التكتيك العربي وصهينة القدس
مها موسى
يتمخض الجبل ليلد فأرا هذا ما ينطبق فعليا على الأنظمة العربية التي تكاد تكون “عبرية ” ففي الماضي أقدم أحد المتطرفين اليهود على إحراق المسجد الأقصى عام 1969م ، حينها حلت ليلة ظلام بائد على إسرائيل حتى أن رئيسة الوزراء “جولد مائير” قالت ” لم انم طوال الليل، كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل افواجا من كل مكان ، وما أن أشرق الصبح أدركت أن باستطاعتنا فعل أي شيء نريد ” وأطلقت ضحكتها الساخرة إزاء ذلك بقوة.
1969م هو جزء من تاريخ الاستقلال العربي حيث كانت المقاومة العربية في أوجها، وكانت الدول العربية تتحرر من الاستعمار الغربي، وقد سميت هذه المرحلة بمرحلة الصحوة العربية وشعارات كثيرة من هذا القبيل، وعند هذه الحادثة الستينية المؤلمة لم تر القدس من هؤلاء العرب إلا الخذلان “فلا يذكر التاريخ هجوما عربيا عسكريا ضد الاحتلال الصهيوني ”
بل على العكس كان هذا الاحتلال هو من يهجم ويعتدي حتى على الدول العربية المجاورة لفلسطين، بعدها بدأت الأحداث تتوالى بسرعة تجاه القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال الصهيوني حتى جاء ترامب الأمريكي في 2020م ليعلن أن القدس الفلسطينية عاصمة رسمية “للاحتلال الصهيوني”.
80 سنة خاوية من الرد الإسلامي العربي الحقيقي ، تبعتها تسابق عربي مخزي للتطبيع بشكل علني فرئيس مصر عبدالفتاح السيسي يقول ” إسرائيل دولة ولازم نتعايش معها ” وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يفتح أراضي نجد والحجاز للإعلام الإسرائيلي ويطلب من شعبه أن يتعاملوا مع ذلك بكل أريحية ، أما الأردن جارة فلسطين فقد جعلت من نهر الاردن مسقى نقيا لإسرائيل المحتلة لفلسطين شقيقتها، وسفراء البحرين وعمان يحضرون ليصلون على ضحايا حادثة الهولوكوست اليهودية التي تسبب بها هتلر الألماني.
مجمل هذه المواقف للحكام العرب يقولون عنها تكتيك عربي وأن كل هذا لمصلحة القضية الفلسطينية والفلسطينيين، وما هو إلا تكتيك لصهينة القدس ، وذلك حتما يخدم مصالحهم ، فمواقفهم هذه تنبع من مصالحهم الشخصية المرتبطة بكيان اليهود ، وقد سعت إسرائيل لوصولهم حكاماً على شعوب هذه الدول، اما الأنظمة العربية الحقيقية التي ناهضت ولا زالت تناهض هذا المشروع فقد عملت إسرائيل من خلال امريكا وعملائها في الوطن العربي على تدمير مقومات دولها كليا وانهكتها بأزمات خانقة ” فليبيا تعيش منذ ما يقارب 8 سنوات في ظل صراع أقرب للصراع الدولي ، واليمن تختم عامها الخامس في ظل عدوان وحصار لا سابق له ، وسوريا تعاني من بقايا حرب استنزفتها، والعراق يعاني انقسامات داخلية وثورات داخل أخرى، ولبنان يعيش فترة مخاض مطالب شعبية حقة وظفتها الأجندة الخارجية لصالحها وحكومة سلحفاة لا تراعي المصالح الوطنية.
ومن لم يدخل من الدول العربية المتبقية في صراع مباشر مع أمريكا وأدواتها في المنطقة تعرض لحرب سواء سياسية أم اقتصادية.
وهذا ما يؤكد أن التكتيك العربي هو صهينة للقدس بل وللدول العربية والإسلامية وبيع للمقدسات، فما يسمى بصفقة القرن ليست فقط على القدس بل كل ما هو مقدس في الوطن العربي والعالم الإسلامي سينطوي في هذه الصفقة.