الشهيد الرئيس الصماد.. عنوان وطن وتضحيات شعب
علي القحوم
من أيّ أبواب الرثاء سندخل .. وبأي أبيات القصيد سنعبر عن قائد صنع التغيرات .. وحصلت في عهده التطورات .. فكان سحابة معطاءة أينما ثقلت هطل غيثها .. تروي الارض وتخضر الأشجار وينبثق الأمل وتتجدد الحياة .. كان ينصح قبل حدوث الأشياء ويمنح بلا انتظار .. ويغفر دون اعتذار وقف الى جانب شعبه في الحل والترحال في الكرب والشدة .. فبادله الشعب الوفاء بالوفاء .. هنا يقف قلمي حائرا ولساني عاجزا غير قادر على النطق والتعبير .. فماذا عساي ان أقول عن العظماء فهم من يحق للهامات أن تنحني لهم إجلالاً واحتراما وتعظيما .. خصوصا للذين أفنوا حياتهم في الجهاد والعمل الدؤوب بحثا عن الكرامة والحريّة والعزة والاستقلال وحفظ السيادة وصون الاوطان .. ولأنه أحد أولئك العُظماء الذين كرسوا جُل حياتهم من أجل الله والوطن وصولاً لنيل الحرية وطرد المحتلين.. هو ذاك رجل المبادئ والقيم والمواقف والساطع بالحق الذي أفعاله سابقة لأقواله.. أحبه الشعب واستطاع بفضل ذلك الحب والإخلاص أن يتبوأ المناصب الرفيعة فكان النجاح حليفاً له أينما كان .. يحترمه الجميع ويهابه الكل ويعتز به ويفتخر كل من وقعت عليه عيناه أو سمعت به آذناه .. وما عرفه إنسان قط إلا وأحبه لكل شيء فيه .. نعم يُحبه الجميع لأنه كان عنوانا للصمود والعنفوان والشموخ اليماني .. كان رئيسا للشعب كل الشعب جسد العدالة والإصلاح وبناء دولة القانون .. فكان شعاره يد تنبني ويد تحمي فاغتيل من اجل ذلك .. كان بحق رجل دولة حمل الهموم وتحرك بمسؤولية وجسد معادلة أن الدين دولة .. لم تقيده الظروف الأمنية ولم تعقه التحديات من القيام بمسؤولياته .. فتجده عسكريا في الميادين يخوض غمرات الموت فكان بحق قائدا بحجم وطن وتضحيات شعب .. فهو السياسي البارع الذي يجيد لغة التفاوض ويعرف دهاليز السياسة وأروقتها .. اتسم بالمرونة وسعة الصدر كان عالما لا يضاهى يحفظ القرآن الكريم وهاضما للثقافة القرآنية .. وليس هذا وحسب بل وخطيبا مصقعا له جولات وجولات في مضمار السياسة والحرب ..
فلوا سألنا عن هذا القائد في السهول والجبال والرمال والصحراء فإن حبات الحصى والرمل ستخبرنا أنها قد اشتاقت إليه ليدوسها بقدميه الطاهرتين.. فهي كما نحن قد اشتاقت حُباً لذلك القائد العظيم الذي تعـفّر وجهه بغبارها وتلحف بترابها وهو محارب فيها نازل في كل ميدان .. وهنا حتما ستتحدث جميعها لا محالة عن أمجاد وتاريخ هذا القائد الحافل بالمنجزات والانتصارات..
ولأنه كان دوماً عاشقا لليمن وثراها وشعبها فقد عاش وكرّس حياته للدفاع عن ذلك الحق منذ نعومة أضفاره و ريعان شبابه ..ولذلك فقد تلألأ نجمه عالياً في السماء وازداد ذاك النجم تألقاً وسطوعا في زمن تخافتت فيه الأصوات .. وبرز في الساحة اليمنية مشروع المسيرة القرآنية .. الذي تحرك فيه منذ البداية مجاهدا مخلصا صادقا حاملا على عاتقه مسؤولية التحرك والتبليغ وإعلاء كلمة الله .. فانطلق في ميادين الجهاد باذلا النفس والمال – من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله – فكان في أوساط المجاهدين متواضعا يتصف بالحلم والعلم والحكمة والشجاعة والكرم والأخلاق العالية والإحسان.. فكانت نظرته ثاقبة ووعيه كبيرا حمل هم الامة العربية والإسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين.. وجه بوصلة العداء لأمريكا وإسرائيل وهذا من صميم الثقافة التي نهل منها ومن المرتكزات الاساسية للمسيرة القرآنية الذي تحرك فيها تحت لواء قائدها الشهيد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه .. ومن بعده تحت لواء قائد الثورة الشعبية سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله وأبقاه ذخرا لهذه الامة ..
ومهما كتبت الأقلام وسال مدادها فإنها لن تستطيع أن توفيه بعضا من حقه .. وستظل عاجزة خجولة اسيرة مكبلة لا تستطيع ان تخط بريشها لتكتب عن هذا القائد العظيم .. ولأننا نعيش ذكرى استشهاده أحببت أن أبوح بما لدي امتنانا وتخليدا لروح الشهيد الطاهرة .. فهذه الأسطر المتواضعة التي اكتبها هي تعبير للوفاء له .. ولما كان لي من صحبة معه في الجهاد والعمل .. فالعهد باق والمشوار طويل ونحن في الركب لن نحيد او نميل .. و إننا ماضون في هذا الدرب لن نتزحزح قيد أنملة في إكمال المسير حتى يتحقق النصر ..
ولأنه عاش حياته كذلك وارتقى إلى العُلا على ذلك المنوال مُدافعاً عن اليمن وعن شعبها المظلوم .. فجسد اروع أمثلة التضحية وأثبت عدالة القضية .. فالقول كل القول لك أيها القائد منا ومن شعبنا أننا لن ننساكم أبد الدهر فذكراكم باقية وقد سجلت بأحرف من نور في سجل الخالدين ..
أخيراً أيها القائد السـلامٌ منا ومن شعبنا لك وعليك و على روحك الطاهرة في كل وقت و حين والسلام لك يوم استشهدت ويوم تُبعث حيا ..