اليمن وتغيير مسار المعركة!؟
عبدالملك سام
تتسارع الأحداث في السعودية بشكل غريب منذ وصول محمد بن سلمان إلى القصر الملكي كولي لولي العهد، وهو منصب تم تصميمه بالمقاس بعد أن تم تنحية أمراء آخرين بمساعدة نفوذ محمد بن نايف الذي تم تعيينه وليا للعهد، وماهي إلا مدة حتى تم تنحيته من المنصب بعد أن تم حسم السباق بينه وبين محمد بن سلمان لنيل تزكية البيت الأبيض قيل حينها أن الثمن كان ما يقارب 450 مليار دولار تعهد محمد بن سلمان بدفعها على أقساط لمدة عشر سنوات!
السؤال هنا هو لماذا استعجل البيت الأبيض التغيير رغم أننا نعرف انه لا فرق لديهم فيمن يحكم طالما والجميع موالون للسيد الأمريكي؟!
لا أدعي أنني أعرف الأسباب على وجه التأكيد، لكن لدي فرضيتين للموضوع، الأولى أنه في ظل موجة التغييرات التي تمت في الوطن العربي أو ما اطلق عليه أسم “الربيع العربي” كانت معظم الدول الخليجية معرضة لخطر وصول الحماس الثوري إليها، وهو حماس لا يمكن السيطرة عليه كما تم في دول أخرى، لذا كان يجب على الإدارة الأمريكية أن تجد نوع من التغيير دون أن تفقد السيطرة عليه خاصة وهذه الدول فيها أقليات شيعية تتوق للتخلص من الهيمنة والاضطهاد، وهذه الجماعات ليست برغماتية مثل جماعة الإخوان المسلمين بل أن عدائها للإمبريالية الأمريكية يفوق عداء الأحزاب الشيوعية بمراحل حيث يعتبر معاداتها للسيطرة الغربية والاحتلال جزء من عقيدتها، وقد اعتبرت الولايات المتحدة ما حدث في البحرين من ثورة شعبية دليل على خطورة الوضع وامكانية أن يصل مد الثورات إلى باقي الدويلات النفطية الخاضعة للسيطرة الأمريكية. هنا كان يجب عليها أن تفكر بإحداث تغييرات لشكل هذه الأنظمة بحيث تبقى مهيمنة على المشهد خاصة وقد وجدت صعوبة في السيطرة على الوضع في بعض البلدان مثل لبنان والعراق وسوريا واليمن..
السبب الثاني لهذا التغيير هو القضاء على القدرات المتنامية للجماعات التكفيرية التي تم تقويتها عبر أجهزة الاستخبارات الغربية للقضاء على محور المقاومة. ولكن مع مرور الزمن أثبت محور المقاومة قدرته على الصمود في وجه هذه الهجمة الشرسة والتي سقطت في اليمن أمام حركة أنصار الله ثم توالت الهزائم التي لحقت بالذراع الأمريكية في سوريا ثم العراق وتراجع دور هذه الجماعات التي بدأت تبحث عن ملاذ لها، والمشكلة التي واجهت أمريكا هو ان هذه الجماعات المسلحة تحتاج إلى تمويل دائم في ظل تراجع اقتصاد الدول الداعمة التي أنفقت مليارات الدولارات لتمويل أنشطتها، لذا كان لزاما أن تأتي لحظة ليتوقف هذا الدعم وكانت الخطورة أن تعرض هذه الجماعات خدماتها على دول مناهضة للمشروع الأمريكي خاصة وقد اصبحت لديها خبرة قتالية لا يستهان بها، هنا نستطيع أن نفهم لماذا كان لزاما تغيير الأنظمة الخليجية من ناحية الشكل وسبب انقلابها على هذه الجماعات وظهور التوجه “المنفتح” الشبيه بالنظم العلمانية تدريجيا وبشكل واضح في مصر والسعودية والإمارات خلافا للنظم المتزمتة القائمة، ويبقى على الإدارة الأمريكية العمل على منع عودة هذه الجماعات إلى هذه الدول ومحاولة الإبقاء عليها في دول محور المقاومة حتى تنتهي وهو ما قاله السيد حسن نصر الله في خطاب له حيث أكد على هذه النقطة.
إن ظهور حركة أنصار الله في اليمن بقيادتها الشابة قد احدث تغييرا في مسار المعركة، وكان استخدام تجربة اللجان الشعبية الفعالة سببا لتغيير استراتيجية المعارك عندما تبنت الدول في محور المقاومة هذا التوجه وأنشأت كيانات مشابهة أثبتت فاعليتها كما حصل مع الحشد الشعبي في العراق وسوريا، ويبقى أن نتابع في قادم الزمن نتيجة هذا التوجه الذي سيغير وجه الصراع في المنطقة لمصلحة الشعوب لتنتهي حقبة امتدت لقرون عدة من الاحتلال ونهب الثروات وأنظمة عميلة فاسدة عملت على إبقاء هذه الدول غارقة في المشاكل والفقر والمرض والجهل بينما كانت تنعم دول الاستعمار بالثروات العظيمة التي حباها الله لهذه الدول. ولعلنا لا نبالغ إن قلنا أن التغيير الذي أحدثته حركة أنصار الله في اليمن كان هو الذي قاد هذا التغيير لتتابع الأحداث بشكل دراماتيكي لتصل إلى هذه النتيجة غير المتوقعة.. أنها معركة الخلاص لدول المنطقة والتي لابد ستنتهي وستغير وجه العالم إلى الأبد.