كمران … جرس إنذار

عبدالرحمن اللاحجي
جاءت الزيارة التاريخية التي قام رئيس المجلس السياسي الأعلى الاستاذ/ صالح الصماد الى جزيرة كمران السياحية أواخر الأسبوع المنصرم تذكيرا لمجلس الأمن الدولي ولمبعوثه العام لليمن إسماعيل ولد الشيخ، كما جاءت تذكيراً أيضا لأكثر من 70 دولة عربية وأجنبية تستفيد من خط الملاحة الدولي – وفي مقدمها إسرائيل- بأن المصالح الجيوسياسة لها لن تكون “بمأمن”، في حال ركبت دماغها ولم تجنح للسلام وتغلب لغة الحوار والمنطق على لغة الغرور والطيش الذي يلازم صبيانها في اغلب الأوقات .
لا نعتقد بأن الأمم المتحدة وأمينها العام السيد أنطونيو غوتيريس الذي استمع لتقرير مبعوثه العام الى اليمن،ووكيله المساعد للشؤون الإنسانية وعقد بعد ذلك اجتماعا مغلقا بأعضاء مجلس الأمن ، لا نعتقد بأنهم سيفهمون مدلول الرسالة جيداً ، لأنهم دائما يرون الواقع اليمني بعين واحدة، وحتى هذه العين تفتقد في كثير من الأحيان للرؤية الحقيقية بسبب المغريات المُبهرة التي تقدم لها بين الفينة والأخرى .
على امتداد التاريخ ظلت جزيرة “كمران” مطمعاً رئيسيا للقراصنة والمستعمرين الذين قدموا لاحتلال اليمن من شتى بقاع الارض ابتداء بالرومان،البرتغال، العثمانيين… وانتهاء بالاستعمار البريطاني الذي حولها الى مستعمرة بريطانية أواخر العام 1949م تقريبا، وتمتاز هذه الجزيرة الذي يطلق عليها البعض “سقطرى البحر الأحمر ” بموقعها الاستراتيجي الهام كونها تشرف على خط الملاحة العالمي ذهابا وإيابا ، وتعتبر الحزام الأمني لميناء الصليف ،الذي لا يبعد عن ميناء الحديدة سوى 60 كيلو مترا فقط .
الرئيس الصماد فاجأنا صباحية عيد الفطر المبارك بزيارة استثنائية الى جبهة جيزان المشتعلة مع الجانب السعودي وهذه الزيارة الثانية التي يقوم بها الرئيس في هذا المضمار وبغضون فترة وجيزة، ومما لا شك فيه بأن هذه الزيارة الهامة ستربك المتحالفين حتماً بسبب جرأتها، ودقة توقيتها،وقوتها لأنها تعني بأن اليمنيين قرروا مواجهة الغرور، والطيش بمزيد من الصمود والتحدي، وأنهم مازالوا أقوياء بدرجة تجعلهم قادرين على توسعة جغرافية المعركة المحتدمة حالياً لتشمل الرقعة البحرية،وذلك بعد ان ضمنوا معركة برية متكافئة في جميع الجبهات الداخلية والخارجية ، وخرجوا منها منتصرين وبجدارة .
المعارك البرية التي اندلعت شرارتها منذ أواخر شهر رمضان المبارك والتي شملت مارب والجوف وتعز وأجزاء من البيضاء بالإضافة الى الحدود اليمنية – السعودية والتي هدفت كما قال موقع سكاي نيوز الإماراتي، الى فرض أمر واقع جديد يُجبر الحليفين المقاومين أنصار الله والمؤتمر على الاستسلام،والقبول بالشروط السعودية- الإماراتية، المعارك تلك حُسمت في صالح الجيش اليمني واللجان الشعبية ونعتقد بأن هذا الأمر قد اغاض المبعوث الاممي ولد الشيخ وجعله ينقل الرؤية العدائية لقوات التحالف الى مجلس الأمن الدولي .
هناك اعتقاد لدى السعودية والدول المتحالفة معها، يقول بأن الشعب اليمني في طريقه للاستسلام،على أن ثوابت هذا الاعتقاد تأتي من ملاحظة ان هناك طرفاً داخليا محسوبا على المقاومة يبحث الآن عن أي وسيلة للاستسلام والخنوع، ولأن الحاضنة الشعبية التي مدت ولازالت تمد حلفاء المقاومة بالقوة والعزيمة قد ضعفت واستكانت بسبب الحرب والحصار وشحة الموارد وانعدام الرواتب … ولكن هذا الاعتقاد كغيره من “احلام اليقظة” التي سرعان ما تتبخر بمجرد رؤية ذيل الحقيقة.
الشعب اليمني لن يستسلم للغزاة ولن يرضخ لظلمهم وتسلطهم وسيمارس حقه في المقاومة بكل الطرق والوسائل الممكنة ، وما الانتصارات التي يحققها الحٌفاة – البؤساء ببندقيتهم التقليدية التي يعود تاريخها الى الحرب العالمية الأولى إلا تأكيدا قوياً في هذا المضمار وتأكيداً إضافياً آخر على ان القيام بارتكاب أي حماقات تؤدي الى اغلاق الشريان الوحيد الباقي لهذا الشعب المطحون لن تؤدي إلا الى مزيد من الاندفاع نحو الموت ، ومع فارق بسيط هو ان هذا الموت سيطال الجميع ” دون استثناء ” .!
قوات التحالف وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا اختارت الحرب واعمتها غطرسة القوة والهيمنة عن رؤية ظلمها وتنكيلها بشعب قدم لها رياحين السلام والتعايش حفاظاً على مصالحها ومصالح كل العالم، وقدمت قيادته المئات من التنازلات المجحفة بحق مستقبل أجياله، ونجزم بأن خيارها هذا سيؤدي الى هلاكها ، فعمر الظلم والظالم قصير جدا، وحالة الانهيار التي يُخيل لها بأنها تراها في أوسط شعبنا مجرد حالة استثنائية لن تطول،وسرعان ما سيُبدد عتمة هذا الليل أنوار الفجر المتلألئ من لؤلؤة البحر الأحمر” كمران” وذلك مهما بلغ زيف امبراطورياتهم الإعلامية وتضليلها ، ومهما اشتد بأس جيوشهم الالكترونية على أبناء هذا الشعب القابضين على جمر الكرامة والعزة .
زيارة الرئيس الصماد مجرد “جرس إنذار”، لما هو أخطر في مقدم الأيام والشهور أو حتى السنوات اذا لزم الأمر” مع قناعتنا بأن الحرب لن تستمر طويلا اذا ما اندلعت في البحار أو المحيطات ” ، جرس يقول إن الشعب اليمني العظيم لن يركع أمام حفنة من الغوغائيين واللقطاء… وليس امام الغزاة وأربابهم غير الاعتراف بحقوقه المشروعة والالتزام بقرارات المجتمع الدولي والمبادرات الأممية الموقعة في مسقط أو غيرها..!
إنها كمران تدق ناقوس الخطر ، فهل سيسمع الغزاة ما يسمعه الأصحاء من عامة الناس؟، أم أنهم بحاجة الى “رنين” من نوع آخر؟!

قد يعجبك ايضا