حسن الوريث
ملايين وربما مليارات يتم ضخها في الرياضة من قبل أحمد العيسي يستعيد معظمها على اعتبار أنه يدفعها كسلفة للرياضيين من أمواله الخاصة ثم يستعيدها والقليل منها يتم توزيعه هنا وهناك كمساعدات وهبات للأندية واللاعبين والمحوشين وجوقة المطبلين الذين يتحدثون عن كرم العيسي وبذله وعطائه السخي للرياضة والرياضيين..
كان لابد من هذه المقدمة للدخول إلى موضوع خطير ربما لم يتحدث عنه أحد من قبل أو حتى التلميح به، والسبب هو الخوف من الخوض فيه خاصة أن العيسي كان يمتلك القوة والسلطة والمال وبإمكانه ليس أن ينفي علاقته بالموضوع فقط ولكن باستطاعته أن يلحق الضرر الكبير بمن يتحدث عن الموضوع أو يثيره سواء على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي، وبالتأكيد أن هذا ما جعل الكثير يحجمون عن إثارة الموضوع تفاديا لأي ضرر قد يصيبهم منه، وأنا هنا سأبدأ بفتح الموضوع ويمكن للجهات المختصة التأكد منه والبحث عن الخيوط التي يمكن أن تدلنا على الحقيقة..
لا شك أن الموضوع يتعلق بغسل الأموال التي يكسبها العيسي من التهريب والتجارة غير المشروعة في النفط وغير النفط وذلك عن طريق الرياضة وهي الطريق الأسهل له بدلا من القيام بالعملية عن طريق تجارة أخرى قد تكشفه سريعا لكن الرياضة هي الطريق الأمثل للقيام بعملية غسل الأموال والتستر بها وبجمهورها العريض الذي يعتبر الإنفاق على الرياضة ودعمها من باب التشجيع والحب لها ولا يعلم أن الإحسان وراءه أشياء أخرى غير حب الرياضة وتشجيعها، لكنه جمهور طيب وعلى نياته لا يدري ما وراء الأكمة من أعمال وأن دعم الرياضة ما هو إلا للتستر على النشاط الحقيقي للبعض..
وكما نعرف أن غسل الأموال هو عمليةُ تحويل كميات كبيرة من الأموال التي تمَ الحصول عليها بطُرق غير قانونية إلى أموالٍ نظيفة وقابلة للتداول في النشاطات العامّة لإخفاءِ وتغطية المصادر التي يتم من خلالها كسب الأموال من خلال استخدام وسائلَ استثمارٍ غير مشروعة ومن ثم تستثمر أرباحها في نشاطاتٍ مشروعة وقانونيّة ،وبالتأكيد أن غسل الأموال من الجرائم التي يعاقب عليها القانون بسبب تأثيرها السلبي على اقتصاديات الدول، حيثُ تتيح هذه الجريمة للمجرمين إمكانية التصرّف بالأموالِ المغسولة وتوظيفها في مجموعة من النّشاطات العامة عن طريق إخفاء مصادرها غير المشروعة، كما تُساعدهم في التوسّعِ في أعمالهم غير القانونية وكسب المزيد مِنْ هذه الأموال، وبالتالي فإن دفع الملايين من قبل العيسي والبعض الآخر بهذه السهولة ليس من أجل سواد عيون الرياضة وجمهورها الواسع فليس هناك شخص بهذه السذاجة يمكن أن يدفع ملايين دون أن يكون هناك أي مردود منها وحتى تلك الأموال التي تدفع في الرياضة ودعمها ليست إلا واجهة لنشاط آخر وأنها تخفي وراءها أموراً مشبوهة، والرياضة هي أقصر الطرق للحصول على غطاء مناسب، إذ لا يمكن أن يدفع الإنسان ملايين إلى الشارع بدون أي فائدة تذكر وحتى ما يقال عن أنه يدفع هذه الملايين من أجل الشهرة وكسب ود الرياضيين لا يمكن أن يقنع أحداً..
عموما يمكن للأجهزة المعنية بمكافحة جرائم غسل الأموال أن تفتح تحقيقات في الموضوع وتعمل على تتبع الموضوع وتلك الأموال التي تأتي من التهريب وأشياء أخرى ويدخل البعض منها في الرياضة لإعطائها المشروعية وتتبع كل المحيطين به ،ولا شك أن النتائج ستكون مذهلة وسيعرف الجميع مصادر تلك الأموال ودورانها حتى تنال الصبغة القانونية وتذهب عنها الشبهة وما يمكن أن يجعل الجهات المختصة تدقق في الأمر على اعتبار أن هذا المحسن الكبير يساعد الرياضيين ويدعم الرياضة لنيل الأجر والثواب..
مما لاشك فيه أن البعض سينبري للدفاع عن العيسي وبالتأكيد أنه سيدفع مقابل الدفاع عنه وستكون هناك حملات منظمة ومدفوعة الأجر لمحاولة تبرئة الرجل، لكن وبعيدا عن التعاطف علينا إتاحة الفرصة للأجهزة واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للقيام بمهمتها في البحث والتقصي والتحري بوسائلها الخاصة وتقنياتها المعروفة وعلاقاتها مع نظيراتها الدولية لمعرفة ما إذا كانت هناك شخصيات أو جماعات تستخدم الرياضة لغسل الأموال، ونحن نكون بهذا قد حافظنا على اقتصادنا وبلدنا من أي عابث يستغل قصوراً ليس في القوانين فقط ولكن في الوعي من أجل تحقيق مصالحه الخاصة على حساب مصلحة البلد والشعب وأتمنى أن تصل الرسالة لمن يهمه الأمر.