
استطلاع/رياض مطهر الكبسي –
العيد نعمة من الله لإظهار قيم الدين والحب والوئام
علينا في العيد مراعاة مشاعر الفقراء وتفقد أحوالهم والإحسان إليهم
• عيد سعيد .. عيد مبارك وكل عام وأنتم بخير.. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.. أصبحت هذه العبارات روتينية تقال من الألسن دون أن تخاطب الجوارح ولا تعبر عن فرح حقيقي بالعيد كما كان يشعر الناس في السابق بفرحة العيد.. فكانت مناسبة العيد تأتي حاملة معها البهجة والسرور للصغار والكبار.. الآن طغت هموم الحياة وغلاء المعيشة ومتطلباتها على فرحة العيد فأصبح العيد يمثل هماٍ وغما يستقبله الناس كيوم ثقيل سرعان ما يرتاحون بانقضائه وتسمع عبارات تردد كـ»الحمد لله يوم وعدى».. فأصبح الفرد يهتم ويفكر كيف يقضي يوم العيد مهتماٍ بالأمور الظاهرية أو المظاهر متناسياٍ الأمور الجوهرية التي جاءت حكمة العيد من أجلها.
ومع زحمة المطالب والمتطلبات والهموم التي نجلبها على أنفسنا نسينا الجوهر الحقيقي للعيد.. فما الذي تغير هل تغيرت النفوس والقلوب هل افتقدنا للعادات والتقاليد حتى الأمور التي فرضها الإسلام أصبحنا نقصر فيها ونتركها سواء بقصد أو بدون قصد.
حتى أننا نسينا الفقراء والمساكين والمحتاجين الذين يجب أن نفرحهم ويفرحون معنا.. والأشد من ذلك أن الكثير من باتوا لا يهتمون بزيارة الأرحام وينتظرون من أرحامهم زيارتهم.. في الاستطلاع التالي ننقل آراء بعض من التقيناهم وتحدثوا حول الموضوع..
● بداية يقول الأخ حسين العنسي: إن الله سبحانه وتعالى جعل يوم العيد تكريماٍ بعد أن قضوا شهراٍ كاملاٍ من صيام النهار وقيام الليل في طاعته عز وجل لكي يريحهم ويخفف عنهم المشقة والتعب سائلين المولى عز وجل أن يتقبل منهم صيامهم وقيامهم وأن يدخلهم في رحمته ومغفرته وأن يكونوا من عتقاء هذا الشهر الكريم من النار.. ويضيف لكن للأسف فالملاحظ في مجتمعنا اليمني عند قدوم العيد في الآونة الأخيرة يستقبله الناس وهم مهمومون ومشغولون بتجهيز حاجيات العيد متناسين عادات وطقوس العيد الإيجابية فتطغى الهموم على الفرحة ويطغي الانشغال بأمور المظهر على الجوهر فنتناسى الزيارات وتفقد بعضنا بعضاٍ.. ويقول الأخ حسين: ليس الغرض من العيد لبس الجديد وقضاء أغلب الوقت في النوم أو في التنزه والذهاب إلى الحدائق فالغرض الحقيقي من العيد هو اجتماع الناس صغيرهم وكبيرهم فقيرهم مع غنيهم وتفقد أحوالهم والتزاور فيما بينهم وإفشاء السلام والتسامح وصلة الأرحام واسعاد الأطفال وإدخال البهجة والسرور إلى نفوسهم وتفقد أحوال المعسرين وقضاء حوائجهم وهذه تعد من أهم الأمور التي افتقدناها.
> أما الأخ محمد الصبان فقد بدأ بقوله تعالى «ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم…» ويقول: إن الحكمة من فرحة العيد هي تعبير المسلم الذي أكمل صيام شهر رمضان وقيام لياليه طاعة لله عن فرحه وحمده وشكره لله أن وفقه لذلك راجياٍ بأن الله سبحانه وتعالى قد تقبل صيامه وقيامه لكن للأسف فقد تحولت الفرحة بالعيد عند المسلمين من عبادة إلى المباهاة بشراء الملابس الثمينة والتفاخر والذهاب في رحلات متناسين الحكمة من فرحة العيد وهي احترام شعور الفقراء والمساكين والعطف عليهم والسعي لإسعادهم وإزالة الحقد والبغضاء ونشر الصفح والتسامح في المجتمع.. ويضيف الصبان وطبعاٍ هذا لا يتم إلا إذا أتم إعماله خلال شهر رمضان ابتغاء لوجه الله مدللاٍ على أنه استفاد من هذا الشهر بمحاسبة النفس وما هو الواجب نحو الله ونحو المسلمين وأن هذه الواجبات والسلوكيات ليست في رمضان فقط وإنما تنعكس عليه من أول يوم في شوال ليجسدها طوال أيام السنة.
ويختتم الصبان بالقول: لكن للأسف فإننا نتجاهل هذه الأمور وهذه الواجبات نحو بعضنا بعضا .
وتقول الأخت أم مسك: في وقتنا الحاضر غاب في الناس أن العيد نعمة أنعمها الله سبحانه وتعالى على عبادة بعد صوم طويل وهو من أجمل الأيام.. وتضيف لكن للأسف صار العيد فسحاٍ ولبساٍ وغابت روحانية العيد بسبب انشغالنا بأمور الدنيا وبأمور المظاهر فغابت الأساسيات والواجبات نحو بعضنا البعض ونحو الجيران والمحتاجين فلم يعد الجار يهتم بجاره أو بأحواله ولا يراعي أو يحافظ على مشاعره فترى البعض بل الغالبية يروحون محملين بالأكياس الممتلئة بالملابس وأشياء العيد من الجعالة والمكسرات بينما يكون جيرانهم قد لا يمتلكون ما يسدون به حاجتهم أو ما يفرحون أولادهم.
وتضيف الأخت أم مسك: وبصراحة اعتقد أننا كلما مرت الأيام ضيعنا كثيراٍ من التعاليم الإسلامية فلا حول ولا قوة إلا بالله.
بينما ترى الأخت أم رياض قايد أن فرحة العيد من الله سبحانه وتعالى فتنشرح الصدور ويفرح الناس بالعيد وتكتمل الفرحة بالتقاء الأهل والأصحاب وزيارة الأهل والأقارب فيكون للعيد مذاقاٍ ونكهة أخرى وتعم الفرحة الصغير والكبير ويفرح الجميع وترى الفرحة بارزة على وجوه الأطفال أكثر.
لكنها تعود وتستغرب بالقول: الأجواء والأوضاع التي نعيشها ضيعت علينا الفرحة بالعيد فترى الناس أصبحوا مشغولين بأحوالهم وأصبح كل واحد يهتم بنفسه فقط وكان القلوب والنفوس ضاقت ففي السابق كان الناس قلوبهم كبيرة وكل واحد يسأل عن الآخر الآن انعكست الأمور فأصبح كل واحد كأنه يمارس طقوسه الخاصة.
وتختتم بالقول: قصرنا في حق أنفسنا وفي حق الآخرين وأضعنا التعاليم الإسلامية فضيعنا التكافل والتراحم.. وتردف قائلة: للأسف حتى زيارة الأهل والأرحام فهناك أسر بل ومناطق ترى الآباء والأخوال والأعمام لا يزورون أرحامهم بل ينتظرون زيارة أرحامهم لهم فما بالنا بالسؤال عن المحتاجين من الفقراء والمساكين فكيف لفرحة العيد لا تضيع منا وقد أصبح حب المال وحب النفس طاغياٍ علينا وتناسينا تعاليم ديننا الإسلامي لنا وحثه على التراحم وهذا يعني أن أعيادنا تحولت من مناسبات دينية إلى مناسبات دنيوية تهتم بالمظهر وتتناسى الجوهر.
والتقينا الشيخ ضياء الدين الكبسي الذي تحدث بالقول: ليس العيد لمن لبس الجديد ولكن العيد لمن طاعته تزيد.. فالعيد مناسبة دينية وفرحة إيمانية شرعة الله سبحانه وتعالى لعباده شكراٍ على ما أنعم به عليهم من اتمام العبادة قال تعالى «ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون» وليس للمسلمين سوى 3 أعياد شرعها الله سبحانه وتعالى هي عيد الفطر وعيد الأضحى ويوم الجمعة.
ويوضح أن من مقاصد العيد أنه نعمة من رب العالمين لإظهار شعائر الدين وهو عيد حب ووئام وتقدير واحترام وإفشاء للسلام وصلة للأرحام وإحسان إلى الأقارب والجيران وهو عيد السماحة والتصافح والعفو والتسامح ونبذ الأحقاد والعطف على الفقراء والإحسان إليهم من الأغنياء لا كما يظنه البعض أنه عيد للبس الجميل من الثياب والتجرد عن أخلاق أولي الألباب والتغطرس والتعالي على الآخرين وليس العيد لهدم ما بناه المسلم من عبادات في رمضان بتضييع كثير من الواجبات وارتكاب المحرمات حيث أن من علامات قبول العمل المداومة على العمل وإن قل وتغيرت الأحوال من سيء إلى حسن ومن حسن إلى أحسن.
ويضيف الشيخ ضياء الدين: لذا من الواجب علينا أن نحقق المقاصد التي من أجلها شرع العيد لا أن يهتم الإنسان بالمظهر ويترك الجوهر وليس معنى هذا الا يهتم الإنسان بنفسه وبأولاده ويخرج في يوم العيد متبذلاٍ وإنما شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يلبس الواحد أحسن ثيابه وأن يمس من طيبه لأن الله جميل يحب الجمال ولكن من غير إسراف ولا تقتير ولا تبذير ولا تعال على الآخرين.. مع مراعاة مشاعر الآخرين وتفقد أحوالهم والإحسان إليهم وإفراحهم وخفض الجناح والتواضع للفقير إذا رآك متزيناٍ ومتجملاٍ لئلا يأخذ في نفسه عليك بحسد ولئلا يزدري الحال التي هو عليه.
ويقول: لكن الملاحظ في أيامنا هذه أن العيد صار عند الكثير من الناس هماٍ وغماٍ لا فرحة وسروراٍ وذلك لأنهم اشتغلوا بالكماليات وأهملوا أو تركوا الأساسيات والحامل أو الدافع لهم على ذلك حب الاستعراض وحب الظهور وحب الظهور قاصم للظهور.
ويستطرد الشيخ ضياء الدين قائلاٍ: مما ينبغي علينا في العيد العمل على تحقيق مقاصد العيد الدينية والدنيوية فلنفرح في العيد ولنظهر نعمة الله علينا ونلبس الجديد ونوسع على أسرنا كل حسب مقدرته ونفرح الفقراء والمساكين ونسعدهم لنتشارك البهجة والسرور غنيناٍ وفقيرنا كبيرنا وصغيرنا والتزاور وصلة الأرحام والإحسان للفقراء وقضاء حوائج المحتاجين.. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأله في أثره فليصل رحمه».. ويقول صلوات الله عليه وعلى آله وسلم «صلة الأرحام وحسن الجوار يزيدان في الأرزاق ويطيلان الأعمار».
ويختتم بالقول: نسأل الله أن يوفقنا لكل عمل صالح وأن يوفقنا لتحقيق مقاصد العيد وأن نكون من عباده الشاكرين الذاكرين ونسأله تعالى ان بعيد علينا شهر رمضان أعواماٍ عديدة وأزمنة مديدة ونحن وجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بصحة وعافية وعيد مبارك وكل عام والجميع بخير.