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية , مع أن الاختلاف والتنوع إنما يُثري ثقافة ذلك المجتمع ويشكل عامل قوة لا معول هدم أو مشرط لتمزيق المجتمعات , مع التأكيد على عدم وجود ذلك على أرض الواقع وأن اليمن من أقصاه إلى أقصاه يمثل ثقافة واحدة ويمتلك قواسم مشتركة رئيسية واحدة ويتماهى اجتماعياً إلى درجة التطابق التام , ولكننا نقول ذلك (على افتراض) لنجاري ما يتشدق به أصحاب نزعات الانفصال ودعاة التشرذم والتجزئة والمشاريع الصغيرة لتبرير مزاعمهم المشبوهة بغرض تزييف الوعى العام و التشويش على عامة الناس بغية استدراجهم الى أوهام لن تقود إلا لمزيد من النكبات , فلا توجد أي عامل اختلاف يُذكر إلا إن كان المقصود به الاختلاف المناخي والتنوع الجغرافي، وهذه لعمرك ميزة اقتصادية وزراعية وثروة طبيعية كبرى .
ختاماً.. لعل من نافلة القول أن نؤكد وعينا الكامل بحجم الهجمة العدوانية الشرسة التي يتعرض لها اليمن عموماً ويتحمل الأنصار الدور الرئيسي والأكبر في مجابهتها لكونهم يتسنمون ويقودون وباقتدار معجز معسكر الصمود , ويتحملون شرف مواجهة العدوان الغاشم ويذودون بأرواحهم عن حياض الوطن ويدافعون عن كرامة وحرية اليمن ويحافظون على استقلاله وسيادته وسلامة أراضيه , ويبذلون مهجهم رخيصة في سبيل هذا الهدف النبيل ويقدمون تضحيات جسيمة لا يمكن وصفها ولا نستطيع بالكلمات ان نعبر عن مدى تقديرنا وامتناننا , ونعرف ظروف الحصار القاسية الجائرة التي تكبل انطلاقكم , ونتفهم أحكام الميدان وظروف الحرب وتكتيكات القتال , ونعرف عدد الجبهات المستعرة المفتوحة ضدكم على امتداد الوطن , ونعرف جيداً نوع العدو الذي تجابهونه ونفهم خبثه ولؤمه وإصراره الغبي على مواصلة عدوانه ومكابرته وغطرسته البليدة بعدم الاعتراف بالهزيمة لأن هذا من شأنه ان يودي بنهايته , فهو وبما يملك ترسانة أسلحة رهيبة وإمكانيات مالية كبيرة كأعظم إمبراطورية مالية في العالم سيستميت في تسخيرها لهدف تحقيق أي اختراق يحفظ له ماء وجهه وسيواصل وكعدو استراتيجي لليمن عدوانه الأهوج الأحمق لمحاولة النيل من صمودكم وسيبقى مرتزقته في الداخل متربصين بكم ومتحينين أي لحظة غفلة للانقاض عليكم كما هو دأبهم للأسف من بداية العدوان , وحملاته الأمنية الغادرة في العاصمة وغيرها من المناطق المستقلة والتي انفضت وتكسرت على صخرة يقظتكم وصمودكم ووفقكم الله في كشفها وتفكيكها وتجنيب اليمن ، كل اليمن، من شرها , وفوق هذا كله نقدر ونثمن مسؤولياتكم تجاه شعبنا في المناطق الصامدة في ظل انعدام الموارد والحصار وغياب البنك المركزي , ولا ننسى أننا ندرك وبأسى وقلوب مفطورة مرارة تجربتكم السابقة في عدن , ولكن الجميع يعرف أن لتلك الانتكاسة ظروفها المعروفة والتي لا يتسع المجال لاستعراضها هنا , ولكن بعبارتين فقط : الآن قد كفاكم الله شر غدر الحليف السابق , كما أن سنة أولى حرباً ليست كسنة سادسة , قد أصبحت الآن الثمرة ناضجة.
وأخيراً، نتفهم بوعي تقديراتكم وأولياتكم وخياراتكم الاستراتيجية , ونعرف الآن أن العيون والقلوب والجهود كلها منصبة نحو استكمال تحرير مارب وما يمثله هذا من تحد عسكري كبير , هذه المعركة الضرورة قد آن أوان استحقاقها ولأسباب عسكرية وسياسية واقتصاديه أنتم أدرى بها , وستفتح عاصمة سبأ ذراعيها لعناق رجال الرجال عندما تحين لحظة الحسم , وأنتم لها بعون الله وتوفيقه , ما أريد أن أختم به أنه بعد الفراغ من محطة مارب بعون الله يجب أن تكون الأولوية القصوى لكم هي الوصول عبر شبوة إلى ساحل البحر العربي , ولو كبداية عبر شريط ضيق لا يتجاوز بضعة كيلومترات , هذا الأمر استراتيجي جداً ومهم جداً جداً من وجهة نظري , لأنه عملياً سينهي الحرب فهو سيصيب مشروع العدوان في مقتل , سيقضي على أطماعه نهائياً ويوئد أحلام دعاة الانفصال والمشاريع الصغيرة , وسيحفظ لليمن وحدته إلى الأبد , ناهيك عن فوائده الأخرى وعوائده الكثيرة و تأثيره المعنوي إذ سيتداعى كيان المرتزقة وستعود بقية أجزاء الجنوب وبؤر الشمال العالقة إلى حضن الوطن طوعاً أو كرهاً بفعل هذا الانجاز الحاسم .
فلا تتأخروا الجنوب يستاهل وهو في أمسِّ الحاجة لتدارك أمره وإنقاذه من براثن الغزاة الطامعين الساعين لتمزيقه وتحويله الى ساحة حرب داخلية عبثية دامية ستحيله إلى ركام , وهم يعملون على هذا بدأب ومثابرة وبخبث ينم عن حقد دفين لا أستطيع في الحقيقة تفسيره .
هذه المسئولية تقع على عاتق كل أبناء اليمن المحبين الصادقين ويتوزع حملها على أكتاف جميع الأطراف الخيرة , وإنما أخاطبكم أنتم تحديداً أيها الأنصار لكونكم العمود الرئيسي الذي يتكئ عليه سقف الوطن وأنتم دعامته الأقوى وأسطوان عزته وسياج أراضيه بما شرفكم به القدر لتحمل هذه المسؤولية الجسيمة وأناط بكم القيام بهذا الأمر الجسيم ولعب الدور المحوري في صناعة اليمن الجديد , ولأنكم تمتلكون الإرادة القوية والصادقة والإمكانيات اللازمة والقيادة الحكيمة المستنيرة لتحقيق هذا الهدف النبيل .
اليمن الموحد المستقل السيد بقراره سيكون أقوى وأغنى بكل المقاييس بما حباه الله من موقع وثروات وشعب حكيم عظيم أذهل بصموده وصبره العالم , نعم هذا الشعب يستحق أن يعيش بمحبة وسلام ورفاهية ورخاء وأن يحظى بدولة تليق بحجم عظمته يسودها العدل والقانون والمساواة , وأن يبعث أمجاد حضارته الغابرة من جديد منطلقاً من عمقه العربي والإسلامي وبعده الإنساني وأن يستعيد بجدارة اسمه القديم من كتب التاريخ (اليمن السعيد)، فهل يا ترى ستنجحون يا أنصار الله في تحقيق ذلك ؟؟ وستنجحون.

قد يعجبك ايضا