اليوم العالمي للصحافة
اسكندر المريسي
حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوما عالميا للصحافة جرى تجسيده كتقليد سنوي في الثالث من مايو بدءا من عام 1993م حيث يحتفل العالم بذلك اليوم الخاص بالصحافة وسط ظروف بالغة التعقيد تمر بها مهنة المتاعب باعتبارها سلطة رابعة غير أن العالم بالظرف الراهن يتشدق كثيرا بحرية الصحافة،والحاصل بالواقع خلافا لما كان عليه المبتغى منه التأكيد على أهمية استقلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لأن ما نلمسه في ظل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وأن الجهد الإعلامي بات حاضرا يشكل انعكاسا سلبيا لمجريات السياسة الدولية ما لم يكن ذلك الجهد في معظم أجندته العاملة في حقل الإعلام يضفي مشروعيته على السياسة الدولية مما أظهر الإعلام الدولي بالواقع المعاش أبعد ما يكون عن الحياد والمهنية.
ولذلك فقد كان ولا يزال وسيظل إعلاما مسيسا مارس في معظم تناولاته لقضايا عالمية التغطية السلبية المفتقرة للدقة والموضوعية والبعيدة عن نقل الحقائق بتجرد ونزاهة وهو ما يعني بكل تأكيد أن مشكلة الصحافة عالمية وليست محلية أو إقليمية وان النتيجة المترتبة على هذه المشكلة من ناحية عالمية ترجع بدرجة أساسية إلى هيمنة السياسة الدولية على معظم التقنية الإعلامية،وقد شملت الهيمنة الغالبية العظمى لأعداد هائلة من شركات إعلامية وكذلك محطات مختلفة خاصة بالبث الفضائي وقنوات لا تحصى ولا تعد بل أن كل وكالات الأنباء العالمية لم تكن معظمها مملوكة وتابعة للدولة الكبرى المهيمنة على مجريات السياسة الدولية مما يجعل من ذلك اليوم العالمي المكرس للاحتفال بحرية الصحافة ليس إلا صدى لتشريعات الدول الكبرى والتي تريد من الصحافة أن تكون إحدى الأدوات المكملة للسياسة الدولية القائمة على الهيمنة وإن كان بالتأكيد يوجد في واقع مخرجات الخطاب الإعلامي العالمي ما يمكن وصفه بحرية الصحافة فلا شك من حقيقة ذلك الوجود في ظل تنامي ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وانتشار القيم المترتبة على ذلك ولكن بالمقابل من إقرارات تلك الحقيقة التي لا خلاف عليها ولا جدال حولها ولا يوجد الإثبات لما يمكن وصفه بصحافة حرة وهو ما يعني في سياق تكرار المعادلة المشار إليها أنه توجد حرية صحافة ولا توجد صحافة حرة بالعالم كله.
فالصحافة إما مملوكة لشركات إنتاج عالمية أو خاصة بشبكات متعددة تقع تحت إدارة الاقتصاد الرأسمالي بدليل أن الصحافة المملوكة سواء كانت لشركات أو أفراد أو جماعات أو أحزاب أو كانت تابعة لدول أو بعض حكومات إنما تعمل وفقا لحسابات خاصة تتعلق بأهداف ومصالح القوى الإقليمية والدولية المؤطرة ضمن امتداد السياسة الدولية.