من يحق له أن يتزعم العالم…؟!
عصام حسين المطري
الزعامة قدرة وموهبة لا يجيدها أكثر الناس ولا تتقنها معظم الدول، كما أنها رغبة في استدراك الواقع الملموس والنأي به عن الاخفاق والفشل، وهي أيضا طموح فولاذي يستغرق الزمان والمكان ويدفع باتجاه النهوض بالواقع الرديء في الحياة الفردية والجماعية، فما ينطبق على الفرد يسري على الجماعات والأقوام والشعوب والدول والأمم في الحاضر وغابر الزمن.
وتتعدد أسماء وألقاب الزعامة وتتباين من حضارة إلى حضارة على أن فحوى الزعامة يذهب بإدراك إلى القيادة وممارستها عملياً في مختلف المجاميع والتكوينات السياسية والاقتصادية والاجتماعية صوب تنظيم واقع العيش والحياة والوقوف على أساليب التحديث والتطوير للبنيان.
إلا أن المتابع الحصيف لأسفار التاريخ الإنساني يدرك بداهة أن الزعامة لون واحد مهما اختلفت اللغات وتباينت الثقافات وتعددت المعتقدات، فكم نحن في أمس الحاجة إلى ميزان حساس يضبط لنا حدود الزعامة ويضعنا أمام تعريف ومدلول واحد لها.
وبعد هذا الاستهلال والاسترسال يحلو لنا القول إن الزعامة سلوك وممارسة بيد أن لها اشتراطات وضوابط تمضي بها صوب تحقيق الغاية منها إبعاداً لها عن مواطئ الانكماش وسُبل الفشل والاخفاق، فهي مطية ذوي الفلاح والنجاح من الأفراد والجماعات والشعوب والأقوام والأمم.
ومن اشتراطاتها تمتع أهل الزعامة من الأفراد والجماعات بالعقل السليم، كما أن من اشتراطات الزعامة تبوؤ الفرد أو الجماعة “سواءً كانت الجماعة حزباً أو دولة أو أي تكتل” بالمكانة الرفيعة والمواقف الحسنة في الوسط والمجال اللذين تمارس فيهما تلك الزعامة على أن احتلال مساحة شاسعة من المحبة والتقدير والاحترام في قلوب مختلف الأوساط الشعبية والجماهيرية، وكسب ولاء عامة وخاصة الناس من أهم الاشتراطات المؤدية إلى تحقيق الغاية والهدف من الزعامة.
والزعامة كمفهوم وسلوك سلاح ذو حدين، فهي إما أن تُسخر للخير، وإما أن يكسوها أهل الشر رداء الشر والخسران.
وحقيق بنا ونحن نتحدث عن الزعامة أن نعرج على الزعامة الفطرية في قالبها الجميل البسيط غير المعقد، وهي الزعامة الأُسرية في البيت السعيد، فالأسرة هي نواة الدولة والمجتمع إن صلحت صلح المجتمع وإن فسدت فسد المجتمع حيث يقدم الوالدان أنُموذجا رائعاً عن الزعامة عن طريق عدم الاخلال مطلقاً بواجباتهما تجاه الأسرة وأفرادها.
ويسعفني في هذه العجالة أن أقف بعد هذا التمهيد عند عنوان مقالتي لنقف عند أهم المحطات التي تدفعنا دفعاً لإماطة اللثام عن كنه الحاكم الذي يحق له أن يحكم العالم حيث أؤكد ما ذهبت إليه الدراسات المحلية والإقليمية والدولية أن هذا العصر عصر الإسلام الذي سيحكم العالم الإنساني الكبير بمبادئه وتعاليمه وشرائعه الصالحة لكل زمان ومكان بعد أن تاه العالم البشري في عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع وصنع الحياة من خلال عدم التوازن التام بين المادة والروح، وإسعاف حظ الأمة الإنسانية الرعناء عن طريق تحكيم شرع الله، فالشيوعية ولت إلى غير رجعة والتي كانت عبارة عن ردة فعل منحرفة لأوضاع منحرفة، والتي كانت تهتم بالجماعة دون الفرد، كما أن النقيض لتلك النظرية هو أيضا إلى زوال، فالعلمانية التي جاءت لتحدث اختلالاً واضحاً في الميزان الاجتماعي والسياسي والاقتصادي عن طريق الاهتمام بالفرد دون الجماعة من خلال تأليه النظام الرأسمالي الذي باتت بشائر سقوطه تلوح في الأفق، وما هي إلا خمسة عشر عاماً حتى يوغل هذا النظام في السقوط والذي أفسد الحياة بعدما اتكأ على العلمانية التي تفصل الدين عن السياسة وتحصره في المعابد والكنائس، فتفشى الفساد الاخلاقي في مجتمعات لا يحكمها شرع الله عز وجل الذي يسوس الفطرة البشرية ويدفع بالكائن الحي صوب الكمال، وتحقيق التوازن بين المادة والروح.
لقد انبهر العالم العربي والإسلامي وقتذاك بالحضارة الأوروبية الفاشلة حيث خدعه زيف بريقها الكاذب الجذاب وما هي إلا سنوات حتى أدرك الشارع العربي والإسلامي أن العلمانية ونظامها الرأسمالي آل إلى زوال، فالمجتمع الأوروبي يشكو كثيراً من الاضطرابات الاخلاقية والسلوكية وتفشي الأمراض التي أعجزت التقدم المادي والتكنولوجي عن معالجتها لتشهد أوروبا بأن حضارتها ستورث لأمة جديدة دون العلل والاسقام، فأوروبا في احتضار وسيخلفها المارد الإسلامي الجفول الذي سيقيم حضارة العدالة والرقي والمساواة والحرية وذلك في ظل نظام الشريعة والدين الإسلامي، فالإسلام هو من يحق له تزعم العالم.