الوحدة أولا 3-4
محمد ناجي أحمد
جاء في الميثاق الوطني للاتحاد الشعبي الديمقراطي ،الذي أعلن عن قيامه كتنظيم سياسي في 22 أكتوبر 1961م :” أما المخاوف التي تثار ضد الوحدة اليمنية ،انطلاقا من الأوضاع المتخلفة الحاضرة في الشمال فإنه ليس لها ما يبررها على الإطلاق . وبصرف النظر عن أن هذه الأوضاع ليست خالدة أو أبدية فهي لابد أن تتغير وتتطور عاجلا أو آجلا ،وربما قبل أن يتحرر الجنوب من الاستعمار ،وإن مسؤولية تغيير هذه الأوضاع تقع علينا جميعا . وهي مسؤولية لا ندري كيف يمكن الشعور والقيام بها ،إذا كنا لا نؤمن بيمننا ،ولا نتصرف كيمنيين ،بصرف النظر عن كل ذلك فإن مرحلة التحرر تسبق بالطبع مرحلة التطبيق الفعلي للوحدة ” ص7 المسار التاريخي للثورة اليمنية –د.محمد علي الشهاري .دار الهمداني 1983م.
يؤكد الميثاق الوطني للاتحاد الشعبي الديمقراطي وحدة المصير قائلا ” وليس فقط الحقائق التاريخية والمفاهيم العلمية لوحدة الشعوب التي تؤكد وحدة الأرض اليمنية ،وإنما أيضا كون الموقف في الشمال شكل عاملا هاما وحاسما في تكييف وتقرير مصير الجنوب ” ص5 المرجع السابق.وكان الشعار الذي زين به صدر الميثاق الوطني ،والذي اتخذت منه الحركة الوطنية هدفا لها :” نحو يمن حر ديمقراطي موحد “.
بحسب الباحثة ل. فالكوفا في كتابها (السياسة الاستعمارية في جنوب اليمن ) ترجمة عمر الجاوي –طبعة ثانية -1984م –فإن إنجلترا وجدت أن استعمارها لجنوب اليمن لن يستطيع أن يمنع إعادة وحدة اليمن ” لذا اتجهت سياسة الحكومة الإنجليزية إلى ضرب الثورة اليمنية وإنهاء حركة المطالبة بالوحدة اليمنية مع اليمن الجمهوري . وبقصد إرهاق القوى الجمهورية قررت إنجلترا دعم الملكيين بكل الأساليب والذين يحاولون إعادة النظام القديم إلى اليمن . فأرسلت إليهم النقود والسلاح ، وقدمت إليهم المساعدة من تدريب الجنود وتسهيل الطرق لهم ،وقامت بحملة تشويه ضد الجمهورية العربية اليمنية ، ومن أجل إيقاف تأثير الثورة في الجنوب اتخذت سلطات الاتحاد الفيدرالي بإيعاز من الإنجليز مجموعة قوانين ضد أولئك الذين شاركوا في حركة التضامن مع الثورة اليمنية ” ص60.
ومن أجل القضاء على الثورة اليمنية عملت بريطانيا بحسب ما أوردته الباحثة ل.فالكوفا -على رفض الاعتراف بالنظام الجمهوري في شمال اليمن ، وقامت بالعديد من الاستفزازات على الحدود الشطرية ، في محاولة منها لتمزيق قوى الجمهورية ،قامت باعتداء مباشر في 28مارس 1964م وضربت بالقنابل مدينة حريب ،كل ذلك من أجل ضرب آمال سكان جنوب اليمن وطموحهم نحو الحرية والوحدة .ص60-61.
ولأن جريدة (الأمل ) ورئيس تحريرها عبد الله باذيب –قد حملت على عاتقها أن تنشر عن قضايا الأحزاب والمنظمات السياسية في عدن ، ودعا رئيس تحريرها إلى وحدة القوى الثورية التي تناضل من أجل الحرية والاستقلال والوحدة اليمنية –فقد قام “مجهولون ” بإحراق مطبعة جريدة ” الأمل ” ورمي ثلاث قنابل في البيت الذي يعيش فيه رئيس التحرير .ص78.المرجع السابق.
وكذلك قام الاستعمار البريطاني بإغلاق منظمة الشبيبة التابعة للاتحاد الشعبي الديمقراطي حين وجد نشاط المنظمة في تجنيد ألفي متطوع لحماية النظام الجمهوري في شمال اليمن . ووضع الاستعمار الرقابة على المنظمة والاتحاد الشعبي الديمقراطي بغرض إيقاف نشاطه ونضاله ضد الامبريالية ، ومن أجل وحدة حركة التحرر الوطنية وتحقيق الوحدة اليمنية . ص80-81.
في ذات السياق كان الموقف الوحدوي للمؤتمر العمالي وواجهته السياسية حزب الشعب الاشتراكي في تأييده للثورة اليمنية في شمال الوطن ، وأعلن رسميا أن عدن والمحميات جزء من اليمن الواحد ، وأنها يجب أن تتوحد مع شمال اليمن .ص81.
لهذا حرص الاستعمار البريطاني على أن تنص قوانين الاتحاد الفيدرالي للجنوب العربي الذي تم التوقيع عليه في 11فبراير 1959م ، وأضيف إليه اتفاقية وقعت في 16 يناير 1963م –على أن تتخذ حكومة الاتحاد الفيدرالي مجموعة من القوانين التي تضيق الخناق على حرية السكان في عدن والمحميات ، وتنص كذلك على أن ” أي واحد يوافق أو يدفع الآخرين إلى التفكير بأن اتحاد الجنوب العربي يعتبر جزءا من أية دولة أخرى يتعرض لعقوبة السجن لمدة لا تزيد عن سبع سنوات أو لغرامة لا تزيد عن 500جنيه استرليني أو بكافة العقوبتين” ص92.المرجع السابق .
إضافة إلى العقوبة بالسجن لمدة عام أو بغرامة عشرة جنيه أو كلتيهما لكل من يتوجه بإهانة الاتحاد الفيدرالي أو مسؤولي الاتحاد بالقول أو الفعل .ص93.
والمقصود بهذه القوانين هو إنهاء حركة المطالبة بالوحدة اليمنية .