
استطلاع / محمد راجح –
“دقت ساعة الخمول” هذا هو الموقف السائد في اليمن مع إطلالة هلال رمضان والإعلان عن دخول الشهر الكريم والذي اتخذ البعض منه مناسبة سانحة للتخلص من التزام الأداء وعبئاٍ ثقيلاٍ اسمه العمل الذي لا يمارسون إلا القليل منه في الأيام العادية.
ويرتبط دخول رمضان في اليمن بانخفاض تام للإنتاجية التي وفقا لخبراء لا تتعدى الساعتين يوميا في أغلب الأحوال نتيجة هدر أكثر من 95% من ساعات العمل .
يضطر أشرف الرماح إلى تلافي الحرج السنوي الذي يقع فيه بسبب عدم قدرته على الحياة في نهار رمضان إلى أخذ إجازة عن العمل طوال شهر رمضان .
ويقول أشرف الذي يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية انه لا يستطيع العمل في رمضان لتفرغه لممارسة طقوس هذا الشهر الفضيل وكذا التفرغ لأولاده وأسرته .
ويشير إلى أن التغيير الذي يحصل في المجتمع ونمط الحياة الطارئ في رمضان وكذا العادات والتقاليد السائدة في هذا الشهر تنعكس بحمل ثقيل وإرهاق وعدم القدرة على الالتزام بمواعيد العمل ولهذا يلجأ إلى أخذ إجازة طوال شهر رمضان .
ويؤكد خبراء أن هناك خللاٍ كبيراٍ في بيئة الأعمال في رمضان وعدم قدرتها على التعامل مع عادات وتقاليد المجتمع السلوكيات على تطرأ على الموظفين والعمال نتيجة الوضع العام لنمط الحياة المتغير في هذا الشهر.
وبحسب خبراء فإن الاستسلام لهذا التغير الطارئ في المجتمع والمعطل للعمل بشكل تام انعكاس طبيعي للوضع الإداري المتردي في اغلب الأجهزة والمؤسسات وقطاعات الأعمال العامة والخاصة .
معايير مختلة
يرى أستاذ إدارة الأعمال الدكتور عبدالوهاب المسني أن كفاءة الأداء متدنية في رمضان وبصيص الإنتاجية التي تتصف بالضعف الشديد تنعدم كلياٍ في رمضان مع تلاشي معايير الأداء والانضباطية والفوضى والعشوائية السائدة في الجهاز الوظيفي والإداري في اليمن
ويتحدث عن تشابه كبير لتدني الأداء في رمضان عن بقية الشهور نتيجة للشوائب العديدة في بيئة الأعمال وضعف الأجهزة الإدارية والثقافة المكتسبة من النمط الاجتماعي السائد والاتكالية وترحيل جميع الأعمال والمعاملات إلى مابعد رمضان .
وبحسب الدكتور عبدالوهاب أن هذا الوضع يؤدي إلى تعطل معاملات المواطنين وإصابة الأجهزة الإدارية بالشلل التام وإحداث فجوة في المصالح العامة الاقتصادية والتنموية وإهدار المزيد من الوقت والجهد والمال نتيجة ضعف التواصل مع الارتباطات الخارجية وتوقف الكثير من الأنشطة مع العديد من الجهات التمويلية الدولية بالنسبة للقطاع الحكومي والذي يؤخر تنفيذ الكثير من الخطط والبرامج الاستيعابية والإضرار بالاقتصاد الوطني بالإضافة إلى الاختلالات التي يعاني منها القطاع الخاص الذي يعتبر بنسبة كبيرة قطاع غير منظم وغير قادر على تطوير بيئة أعمال ناجحة وفاعلة .
ويؤكد هدر 95 % من ساعات العمل والإنتاجية لا تتعدى الساعتين في اليوم وتتركز فقط في الأعمال الضرورية في المؤسسات الخاصة المرتبطة ببيئة الأعمال الخارجية مثل البنوك وغيرها .
تناقض
يرى خبراء علم اجتماع أن كثيراٍ من الموظفين يختزلون القيم الدينية في الاهتمام بالعبادات الرئيسية المعروفة وهي عبادات تتطلب النشاط والهمة وتنظيم الوقت والالتزام به لكنهم في نفس الوقت يحملون قيما سلبية متناقضة معها تماما كالتكاسل والتقاعس في أداء الأعمال وإضاعة الوقت والغضب وسوء التعامل .
كما أن كثيراٍ من الموظفين ينظرون لأعمالهم الوظيفية اليومية على أنها نشاطات ليس لها أي معنى ديني أو أخلاقي أو وطني بينما يعلم الجميع أن احترام الوقت والحرص على المال العام والتبسم وحسن الخلق و إتقان العمل والإخلاص في أدائه ومساعدة الآخرين جزء لا يتجزأ من القيم الدينية ومن منظومة القيم الأخلاقية والوظيفية .
أسباب
يرجع الدكتور ياسين الأغبري أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء السبب في هذه الوضعية المتردية في الأعمال وصيام اليمنيين عن العمل في رمضان إلى التقاليد التي اعتاد الناس أن يعيشوها في رمضان وعدم قدرتهم على تنظيم الوقت .
ويشير إلى تغير نمط الحياة بشكل جذري وتحول النظام إلى نظام ليلي يجعل الكثير يضيفون العمل إلى صومهم إلى جانب الأكل والشرب . ويقول: إن اغلب الموظفين وخصوصا في اليمن يصابون في رمضان بخمول شديد يمنعهم عن العمل.
ويلفت إلى أن الفهم الخاطئ لطبيعة الشهر هو الذي أدى إلى هذه النتيجة بالإضافة إلى الممارسات الغذائية الخاطئة التي تزيد من حالة الخمول والكسل لدى البعض وكذا ممارسة بعض العادات السيئة بإفراط مثل القات وتدخين الشيشة والسهر . مشددا على ان تغيير العادات وممارسة الفهم الصحيح هما الحل لهذه الظاهرة ولكن التنفيذ صعب للغاية لصعوبة تغيير العادات.
ويوضح أن التكاسل والتقاعس عن العمل أصبحا عادة راسخة في أذهان الناس ولا يمكن تغييرهما إلا بتغير سياسة مؤسسات المجتمع وخصوصاٍ بيئة الأعمال السائدة والمؤسسات التوعوية التي يجب أن تقوم بدورها في تغيير هذه البيئة والوضعية السائدة التي أدت إلى ضعف إنتاجية الموظف إلى أدنى درجة خلال هذا الشهر الفضيل .