الحرب السعودية على اليمن وحشية العدوان ومؤاشرات السقوط (3- 3)
إبراهيم محمد الهمداني
استطاعت أمريكا أن تجرجر نظام آل سعود إلى حافة الهاوية، ليس في اليمن فحسب، بل في المنطقة العربية بأسرها، حيث أشعلها المال السعودي بالخراب والدمار والقتل والتشريد، وكانت اليمن هي الورطة الكبرى لنظام آل سعود، والجريمة التي لا تنسى والفضيحة المدوية في تاريخ البشرية، ورغم إعلان الحرب على اليمن من واشنطن – كما أسلفنا – إلا أن ذلك لا يعفي المملكة السعودية من مسؤوليتها الرئيسية والمباشرة في ارتكاب تلك الجرائم المروعة بحق المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ والمقعدين، وسلسلة المجازر التي لم تتوقف حتى اللحظة عن استهداف الأسواق والطرقات والمدارس والتجمعات العامة والمستشفيات والاعراس والمآتم وغيرها، جاعلة من اليمن بأكمله منطقة عسكرية مفتوحة لطائراتها، وهذه هي رغبة أمريكا – أيضا – في النيل من الشعب اليمني، وتوريط المملكة وإغراقها في بحار من الدماء والأشلاء، وجعل نظام آل سعود طريد لعنة الانتقام والثأر لضحايا المجازر الجماعية وحرب الإبادة الوحشية والحصار المطبق، الذي استهدف الناس في غذائهم ودوائهم، وتحميله مغبة العدوان الوحشي البربري الذي أمعن في الخراب والدمار والقتل بدون وجه حق، وبذلك تتمكن أمريكا من ابتزاز النظام السعودي على المستويين السياسي والاقتصادي، إلى أبعد الحدود الممكنة، الأمر الذي يجعله في حالة عداء دائم وشامل مع الجميع، وعندها تنهار ثقة الشعوب العربية والإسلامية فيه، وتسقط هيبة ومكانة وصورة خادم الحرمين الشريفين في الوعي الجمعي، خاصة وأن أمريكا ومن ورائها القوى الاستعمارية لا تتورع أو تتحرج في فضح النظام السعودي من وقت لآخر، وتسعى إلى كشف وتعرية حقيقة مواقفه التخريبية الاجرامية في المنطقة، وتبنيه دعم وتدريب وتأهيل الجماعات الإرهابية، وسعيه من خلالها إلى تدمير الوطن العربي والإسلامي وتفتيته، إضافة إلى انتهاكه الشعائر والمقدسات الإسلامية، وتسهيله عملية دخول اليهود الصهاينة إلى الحرم المكي الشريف والحرم النبوي الشريف، أما بصورة جماعية تحت مسمى شركات أمن وحماية وتنظيم الحج، أو بصورة فردية تحت مبرر السياحة، ذلك وغيره يجعل سقوط هذا النظام وشيكا، وحينها سيتخلى عنه الحليف الاستراتيجي والراعي الرسمي لجرائمه، ويسلمه لمصيره المحتوم، بعد أن يضمن سلامة واستمرار مصالحه على يد حليف جديد، أكثر ضعفا وهشاشة، وأكثر استجابة وامتثالا لأوامر أمريكا وسياساتها.
من نافلة القول إن عداء الشعب اليمني وانتقامه لن يكون إلا من نظام آل سعود نفسه لا سواه، ومن المستبعد أن يثق الشعب اليمني مستقبلا بهذا النظام إن قدِّر له البقاء، أو تجمعه به علاقات ثنائية ودية، بعد كل تلك المجازر والإجرام والقتل بالطائرات والمجاعة والأوبئة والأمراض، ومادامت مخاوف أمريكا وإسرائيل من أن يكون أمر باب المندب بيد الشعب اليمني، هي إحدى الأسباب الحقيقية لهذه الحرب الظالمة، فذلك لا يعفي هذين النظامين الاستعماريين من تحمل مسؤوليتهما ونصيبهما من وزر جرائم ومجازر الحرب وكل تبعاتها، وإذا كان إعلان اليمنيين العداء لأمريكا وإسرائيل، مبررا مقبولا لحقدهما وعدائهما، فما مبرر حقد وعداء آل سعود وانتقامهم من الشعب اليمني، إلا أن آل سعود ينتمون إلى ذات النهج الأمريكي الصهيوني وذات العقيدة، ولا تربطهم أدنى صلة بالأرض التي يحكمونها والإنسان الذي يستعبدونه والدين الإسلامي الذي يحكمون باسمه وينتهكونه باستمرار، والشعب الذي يستبدون به وينهبون خيراته ومقدراته وثرواته، ليملأوا بها خزائن أمريكا وإسرائيل وأخواتهما من الدول الاستعمارية، لأن فعلهم ذاك فعل المنتقم وليس فعل من يشعر بذرة انتماء للأرض والإنسان.
كان بإمكان نظام آل سعود تحقيق أهداف كثيرة تخدم مصالح شعبه، وتعزز مكانته وعلاقته بدول الجوار والعالم، لو أنه احترم إرادة الشعب اليمني، وتعاون معه، بدلا من قيامه بشن حرب انتقامية عليه، وذلك جعله يخسر حليفا استراتيجيا قويا، كان سيعزز مكانة المملكة ويساند حضورها السياسي على مستوى المنطقة والعالم، ويقيها مخاطر الزوال الوشيك، والاستبداد والابتزاز الأمريكي الصهيوني الإمبريالي، الذي احتلب ثرواتها وخيرات شعبها، وأسقط هيبتها ومقامها وسيادتها إلى الأبد، وما كان لهذا أن يكون لو أن نظام آل سعود نزل عند رغبة الشعب اليمني، وتعامل معه معاملة الند والحليف، وليس معاملة العبد التابع.