الضربات الاقتصادية من وراء عمليتي “توازن الردع” و”نصر من الله”
د. هشام محمد الجنيد
قال الله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ) من الآية (36)، سنلاحظ أن من مقاصد هذه الآية الكريمة ما ينطبق على النظام السعودي في إنفاقه ضد كل ما يتعلق بالشأن الإسلامي ومن ذلك عدوانه على بلادنا وتمويل تكاليف الحروب في المنطقة وتمويل الجماعات الإرهابية والمسلحة.
من المعلوم أن القوة المركزية لنظام بني سعود هي المال، والاقتصاد السعودي يعتمد بالدرجة الأساسية على الريع النفطي من مبيعات النفط (المال)، فهو إذن اقتصاد ريعي يعتمد على استثمار شركات النفط الأجنبية، كونه نظاماً تخلو منه الأهداف القومية والوطنية، نظام تخلو منه المسؤولية الإسلامية، ما يعني أن فلسفة هذا النظام الحقيقية مركبة على اتباع مسار الصد عن سبيل الله وباسم الإسلام، وإذا ضعفت قوة هذا النظام المالية، ضعف نفوذه وتدخلاته الشيطانية في الشأن الإسلامي، أي سيصبح النظام السعودي بدون المال عاجزا عن تمويل الإرهاب والحروب الدائرة في المنطقة. ولكن في بلادنا يختلف الأمر تماما، بدون المال لا يصبح النظام السعودي الرافض لمبادرة صنعاء للسلام عاجزا عن استمرار عدوانه على بلادنا فحسب، بل سيصبح هذا النظام في خبر كان، سيزول من خارطة الجغرافيا السياسية، هذه فرضية ولكنها صحيحة، أي ستكون نتائجها حقيقية إذا ما استمرت القوات اليمنية المشتركة (الجيش واللجان الشعبية وكل الأحرار في اليمن) في دفاعها المشروع ووفق توجيهات القائد علم الهدى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وعلى ضوء المسيرة القرآنية.
والحرب الدفاعية للجيش واللجان الشعبية منظمة منذ بداية العدوان على أساس صد زحوفات العدوان والهجوم الدفاعي المشروع وفي إطار استراتيجية الاستنزاف (حرب النفس الطويل)، إذ لا مفر لنا منها، نظرا لتواضع امكاناتنا في مواجهة هذا العدوان الكوني، وبالتالي كان لزاماً علينا مرافقة هذه الاستراتيجية بالصبر الاستراتيجي، ولا مناص لنا كمؤمنين إلا أن نتحمل تبعات الصبر في القتال في سبيل الله لمواجهة هذا العدوان ولمواجهة حصاره وإرهابه الاقتصادي، وإلا متى يكون الصبر؟. ولماذا أوجب الله سبحانه وتعالى الصبر في القرآن الكريم؟.. وللصبر فوائد عظيمة في الدنيا – ومنها النصر – والآخرة، وليس مفهوم الصبر تثبيط الهمة والجلوس أو الاكتفاء بالدعاء وتحمل تبعات الحصار والحرب الاقتصادية دون وجود المقاومة الإسلامية العسكرية ودون وجود العمل للانتاج في مختلف المجالات وبحسب الإمكانات.
لقد خسر نظام بني سعود منذ فترة عدوانه على بلادنا آلاف المليارات شاملة ما ينفقه على ترامب وغيره، وأكبر العمليات التي أوصلت العدوان إلى مرحلة التهديد الحقيقي بالقضاء على اقتصاده الريعي هي حتى الوقت الحاضر العملية الجوية الثانية من عملية توازن الردع على منشأتي ارامكو إضافة إلى العملية الجوية الأولى من هذه العملية ضد حقل الشيبة وكذلك عملية نصر من الله البرية بمرحلتيها الأولى والثانية، إذ نتج عن الهجوم الدفاعي المشروع لقواتنا المسلحة الجوية في عملية “توازن الردع” ضرب العمق الاقتصادي السعودي ليخسر على إثرها يوميا (50%) من المبيعات النفطية، وتتوازى مع هذه الضربة الاقتصادية عملية دفاعية مشروعة “نصر من الله” وتحرير أكثر من (500) كيلو متر مربع من قطاع نجران، وترتبت عليها أيضا خسائر مالية فادحة في قيمة العتاد والقطع العسكرية في المرحلتين من هذه العملية، وتضاف هذه الخسائر إلى خسائر هذا العدوان الاقتصادية السابقة المتراكمة، وتؤكد وكالة رويترز أن البورصة السعودية في خسائر متواصلة على التوالي منذ أحد عشر شهرا، وهو مؤشر قوي جدا يعكس الضعف الحاد للاقتصاد السعودي، ومؤشر لتفكيك وانهيار النظام إذا ما استمر في عدوانه الإجرامي.
وإلى جانب الخسائر المالية والعسكرية الميدانية (العجز) هناك الخسائر المعنوية والنفسية وغيرها من حالات الخزي والإساءة والذل الذي لحق وما زال بعناصر بني سعود على مسمع ومرأى الشعوب العالمية من سيدهم ترامب. السؤال: كيف ستكون الأوضاع الاقتصادية والمالية في السعودية إذا ما تكررت الضربات الاقتصادية الدفاعية المشروعة لقواتنا المسلحة على منشآت نفطية واقتصادية أخرى ؟ من أين سيدفع النظام السعودي المال لمقابلة تكاليف عدوانه؟ هل يستطيع أو يتجرأ على سحب أمواله السيادية من بنوك امريكا وأوروبا ؟.. فلماذا إذن لم يرضخ لمبادرة صنعاء بإيقاف العمليات الجوية وإنهاء الحصار والحرب الاقتصادية ؟. هل هو عاجز لرفض امريكا – من تحت الكواليس – المبادرة أم أنه وصل إلى مرحلة العمى نتيجة حجم الذنوب التي نعجز عن حصرها ؟.
وفي كل الأحوال فقوانين التاريخ قد أثبتت أن الظالم / القيادة الظالمة لها نهاية حتمية، والنظام السعودي يعيش لحظات الإرباك والتخبط والخزي ونهايته ستكون مدوية على مشارق الأرض ومغاربها، وبإزالة هذا النظام الشيطاني، فإن شعوب المنطقة ستتنفس الصعداء وستعرف من كان بالأمس العدو ومن كان بالأمس الأخ والصديق، ستتجه شعوب الدول الإسلامية شيئا فشيئا على إثر الخارطة السياسية الجديدة نحو التنمية والبناء والتعاون والوحدة والدفاع عن القضايا الإسلامية كأمة إسلامية واحدة ووفق منطق الاقتداء المنظم بنصوص القرآن الكريم.