إحياء ذكرى الشهيد.. الأهمية والأهداف
نوال أحمد
في هذا الشهر وفي هذه الأيام ؛ من الثالث عشر من جمادى الأولى إلى الثامن عشر منه نحن على موعد مع مناسبة غالية على قلوبنا جميعا ً؛ مناسبة مهمة اعتدنا على إحيائها في كل عام من هذا الشهر ؛ ألا وهي ”الذكرى السنوية للشهيد“ وهي من أعظم وأهمّ المناسبات بما تحمله من مضمون ومن دلالات ؛ وبما تحتاج إليه الأمة؛ خصوصاً في هذه المرحلة المهمة والخطيرة والحساسة؛ حيث وبلدنا على أبواب عام سادس على التوالي يواجه عدوانا ظالماً باغياً؛ من قوى الش، والطغيان والإجرام؛ عدوانا أمريكياً سعودياً إماراتياً لا يألو جهداً في ارتكاب أبشع وأفظع الجرائم والانتهاكات بحق هذا الشعب اليمني العزيز الكريم المظلوم.
في هذه الذكرى العزيزة والغالية؛ الذكرى السنوية للشهيد التي هي ذكرى للعزّ والإباء؛ ذكرى للثبات والشموخ ؛ لكل قيم الحق والخير والعدالة ؛ ذكرى تُحيي فينا روح المسؤولية من جديد ؛ وتزيدنا عزماً إلى عزمنا ؛ وثباتاً في مواقفنا ؛ وتعزز من صمودنا في مواجهة الأخطار والتحديات.
عندما نُحيي الذكرى السنوية للشهيد ؛ فذلك لنُحيي فينا روح الشهادة ؛ ولنُحيي ونُرسِّخ في واقعنا مبدأ الشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى؛ وفي سبيل الحق؛ في إقامة العدل ومواجهة الظلم والطغيان والإجرام ؛ خصوصاً ونحن في هذا العصر نواجه كشعوب مستضعفة تحديات كبيرة؛ مرحلة نواجه فيها قوى الطغيان العالمية.؛ نواجه قوى الاستكبار بأياديها الإجرامية بمكرها وخداعها وطغيانها في داخل مناطقنا وشعوبنا.
ولذلك مهما كانت التحديات ؛ ومهما كانت الصعوبات والأخطار ؛ فإن أمةً تعشق الشهادة في سبيل الله تعالى هي ستظل أمةً صامدة وثابتة وقوية ؛ لا تهزها العواصف الجِسام؛ ولا تنحني أمام الأحداث الكبيرة؛ وستبقى هي الأمة التي لا تُكبّلها قيود الخوف والمذلَّة؛ أمةً لا تُستَعبَد بالترهيب؛ ولا تُستضام ويُهيمَن عليها بالسطوة والجبروت والبطش من قِبَل الطغاة والظالمين والمجرمين.
لهذا فمن المُهم جداً إحياء هذه الذكرى ؛ والاهتمام بهذه الثقافة ثقافة الجهاد والاستشهاد في سبيل الله تعالى؛ التي تُحيي فينا روح العزة والإباء في زمنٍ نحن أحوج ما يكون فيه إلى أن نُرسّخ في أنفسنا العزة؛ وأن نحيي في وجداننا الإباء ؛ في زمن سعت وتسعى قوى الإجرام والطغيان وبكل وسائلها وأساليبها البطشية؛ إلى غزونا ثقافياً وفكرياً بإعلامها المضلل وبالعمل غير المشروع لمنظماتها الخبيثة إلى أن ترسخ في نفوس أبناء هذا الشعب وكل الشعوب ثقافة الهزيمة؛ وروح اليأس والاستكانة ؛ لغرس حالة الإذلال والقبول بالهوان؛ لأنها ترى في ذلك السبيل المُيسّر للهيمنة على المستضعفين والتحكم بشؤونهم وبمصائرهم ؛لذلك نحن بثقافتنا القرآنية ”ثقافة الشهادة“ كشعوب مستضعفة مسلمة نحيي في أنفسنا العزة والكرامة ؛ وترسيخ الهوية الإيمانية والتمسك بها، نُحيي في أنفسنا كل عوامل الثبات والمنعة والصمود ؛ والعوامل التي تمُدنا بالأمل في مواجهة اليأس؛ وبالقوة في مواجهة الضعف؛ وبالعزة في مواجهة الذلة لنكون بمستوى مواجهة التحديات؛ بالتوكل على الله تعالى والاستعانة به ؛ والاعتماد عليه في تمكّننا من اكتشاف عناصر القوة التي نختزنها في ما وهبنا الله كشعوب مستضعفة من إمكانات ومقدرات نفسية ومعنوية ومادية وثقافية وفكرية ؛ استفدنا ونستفيد منها كعوامل قوة وثبات وصمود أمام العدوان والحصار والظلم الحاصل على بلدنا وشعبنا.
ففي إحيائنا لذكرى الشهيد ؛ هذه المناسبة الغالية والمقدسة؛ نستذكر فيها كل الشهداء عبر التاريخ؛ ومن مختلف الأزمنة والمناطق والبلدان وإلى يومنا هذا؛ الشهداء الأطهار وفي مقدمتهم الأنبياء والصديقون ؛ ومن كافة المؤمنين المجاهدين في كل العصور وفي كل البلدان؛ في صدر الإسلام الأول في يوم بدر وأُحُد في مقامات الإسلام وأيامه الخالدة؛ إلى شهداء عصرنا في فلسطين الجرح النازف لأمتنا الإسلامية؛ إلى العراق إلى لبنان ؛ وفي كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي سقط فيها شهيد ؛ بذل نفسه وروحه لله ونصرة للدين ولعباد الله المستضعفين وصولاً إلى مسيرتنا المباركة والمُظفرة ؛ نستذكر شهداءنا العظماء؛ ونستلهم الدروس ونأخذ العِبَر من هذه المناسبة المهمة؛ وما نقوله عن الشهداء ؛ وكل ما يُقال وكل ما قد قيل ؛ لا يصل ولا يرتقي إلى مستوى ما حكاه الله عنهم فعندما نتحدث عن شهدائنا الأبرار نتحدث عن أساس موقفهم فهم امتازوا بعدالة القضية ومشروعية الموقف؛ وقداسة النية والمقصد والهدف؛ وعظمة القيم والأخلاق ؛ وسلامة واستقامة الممارسة والسلوك.
إحياء الذكرى السنوية للشهيد ؛ معناه تجديد الوفاء للشهداء؛ الحفاظ على المبادئ والقيم التي ضحوا من أجلها؛ معناه التأكيد على المُضي على الدرب الذي مضى عليه الشهداء ؛ التأكيد على الحفاظ على الهوية الإيمانية ونصرة الدين القويم ؛ صون مسيرتنا القرآنية المقدسة العظيمة من أن تشوبها الأشياء التي قد تسيء إلى قداستها ؛ وإلى قداسة قضيتها وإلى مستوى تضحياتها وبذلها وعطائها.
هي مناسبة تُذَكر المجتمع بالمسؤولية أمام تضحيات الشهداء؛ وتجاه أسَرّهم التي تركوها أمانة في أعناق المؤمنين ؛ واستشعار الواجب الذي يفرضه ديننا وإيماننا في السعي إلى تعزيز روح الاستعداد العالي للتضحية والإصرار على الحياة الكريمة أو الشهادة بكرامة في مواجهة الإذلال والاستعباد .