الرقابة والضبط كفيلان بإحباط مؤامرات العدوان
حاتم شراح
عندما تنفرج معظم الأزمات المفتعلة، والتي تتم بقصد أو بدون قصد يكون السبب في انفراجها الرقابة والضبط، وعندما نشاهد أسباب تلك الأزمات نلاحظ أن بعض تجار الأزمات، هم السبب الأساسي فيها عبر متاجرتهم المباشرة والاستفادة من هذه الأزمات أضف إلى ذلك، تكوين وعي مغلوط يتسبب في خلق أزمة مفتعلة، فالمواطن ما إن يشاهد طابور في محطة من المحطات، طابور مؤقت أحيانا يتسبب فيه ذهاب العامل لتناول الطعام، وأحيانا بسبب عطل في المحطة، وأحيانا كون المحطة في مكان لا يوجد فيه غيرها، عندما يشاهد ذلك يتولد لديه شعور أن هناك أزمة وما إن يذهب إلى مكان آخر ير الأمور عادية، غير أن هناك من يستهويه أن يكون السباق في كل شيء حتى وإن ضحى بمصالح أعظم.
ومن هؤلاء من يشترك في كل طابور، ولو كان هذا الطابور غير مأمون النتائج فهذا لا يهمه تضييع وقته أبدا، والبعض قد يضحي بقوت أولاده لشراء وتخزين المشتقات النفطية والغاز والدقيق وغير ذلك دون وعي وبحسن نية وهم من لا يتاجرون في هذه السلع، وعلى العلماء أن يدلوا بدلوهم في مشروعية المتاجرة في هذه السلع ورفع أسعارها بتلك المقادير التي تنم عن جشع و بشكل يسيء إلى سمعتنا كيمنيين.
أعتقد أن هذه العادات وهذا السلوك تم بسبب مرور اليمن بأزمات متلاحقة منذ عشرات السنين كان لعملاء دول العدوان اليد الطولى في ذلك، والآن عندما يتم الضبط والرقابة تتلاشى هذه الممارسات غير أن تشريع قانون يجرم مثل هذه الممارسات قد يقلل من تكرارها لاسيما ونحن نلاحظ أن توقيف السفن المحملة بالنفط لا يقل شأنا عن التقطع للناقلات في الأزمنة الماضية، وربما لو تم توعية الناس بمدى ما يسببه هذا السلوك من معاناة ومن أزمات يجني ثمرتها الجميع، لقلّت ولتلاشت مثل هذه الظاهرة، وكانت هذه الظواهر السيئة من أسبابها تهريب المشتقات النفطية إلى دول الجوار أيام كانت هذه السلع مدعومة وكانت لا تتوفر للمواطنين بمعنى أنها مدعومة في الورق فقط، والآن هذه السلع برغم كونها تباع بأسعار مرتفعة فعلا، إلا أن الطبع غلب التطبع مما يتطلب من المجتمع أن يسهم في محاربة هذه الظواهر ويعيد إلى الناس روح التلاحم والتعاون والإيثار، فعلى سبيل المثال عندما تنعدم المشتقات النفطية يخجل الإنسان أن يطلب من جاره دبة بترول أو حتى قنينة لأنه سيعرف أن سعرها اليوم بمبلغ يختلف عن اليوم الثاني، وربما لو أعطاه ثمنها بسعرها الحقيقي يكون في ذلك إجحاف بحقه لكن أليس هذا الفهم من داخلنا بسبب أننا لا نستهجن مثل تلك الممارسات، لابد من التعاون والإيثار عبر استغلال أوقات الأزمات في بث روح الإيثار وتقاسم السلعة مع المحتاج من الجيران أو الزملاء وسيجد الناس كيف تتحول المحن إلى منح، أما أن تصبح هذه السلع مثل سوق البورصة وكأننا مجتمع رأسمالي فهذه هي المشكلة وكم رأيت من مثل تلك المبادرات التي تظهر في الأزمات تزيد من توثيق أواصر القربى والمحبة بل إنها حتى لا تنسى.
نحن مجتمع عريق بما تحويه الكلمة من معنى، ويجب أن يتعلم من العالم معاني العطف والتعاون والإيثار، ولنا أن نستشهد بما كان عليه الأشعريون عندما يكونون في سفر كيف يقتسمون ما لديهم وكيف شهد لهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: فهم مني وأنا منهم، ونحن الآن نريد أن نعيد هذه القيم إلى الواقع عبر الوعي في عدم التسبب بأي معاناة أو أزمة أو استغلال معاناة الناس في الربح والثراء غير المشروع، والدولة عندما تتخذ بعض الإجراءات الرقابية والضبطية إنما تحاول التخفيف من معاناة المواطنين، وهي بذلك تقوم بواجبها وتشكر عليه، وما نلحظه من استقرار سعري في السوق ما هو إلا بسبب ما تقوم به وزارة الصناعة من ضبط إيقاع السوق حتى لا تُحدِث بعض الاستغلال من بعض التجار لزبائنهم أو للمواطن الضعيف أو الذي لا يعرف بسعر السلعة ويتم استغلال جهله برفع سعرها، ولكن عندما يتم إلزام التجار بتسعيرة موحدة وتكون هذه التسعيرة برضا التجار ولا يكون فيها ظلم لهم، وتكون أيضا لا ترهق كاهل المواطن فعند ذلك تصبح هذه العملية، وهي التسعير جائزة شرعا.
غير أنني ألاحظ انعدام التنافس في هذا المجال حيث كان هناك من التجار من يخفض أسعار بعض السلع مما يؤدي إلى كثرة زبائنه وهو بذلك يكسب بلا شك غير أننا نلاحظ أن هذه الظاهرة اختفت بعد عملية إنزال التسعيرة الموحدة فهل تم إلزام التجار حتى بعدم تخيض أسعار بعض السلع لا أعتقد ذلك، وهذا يخالف العقل إنما هو السوق يحكم نفسه من خلال عدم التحكم في سعر صرف الريال من قبل المرتزقة الذين لا يبالون بمصلحة المواطن أو التاجر، ولهذا علينا ونحن في استقبال شهر رمضان أن لا نسهم في أي تلاعب في أسعار أي سلعة أو تخزينها كون هذه الممارسات قد تؤدي إلى قلة وجودها في السوق وبالتالي انعدامها مما يقود إلى غلاء سعرها، وبالوعي والإيمان والتعاون والإيثار تتحقق كل معاني الفضيلة.