معركة مارب أولى المواجهات‮.. ‬والشراعي‮ ‬والمحبشي‮ ‬أول الشهداء ومصر و”الاتحاد السوفييتي‮” ‬أول المعترفين



تشكيل مجلس قيادة الثورة وإعلان الدستور المؤقت أهم قرارات العهد الجديد

البيان الأول‮ ‬يلهب حماسة الجماهير للتسابق نحو تلبية نداء الوطن والثورة

إبراهيم الأشموري

‮> ‬هناك أحداث ومواقف هامة في‮ ‬حياة الشعوب تظل عالقة في‮ ‬ذاكرة الأمم ولا‮ ‬يمكن أن تتأثر بتقادم السنين والأيام‮..‬
من هذه الأحداث على صعيد الأمة اليمنية تلك التي‮ ‬أعقبت إندلاع شرارة ثورة الـ26‮ ‬من سبتمبر من عام‮ ‬1962م التي‮ ‬حملت للإنسان اليمني‮ ‬بشرى الخلاص من حكم الاستبداد والظلم والاستكبار الإمامي‮ ‬الذي‮ ‬توارى خلف الزمن بفعل الضربات الموفقة من قبل الأبطال الميامين والضباط الأحرار الذين سطروا أروع ملاحم الاستبسال والبطولة في‮ ‬مواجهة جبروت النظام الإمامي‮.. ‬فكانت ليلة الـ‮ ‬26‮ ‬من سبتمبر التاريخ الفاصل بين عهدي‮ ‬الحرية والعبودية ولحظة فارقة بين الماضي‮ ‬التخلف والمستقبل المفعم بالآمال و الطموحات لمعانقة فجر جديد من التقدم والرقي‮ ‬والعيش الكريم‮.. ‬
صحيفة‮ “‬الثورة‮” ‬وهي‮ ‬تشارك جماهير شعبنا أفراح العيد الـ‮ ‬51‮ ‬لثورة سبتمبر المجيد ارتأت أن تسلط الضوء مجدداٍ‮ ‬على محطات بارزة في‮ ‬مستهل مسيرة التحول الحضاري‮ ‬الذي‮ ‬بدأ في‮ ‬الـ‮ ‬26‮ ‬من سبتمبر من خلال عدد من الأحداث والمواقف مثلت طيلة الإنطلاقة الأولى في‮ ‬عهد الثورة الخالدة‮..‬

شرارة الثورة وأول الشهداء
بعد قيام الثورة وإنطلاق الشرارة الأولى في‮ ‬ليلة الـ‮ ‬26‮ ‬من سبتمبر‮ ‬1962م والتي‮ ‬شهدت معركة شديدة في‮ ‬القصر الملكي‮ ‬دار البشائر بين الحرس الملكي‮ ‬والثوار استمرت حتى صباح اليوم التالي‮ ‬وكان الثوار‮ ‬يقاتلون في‮ ‬هذه المعركة بشراسة استشهد خلالها الملازم محمد الشراعي‮ ‬والملازم عبدالرحمن المحبشي‮ ‬والعريف أحمد العزكي‮ ‬اثناء قيامهم بمهمة اقتحام دار البشائر مقر الإمام محمد البدر بسبب الحريق في‮ ‬المدرعة التي‮ ‬كانوا بداخلها فكانوا أول شهداء في‮ ‬الثورة الذين سجلوا الفداء الأول على كتاب قوافل شهداء الوطن بعد ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر الخالدة‮.. ‬وبعد انخفاض حدة القتال تدريجيا خلال تبدد الظلام تمكن الإمام من الفرار واستغل فرصة انشغال الضباط بالمقاومة‮..‬
‮ ‬وكانت الإذاعة قد سقطت منذ البداية بعد مقتل ضابط ملكي‮ ‬واحد وانهيار المقاومة أما مخزن السلاح فكان اسهلها فكان‮ ‬يكفي‮ ‬أمر مكتوب من العقيد السلال لفتح المنشأة تم تنحية الملكيين منها وتأمين البنادق والمدفعية والذخيرة وقد سقطت الاتصالات التلفونية أيضاٍ‮ ‬بدون أي‮ ‬مقاومة أما في‮ ‬قصر الوصول فقد ظلت الوحدات الثورية آمنة تحت ستار حماية وتأمين الدبلوماسيين والشخصيات الهامة التي‮ ‬جاءت لتبارك للإمام الجديد محمد البدر‮.‬
البيان الأول وتلبية نداء الثورة
وفي‮ ‬صباح‮ ‬26‮ ‬سبتمبر تم تأمين كل المناطق في‮ ‬صنعاء وأعلنت الإذاعة أنه قد تمت الاطاحة بالإمام البدر وحلت محله حكومة ثورية جديدة وتسمية الزعيم عبدالله السلال أول رئيس للنظام الجمهوري‮.. ‬حيث تمت إذاعة البيان الأول للثورة من راديو صنعاء تلاه محمد عبدالله الفسيل والذي‮ ‬تضمن توجهات وسياسة النظام الجمهوري‮ ‬الجديد على الصعيد الوطني‮ ‬والاقليمي‮ ‬القومي‮ ‬والدولي‮ ‬كما تضمن البيان ملامح العهد الجديد التي‮ ‬تبلورت في‮ ‬الأهداف الستة للثورة الخالدة وهي‮ :‬
1‮- ‬التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري‮ ‬عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات‮.‬
2‮- ‬بناء جيش وطني‮ ‬قوي‮ ‬لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها‮.‬
3‮- ‬رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسياٍ‮ ‬وثقافياٍ‮.‬
4‮- ‬إنشاء مجتمع ديمقراطي‮ ‬تعاوني‮ ‬عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف‮.‬
5‮- ‬العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في‮ ‬نطاق الوحدة العربية الشاملة‮.‬
6‮- ‬احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ التعايش السلمي‮ ‬بين الأمم‮.‬
وبعد سماع هذا البيان عن سقوط النظام الإمامي‮ ‬وقيام الجمهورية هبت كل وحدات الجيش والأمن من كل مكان ملبية نداء الثورة وتمكنت بفضل تعاون جماهير الشعب الثائرة من تحقيق مهامها في‮ ‬عمليات استثمار النجاح ولم تمض حتى تلقت قيادة الجيش برقيات تأييد من جميع أنحاء اليمن ونصب الجيش وجميع المراكز والألوية وسيطر الجيش على الموقف‮.‬
تشكيل مجلس قيادة الثورة
شهد‮ ‬يوم الـ‮ ‬28‮ ‬من سبتمبر أهم الأحداث واصدار جملة من القرارات التاريخية الهادفة لتأسيس بيان النظام الجمهوري‮ ‬على إنقاض الحكم الإمامي‮ ‬المباد حيث تم في‮ ‬ذلك اليوم تشكيل مجلس قيادت الثورة مكون من‮ ‬9‮ ‬أعضاء برئاسة الزعيم عبدالله السلال أول رئيس للجمهورية وتشكيل أول حكومة للثورة برئاسته وقد شكل أول مجلس لقيادة الثورة على النحو التالي‮:‬
الزعيم عبدالله السلال‮ ‬الزعيم حمود الجائفي‮ ‬النقيب عبداللطيف ضيف الله‮ ‬النقيب عبدالله جزيلان‮ ‬الملازم علي‮ ‬عبدالمغني‮ ‬الملازم سعد الأشول‮ ‬الملازم أحمد الرحومي‮ ‬الملازم صالح الرحبي‮ ‬الملازم محمد مفرح‮..‬
كما تشكلت أول حكومة للثورة برئاسة الزعيم عبدالله السلال رئيس الجمهورية على النحو التالي‮:‬
الدكتور عبدالرحمن البيضاني‮ ‬نائباٍ‮ ‬لرئيس الوزراء وزيراٍ‮ ‬للاقتصاد والثروة المعدنية
محمد أحمد العيني‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للخارجية
القاضي‮ ‬محمد محمود الزبيري‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للمعارف‮ (‬التربية والتعليم‮)‬
النقيب عبداللطيف ضيف الله وزيراٍ‮ ‬للداخلية
الزعيم حمود الجائفي‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للحربية
عبدالغني‮ ‬مطهر وزيراٍ‮ ‬للتجارة
يحيى منصور بن نصر وزيراٍ‮ ‬للزراعة
علي‮ ‬محمد سعيد وزيراٍ‮ ‬للصحة
الدكتور عبدالغني‮ ‬علي‮ ‬أحمد وزيراٍ‮ ‬للخزانة‮ (‬المالية‮)‬
القاضي‮ ‬عبدالرحمن الإرياني‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للعدل‮ ‬
الملازم أول محمد الاهنومي‮ ‬وزيراٍ‮ ‬لشؤون البلديات
أحمد حسين المروني‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للإرشاد القومي
المهندس عبدالله حسين الكرشمي‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للاشغال
القاضي‮ ‬عبدالسلا صبرة وزيراٍ‮ ‬للأوقاف والشؤون الاجتماعية
محمد سعيد القباطي‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للدولة لشؤون المهاجرين
الشيخ أمين عبدالواسع نعمان وزيراٍ‮ ‬للدولة لشؤون التاريخ والآثار
العقيد حسن بن حسين المعمري‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للمواصلات
الطيار عبدالرحيم عبدالله وزيراٍ‮ ‬للطيران
علي‮ ‬محمد الأحمدي‮ ‬وزيراٍ‮ ‬للإعلام
ويذكر أنه في‮ ‬وقت لاحق عين قحطان محمد الشعبي‮ ‬مستشاراٍ‮ ‬لرئاسة الجمهورية لشؤون الجنوب اليمني‮ ‬المحتل‮.. ‬
كما تم في‮ ‬ذلك اليوم إصدار قرارات من أهمها قرار مجلس قيادة الثورة بفتح المجال أمام أبناء الشعب لتلقي‮ ‬العلم في‮ ‬مختلف المراحل الدراسية باعتبار التعليم والعلاج حقاٍ‮ ‬مكفولاٍ‮ ‬لكل مواطن دون تمييز‮.. ‬إضافة إلى صدور قرار مجلس قيادة الثورة بالغاء نظام الرهائن الذي‮ ‬استخدمه الحكم الإمامي‮ ‬المباد سلاحاٍ‮ ‬لإذلال الشعب والزج بأبناء العشائر والمشايخ في‮ ‬السجون والمعتقلات لضمان خضوعها وولائها‮..‬
‮ ‬وكذلك صدور قرار المحكمة العسكرية التي‮ ‬تم تشكيلها في‮ ‬اليوم الثاني‮ ‬للثورة بإعدام الخونة من مجرمي‮ ‬العهد البائد وأعمدته‮..‬
قرارات هامة
تم صدور إعلان دستوري‮ ‬مؤقت في‮ ‬30‮ ‬أكتوبر والإعلان في‮ ‬صنعاء عن تشكيل محكمة الشعب لمحاكمة أركان العهد الإمامي‮ ‬المباد ورأسها المقدم‮ ‬غالب الشرعي‮.‬
‮ ‬كما تم الإعلان في‮ ‬31‮ ‬أكتوبر عن تشكيل مجلس جديدة لقيادة الثورة مكونة من‮ ‬18‮ ‬عضواٍ‮ ‬برئاسة الزعيم عبدالله السلال إلى جانب توليه مهام رئاسة الحكومة الثانية التي‮ ‬تم تشكيلها بعد مرور شهر على انتصار الثورة وقد تولى فيها محمد قائد سيف مهام وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية والإعلام وضم مجلس قيادة الثورة الجديد في‮ ‬عضويته كل من‮:‬
الدكتور عبدالرحمن البيضاني‮ ‬المقدم عبدالله جزيلان‮ ‬الرئيس محمد قائد سيف‮ ‬طيار عبدالرحيم عبدالله‮ ‬الرئيس عبداللطيف ضيف الله‮ ‬القاضي‮ ‬عبدالرحمن الإرياني‮ ‬القاضي‮ ‬عبدالسلام صبرة‮ ‬العقيد حسن العمري‮ ‬ملازم أول سعد الأشول‮ ‬ملازم أول محمد مفرح‮ ‬عبدالقوى حاميم‮ ‬الرئيس محمد الماخذي‮ ‬عبدالغني‮ ‬مطهر‮ ‬علي‮ ‬محمد سعيد‮ ‬محمد مهيوب ثابت‮ ‬الرئيس حسين الدفعي‮ ‬والرئيس محمد الأهنومي‮..‬
الدستور الأول للثورة
وفي‮ ‬الثلاثين من أكتوبر أصدر مجلس قيادة الثورة الدستور الأول للثورة حدد هوية الدولة اليمنية باعتبارها جمهورية عربية ذات سيادة‮ ‬ينتمي‮ ‬شعبها للأمة العربية‮.‬
كما نص على أن الشعب هو مصدر جميع السلطات في‮ ‬الدولة وإن الإسلام دين الدولة الرسمي‮..‬
‮ ‬ووضع في‮ ‬ستة أبواب لمبادئ الأسس للنظام الجمهوري‮ ‬الذي‮ ‬يحفظ الحقوق الأساسية للمجتمع اليمني‮ ‬ويحدد حقوق وواجبات المواطنة‮ ‬إضافة إلى أركان الدولة بمجلسيها الرئاسي‮ ‬والتنفيذي‮.‬
وحدد الدستور الأول للثورة استقلالية القضاء إضافة إلى بعض الأحكام العامة التي‮ ‬اختتمت بالمادة‮ ‬60‮ ‬من الباب السادس التي‮ ‬أكدت على العمل بهذا الدستور المؤقت إلى حين إعلان موافقة الشعب على الدستور النهائي‮ ‬للجمهورية‮..‬
معارك عمدت الانتصار
وعلى الصعيد العسكري‮ ‬جاءت الأيام التالية لقيادة الثورة لتحمل معها أكبر التحديات للنظام الجمهوري‮ ‬الوليد حيث تجمعت فلول الملكيين وانصارهم في‮ ‬محاولة للعودة بالوطن إلى الوراء‮.‬
‮ ‬وهنا استشعر قادة الثورة خطورة الموقف وضرورة العمل على إفشال تلك المحاولات البائسة من أعداء النظام الجمهوري‮.‬
حيث وجد هؤلاء القادة أن الوسيلة المثلى للمجابهة تكمن في‮ ‬مبدأ الهجوم خير وسيلة للدفاع لتنطلق بعد ذلك طلائع الجيش الجمهوري‮ ‬في‮ ‬أكثر من محور لسحق التجمعات العسكرية للملكيين‮..‬
في‮ ‬البداية جاءت معركة مارب في‮ ‬اليوم الخامس من قيادة الثورة حيث بقيت القيادة العليا للجيش بطائرة تحمل رواتب الأفراد والضباط وعند هبوطها تمت مهاجمه المطار والاستيلاء على الطائرة وحدثت اشتباكات مع المرتزقة وكان من الضرورة تجهيز حملة عسكرية قوية لفك الحصار عند مدينة مارب وتطهير المنطقة من فلول الملكية وبسط ظل الدولة بقيادة الملازم علي‮ ‬عبدالمغني‮ ‬الذي‮ ‬قام بهذه المهمة بنفسه وتعرض لكمين نصب له بالقرب من مدينة مارب في‮ ‬صرواح حيث واجهته عصابة مأجورة‮ ‬غادرة اشتبك معها وأصيب خلالها بطلقات نارية سقط على إثرها شهيداٍ‮ ‬ويعتبر الشهيد الملازم علي‮ ‬عبدالمغني‮ ‬مهندس وفيلسوف الثورة اليمنية وعضو مجلس قيادة الثورة وبعد أن جن الظلام هجم المرتزقة واستولوا على الحملة بعد ثلاث ساعات من القتال المستمر استشهد وجرح فيها عدد من الأفراد والضباط‮.‬
‮ ‬أما في‮ ‬محور صعدة قررت قيادة الجيش الجمهوري‮ ‬الرد على التحركات المعادية للثورة فقامت بإرسال الملازم إسماعيل العلفي‮ ‬عضو تنظيم الضباط الاحرار إلى صعدة عن طريق الجو لاستطلاع الموقف وما أن وصل إلى المطار حتى أحاط به المرتزقة وأسروه ثم قتلوه اسيراٍ‮.. ‬وبالنسبة لموقف الحامية العسكرية هناك كانت بقيادة محمد مربط وعقدت العزم على مقاومة العدوان مهما كلفها الثمن وكانت تتألف من ثلاث سرايا مشاة وبعض قطع المدفعية والأسلحة الخفيفة واردفت بحملة شعبية بقيادة النقيب أمين أبو راس وتقدمت الحملة باتجاه صعدة وبدأت تقصف مواقع الملكيين الذين فروا مخلفين وراءهم حتى أمتعتهم الشخصية ودخلت القوات الجمهورية مدينة صعدة بين هتافات الجماهير بحياة الثورة وبعد أيام تم تطهير بقية مناطق لواء صعدة‮..‬
تنظيم القوات المسلحة
تحقيقاٍ‮ ‬للهدف الثاني‮ ‬بناء جيش وطني‮ ‬قوي‮ ‬لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها بادرت القيادة العليا للجيش منذ الأيام الأولى من قيام الثورة إلى إعلان التجنيد العام للشباب اليمني‮ ‬عن طريق التطوع والاختيار وفتحت مكاتب التجنيد في‮ ‬كل محافظات الجمهورية واستجاب الشباب للتجنيد الطوعي‮ ‬بحماس ثوري‮ ‬منقطع النظير وفي‮ ‬مقدمتهم شباب المدارس واسندت قيادة الحرس الوطني‮ ‬إلى الشهيد هادي‮ ‬عيسى‮ ‬يساعده في‮ ‬القيادة الملازم أحمد علي‮ ‬الناصر كما كلف الملازم محمد حاتم الخاوي‮ ‬باستقبال الشباب المتطوعين للانخارط بسلك الحرس الوطني‮ ‬في‮ ‬تعز وتجنيدهم وتدريبهم وتنظيمهم‮ ‬من ناحية ثانية بادرت القيادة إلى فتح المركز الحربي‮ ‬بتعز ليقوم بمهام مدرسة الأسلحة في‮ ‬تدريب الشباب على مختلف الأسلحة الحديثة على أيدي‮ ‬الخبراء السوفييت ثم بادرت إلى فتح الكلية الحربية‮..‬

الاعترافات الدولية الأولى
وعلى الصعيد السياسي‮ ‬سعت قيادة الثورة إلى الحصول على إعتراف المجتمع الدولي‮ ‬بالنظام الجمهوري‮ ‬الوليد فجاء الاعتراف العربي‮ ‬الأول من الجمهورية العربية المتحدة‮ »‬مصر وسوريا‮« ‬في‮ ‬الـ‮ ‬29‮ ‬من سبتمبر‮ ‬أما الدول الكبرى وبقية دول العالم فقد كان الاتحاد السوفيتي‮ ‬أول دولة تعترف بالنظام الجمهوري‮ ‬بعد‮ ‬يومين من قيامه‮.‬
‮ ‬وقد حذر خروتشوف الزعيم السوفييتي‮ ‬آنذاك من أي‮ ‬تعد على الجمهورية سيعتبر تعديا ضد الاتحاد السوفييتي‮ ‬نفسه‮.‬
‮ ‬ولم‮ ‬يأت منتصف شهر ديسمبر إلا وقد اعترفت بالنظام الجمهوري‮ ‬أكثر من‮ ‬30‮ ‬دولة‮ ‬أما اعتراف الأمم المتحدة فقد جاء في‮ ‬الـ‮ ‬20‮ ‬من ديسمبر حيث تم التصويت في‮ ‬الجمعية العامة للأمم المتحدة على أحقية الجمهورية العربية اليمنية بمقعد في‮ ‬المنظمة الدولية وطرد مندوب الإمام المخلوع السيف الحسن بن‮ ‬يحيى حميد الدين واعتماد الأخ محسن العيني‮ ‬كأول مندوب للجمهورية العربية اليمنية‮.. ‬ويأتي‮ ‬اعتراف الأمم المتحدة بعد اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالجمهورية العربية اليمنية في‮ ‬19‮ ‬ديسمبر‮ ‬حينها عين الرئيس كنيدي‮ ‬السفير المخضرم الزون بانكر ممثلاٍ‮ ‬خاصاٍ‮ ‬له لتنفيذ مشروعه الخاص بحل الأزمة في‮ ‬اليمن‮.. ‬كما أعلن في‮ ‬نفس اليوم اعتراف استراليا وكندا بالجمهورية العربية اليمنية‮.‬
موقف مصري‮ ‬مشرف
من بين التحولات التي‮ ‬أسهمت في‮ ‬تعزيز وترسيخ النظام الجمهوري‮ ‬في‮ ‬البلاد‮ ‬يبرز واضحاٍ‮ ‬ما أحدثه الدعم الكبير الذي‮ ‬تلقته قيادة الثورة اليمنية من الجمهورية العربية المتحدة والذي‮ ‬جاء بمثابة الاحتضان الحقيقي‮ ‬للثورة والجمهورية منذ أيامها الأولى‮ ‬وقد جاء هذا الدعم في‮ ‬سياقاته السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية بدوافع عبر عنها الزعيم جمال عبدالناصر في‮ ‬اتخاذ قرار المساندة السياسية والعسكرية لثورة اليمن إلى جانب النجاح العظيم الذي‮ ‬أحرزته الثورة وظهور بوادر العدوان عليها من الخارج‮ ‬وتظهر البرقيات المتبادلة بين الرئيس عبدالله السلال والرئيس جمال عبدالناصر حجم هذا الدعم وأهميته حيث جاء في‮ ‬برقية السلال حضرة صاحب السيادة الرئيس جمال عبدالناصر لقد كلفنا ممثلي‮ ‬الشعب الحقيقيين تنفيذ رغبتهم في‮ ‬تغيير أوضاع الحكم الرجعية البالية والاطاحة بالطغيان الذي‮ ‬طالما أن منه شعبنا العربي‮ ‬الإبي‮ ‬النبيل وقد اشتركنا مع الشعب ومع كل جندي‮ ‬وضابط في‮ ‬تحقيق الأمنية التي‮ ‬انتظرنا طويلاٍ‮ ‬فرصة الحصول عليها فكانت ثورتنا على العهد البائد ناجحة منذ لحظتها الأولى وقد تم‮ ‬يوم‮ ‬27‮ ‬من ربيع الثاني‮ ‬1382هـ الموافق‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬1962م تأسيس جمهورية ديمقراطية تحت اسم الجمهورية العربية اليمنية تعتمد على نظم الحكم العصرية وتحافظ على كرامة الإنسان وحقوقه وتؤمن له العدالة والتطور ويشارك في‮ ‬بناء صرح الأمة العربية الموحدة ويقف في‮ ‬وجه المغتصبين والمستعمرين والله‮ ‬يوفق الجميع لخدمة شعبنا والأمة العربية واقبلوا عواطفنا الأخوية‮..‬
وقد رد الرئيس جمال عبدالناصر بالرسالة التالية‮: ‬سيادة الزعيم عبدالله السلال رئيس مجلس الوزراء القائد العام للجمهورية العربية اليمنية إن شعب الجمهورية العربية المتحدة تابع بكل إهتمام ورعاية تطورات الأحداث الكبرى في‮ ‬اليمن ومحاولة الشعب والجيش إقامة حياة جديدة تحقق على أرض اليمن عزة الإنسان وكرامته‮.. ‬إن شعب الجمهورية العربية المتحدة‮ ‬يؤمن بأن هذا العصر هو عصر الشعوب وحدها تصنع بأيديها أقدارها وتحقق بإرادتها الحرة كل أمانيها‮..‬
‮ ‬أن من جلت قدرته خلق البشر أحراراٍ‮ ‬متساويين في‮ ‬الفرصة متكافئين في‮ ‬العدل ولا‮ ‬يرضيه جل وعلا أن تقف دولة قدرته حد حواجز الاستغلال والطغيان والرجعية وليس‮ ‬يخلجني‮ ‬شك أن شعب اليمن المتحرر قادر على الإسهام في‮ ‬معارك العرب الكبرى من أجل حياة عربية كريمة ومن أجل أمن عربي‮ ‬عزيز وإذا كانت القوى المعادية للتقدم من العناصر الرجعية والاستعمارية لا‮ ‬يرضيها تحرر شعب اليمن فإننا نؤمن أن الله‮ ‬يرضيه أن تعم الحرية لأنها كلمته القدسية ويسرني‮ ‬أن أبلغكم أن حكومة الجمهورية العربية المتحدة قررت الاعتراف بالجمهورية العربية اليمنية وحكومتها وإننا نقف مع شعب اليمن دون تردد نسد إرادته ونناصر حقه المشروع في‮ ‬الحياة وتقبلوا تحياتنا الصادقة‮.‬
‮ ‬وعلى أرض الواقع تجسد ذلك الدعم المصري‮ ‬للثورة في‮ ‬إرسال القوات العسكرية التي‮ ‬أسهمت في‮ ‬الدفاع عن النظام الجمهوري‮ ‬وحمايته من قوى الثورة المضادة المدعومة خارجياٍ‮ ‬وذلك منذ بداية وصول القوات المصرية بعد‮ ‬يومين من قيام الثورة وتتالت الافواج بعدها ليخوض أبناء القوات المسلحة المصرية ملامح الدفاع عن الثورة إلى جانب إخوانهم اليمنيين فأختلطت دماؤهم لترسم أزهى لوحات الشرف والبطولة‮.‬

قد يعجبك ايضا