تحالف العدوان ينهك بيادقه في الجنوب.. دورة عنف جديدة في الطريق
أبو بكر عبدالله
لم تبد النخبة الجنوبية أي قلق حيال تصاعد التحذيرات من مخاطر توتر الاوضاع القابلة للانفجار بين المليشيا المتصارعة في المجلس الانتقالي وحكومة الفار هادي بمحافظة عدن، رغم أن كل المؤشرات تؤكد أن معطيات الصراع السعودي الإماراتي على النفوذ تتفاعل تحت الرماد وقت يمضي فيه العدوان بمشروع لم يعد خفيا في إنهاك المليشيا العميلة بدوامة صراع مسلح لن يقدم شيئا للقضية الجنوبية قدر ما سيمنح قاطرة الاحتلال المزيد من الوقود.
يصعب التكهن بأن مشاريع وطموحات حليفي العدوان في الجنوب المحتل في حال وئام وتوافق فتفاعلات الصراع مستمرة وظهرت بقوة إلى العلن في احتدام الخلاف بين الذراعين المسلحين لتحالف العدوان ممثلين بالمجلس الانتقالي المدعوم من الامارات ومليشيا الفار هادي المدعوم من السعودية بعدما أفضت مشاورات حليفي العدوان بشأن أحداث الصدام المسلح الاخيرة في عدن إلى وضع المليشيا المتصارعة وسط دوامة الشروط.
يعرف تحالف العدوان أن مشاريعه ومليشياته في الجنوب غير قابلة للحياة ، لكنه يفعل ما بوسعه لإبقائها في حال موت سريري كون موتها الكامل سيسقط ورقة التوت الأخيرة في تحالف الحرب الاستراتيجي المدعوم دوليا في عدوانه الهمجي على اليمن منذ 3 سنوات.
ورغم محاولات قطبي العدوان اخفاء الصراع المحتدم بينهما في الجنوب إلا أن ملامح التوتر والشحن الداخلي الحاصلة في عدن واكثر المحافظات الجنوبية تقدم مؤشرات واضحة عن عمق الصراع بين الحليفين وتعقيداته ومداه الزمني بما يؤكد أن لا أفق لـ “الشرعية الزائفة ” الحالمة بالعودة إلى السلطة من البوابة الجنوبية ولا أفق للمليشيا العميلة الحالمة بدولة مستقلة في الجنوب في ظل المعادلة القائمة التي تمضي فقط نحو إنتاج كل أسباب ادامة الصراع.
منذ التهدئة التي قادها تحالف العدوان السعودي الاماراتي مؤخرا يحبس أبناء عدن ومحافظات الجنوب أنفاسهم على نذر صراع مسلح يتوقع الجميع اندلاعه في أية لحظة في ظل اجواء مشحونة تفاقمت في الايام الماضية بعودة حرب الاغتيالات في عدن بالتزامن مع عودة التحركات العلنية لخلايا التنظيمات الإرهابية في مناطق جنوبية اخرى ولا سيما شبوة وحضرموت وهما أهم مؤشرين يكشفان ابعاد الصراع الذي يحاول قطبا تحالف العدوان الهمجي ابقاءه جمرا تحت الرماد ضمانا لمصالحهما.
المؤكد أن بقاء جذوة الصراع مشتعلة بين فصائل المرتزقة في الجنوب سيبقى هدفا رئيسيا في أجندة الغازي الاماراتي وليس بوسع أي قوة سواء المجلس الانتقالي أو ما يسمى “المقاومة الجنوبية” أو مليشيا الفار هادي وحكومته العميلة كبح جماحها بعدما أبقى الغازي الاماراتي أسبابها قائمة ومفتوحة على كل الاحتمالات.
الاماراتي ومنافسه السعودي يدركان تماما أن لا مصلحة لهما في استقرار الجنوب أو امتلاك الجنوبيين مفاعيل القوة، ولذلك فإن المرجح أن يحافظا على حال التمترس بين الأطراف المتصارعة ودفعها لجولات حرب جديدة كلما اقتضت الحاجة لتمضي قاطرة الاحتلال دون عقبات ، فطموحات الغازي الاماراتي في السيطرة على المنافذ الاستراتيجية البحرية من سقطرى وشبوة والمهرة وسواحل عدن ولحج وأبين وصولا إلى باب المندب لا يزال الهدف الأول والثاني والعاشر وأي مشاريع في محافظات الجنوب سواء ادارها المجلس الانتقالي أو مليشيا الفار هادي لن يسمح لها بالمرور إن لم تكن موجهة لخدمة هذا الهدف.
على النخب السياسية في الجنوب أن تعرف أن أي خطوة سيخطوها تحالف العدوان السعودي الاماراتي لن تصب إلا في مسارين إما لدعم ” الشرعية الزائفة للفار هادي وحكومته العميلة” بما يحافظ على مستقبل النفوذ السعودي وإما لدعم الطموحات البعيدة المنال للمجلس الانتقالي في دولة جنوبية مستقلة تحافظ على مصالح الغازي الاماراتي في السيطرة على الجنوب، وفي كلتا الحالتين فإن الكلفة التي سيدفعها الجنوبيون ستكون باهظة للغاية وسيجدون في كل مرة انفسهم وقودا لدورات عنف بعيدة عن مشروعهم الشعبوي وبعيدة أكثر عن المشروع الوطني.