المبادرة الخليجية .. تساؤلات مشروعة !!

الثورة نت/..   

  في اجتماعه الاستثنائي الـ37 الذي عقده مؤخرا في نيويورك المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي وشارك فيه الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية .. وبعد أن اطلع المجلس الوزاري على تقرير من الزياني بشأن تطورات الأوضاع في اليمن خلال الزيارة التي قام بها في الفترة من 19 ـ 22 سبتمبر الجاري .. أعرب عن عميق ألمه وشديد أسفه لسقوط القتلى والجرحى من أبناء الشعب اليمني وتعازيه ومواساته الحارة لذويهم وتمنياته للجرحى بالشفاء العاجل.

وحسب البيان الصادر عن الاجتماع فقد أكد المجلس حرص دوله على مساعدة أشقائه في اليمن للوصول إلى توافق للتنفيذ الفوري والأمين للمبادرة الخليجية كما هي وتطلعه إلى توقيع الرئيس علي عبد الله صالح الفوري عليها وتنفيذ الانتقال السلمي للسلطة بما يحفظ لليمن أمنه واستقراره ووحدة أراضيه ويحترم إرادة وخيارات شعبه ويلبي طموحاته في التغيير والإصلاح خاصةٍ وأن الوضع الأمني والإنساني في اليمن لا يحتمل المزيد من التأخير.
ومع تقديرنا العميق لاهتمام الأشقاء في المجلس الوزاري بالأوضاع في اليمن وحرصهم على أمنه واستقراره ووحدته الوطنية وجهودهم الأخوية الصادقة لإنهاء الأزمة القائمة الا أن دعوتهم للتنفيذ الفوري للمبادرة الخليجية كما هي دون الحديث عن الآلية التي يجب أن تصاحب تنفيذ المبادرة وفقا للدستور اليمني وبما يضمن الانتقال السلس والآمن للسلطة سوف تصطدم بالعديد من الصعوبات المنطقية والتي سبق وأن تم التنبيه إليها في عديد من المناسبات واللقاءات ومن ذلك ما طرحه الأخ الأستاذ أحمد الصوفي السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية في ورقته إلى ندوة ” المبادرة الخليجية وتأثيرها على مستقبل اليمن ” يوم 4 مايو الماضي بعنوان ” التطوير والتحصين لأبعاد المبادرة الخليجية ” وأكد فيها على ضرورة تنفيذ البنود الواردة في اتفاق المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن بحسب أولوياتها وبحيث لا يتم الانتقال إلى تنفيذ بند إلا بعد اكتمال تنفيذ ما سبق..
ورأى الصوفي ان تحديد آليات واضحة ودقيقة وتفسير مقبول لجوهر كل بند وماذا يقصد به يعد أمراٍ مكملاٍ للاتفاق الذي بقدر ما يؤسس لانتقال سلس بقدر ما يمثل أيضاٍ رؤية مغايرة لمستقبل العلاقة بين مكونات الحياة السياسية اليمنية. . منوهاٍ بأن الاتفاق يؤخذ ويقرأ ضمن وحدة واحدة في بنوده العشرة والتي تحتاج إلى آليات تمنع الاجتهاد وتحول دون المناورة وفتح الباب على التفسيرات الأنانية سياسياٍ.
وفي سياق مقترحاته لتطوير وتحصين المبادرة الخليجية أشار إلى أهمية تقديم فهم محدد المفهوم للخطوات التنفيذية لتوفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالة عناصر التوتر سياسياٍ وأمنياٍ مقترحاٍ في هذا الصدد اتخاذ عدد من الإجراءات المتمثلة بإيقاف الحملات الإعلامية بين الجانبين وإنهاء الاعتصامات والمسيرات والإضرابات من الجانبين وإنهاء قطع الطرقات والاعتداء على المباني الحكومية والممتلكات العامة والخاصة وإنهاء التمرد العسكري في بعض الوحدات العسكرية وكافة المظاهر المسلحة.
وفيما يتعلق بموضوع الحصانة الممنوحة ضد الملاحقة القانونية والقضائية أو ما يسمى بالضمانات اقترح الصوفي والذي شارك حينها بالندوة بوصفه رئيسا لمعهد التنمية الديمقراطية ان يكون النص كالتالي : ” في اليوم التاسع والعشرين من التوقيع على هذا الاتفاق يعقد مجلس النواب لإقرار قانون يمنح الحصانة القضائية والقانونية للقيادات السياسية والعسكرية والأمنية في الدولة وكذا القيادات الشبابية والحزبية من كاف الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة الوطنية في السلطة والمعارضة وبما يكفل إنهاء كافة أشكال الثأر السياسي منذ قيام الوحدة في الثاني والعشرين من مايو 1990م وما تلاها ويفتح صفحة جديدة من التصالح والتسامح في الوطن”.. معتبراٍ هذا النص ملبياٍ لهدف تحقيق مصالح وطنية شاملة بين كل أبناء الشعب اليمني وتحقيق المصلحة الوطنية العليا.
وتطرق إلى جملة من الملاحظات حول المبادرة الخليجية وقال بأن حكومة الوحدة الوطنية ومهامها خلال الثلاثين يوم الأولى هي الاختبار الأساس لمدى تجانس وصدقية السلطة والمعارضة في الالتزام بتنفيذ الواجبات المناطة بها.. متسائلاٍ عن أي نوع من السلطة سوف يمارسها الرئيس خلال الأيام الثلاثين التي ما زال خلالها حاكماٍ فعلياٍ للجمهورية اليمنية ومنها على سبيل المثال : إبرام المعاهدات مع الغير وإصدار القوانين بقرارات واستقبال الرؤساء واختيار ممثلي المؤتمر الشعبي العام في الحكومة وأداء اليمين الدستورية من قبل هذه الحكومة أمامه.. مؤكداٍ ان الواجبات الأساسية الأكثر تحديداٍ لرئيس الجمهورية باعتباره الطرف السياسي الأول في العقد والاتفاق هو التأكد من تنفيذ الحكومة لمهام المرحلة الأولى مثل إزالة الاعتصامات وإنهاء التقطعات وخلق مناخ مواتُ يمهد للتقدم نحو المرحلة التالية من خلال خروج العناصر المنتجة للأزمة مثل أولاد الأحمر وعلي محسن صالح وتسليم أسلحة الفرقة الأولى مدرع وإعادة دمج أفرادها في القوات المسلحة.
وقال أن الواجبات الأساسية للرئيس هو التأكد أيضاٍ من الالتزام التراتبي للفقرات والمهام كإحدى الوسائل الضامنة لنجاح تنفيذ أمين للمبادرة الخليجية بحيث لا يتم الانتقال من بند إلى بند محكومين بأولويات أو حاجات أحد أطراف الاتفاق وبحيث تصبح فكرة ترجيح أولوية الالتزام بالخطوات حسب ما جاء بالنص معيار بناء الثقة بين الأطراف اليمنية وكذا الجهات الدولية المراقبة أو حتى الضامنة وحتى لا يكون الانتقاء مصدراٍ لجلب المفاسد والأهواء السياسية بهدف التلاعب بدور الشهود والوسطاء.
ولفت إلى واحدة من أهم واجبات حكومة الوحدة الوطنية خلال المرحلة الأولى وهي التهيئة والعمل على إعداد المراسيم والخطوات السياسية التي تعكس الاحترام والتقدير الكافيين لفخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح سواء عند انعقاد المجلسين أو في أسلوب التخاطب مع التزاماته الدستورية المنقولة إلى النائب الذي يختاره.
وأضاف الصوفي : “حري بأحزاب المعارضة والمؤتمر الشعبي العام وحلفاءه التفكير بطريقة ايجابية توفر الأساس لترسيخ تقليد سياسي وقيمي في مجال التداول السلمي للسلطة بحيث يمنح الرئيس صفة الأب والراعي للتجربة الديمقراطية وتعمم في جميع وثائق الدولة صيغة أنه الرئيس الذي حقق الانجازات التنموية وأصِل قواعد الحياة الديمقراطية واختيار تاريخ استقالته يوماٍ للنشاط الثقافي والفكري وتأسيس جائزة رفيعة المستوى باسمه في مجال الفكر والأدب بحيث لا تقتصر على المؤسسات والأشخاص اليمنيين بل تشمل المثقفين العرب “.
وفي نهاية ورقته طرح الصوفي جملة من التساؤلات حول مضامين المبادرة الخليجية قائلاٍ : من صاحب السلطة في المرحلة الثانية الفعلية سواء بفعل نصوص الدستور أو بروح الاتفاق الذي ترتب عنه نقل سلطات الرئيس إلى نائبه وصار رئيساٍ مؤقتاٍ بالوكالة إلى حين انتخاب رئيساٍ جديداٍ¿. وأيهما يملك السلطة العليا حكومة الوحدة الوطنية أم الرئيس المؤقت¿.. وخلال هذه الفترة المقدرة بستين يوماٍ أي من المهام التي يستطيع بالتفاهم مع نائبه المكلف ان يمارسها¿.. وفي حال ما اختلف النائب ومجلس الوزراء وانحاز الرئيس المؤقت إلى خيار حزبه الذي يشكل أغلبية داخل المجلس فهل تنصاع المعارضة وتمتنع عن الانسحاب من تشكيلة الحكومة ¿.. وإذا انسحبت تحت أي مبرر فهل بمقدورها العودة إلى الشارع ¿..وفي حال التزام الأطراف بالمنهجية التراتبية لتنفيذ الاتفاق هل يقدم الرئيس استقالته بالأجل الزمني المحدد إذا أخفقت المعارضة في إزالة كل صور الفوضى والإعتصامات في أماكن حدوثها سواء في تعز أو في أمانة العاصمة أو غيرها¿.. وفي حال انتقال أعداد من الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام إلى صفوف المعارضة خلال الشهر وامتنعت عن المشاركة في الجلسة المقررة لهدف قبول استقالة الرئيس.. فهل قبول المجلس للاستقالة حتى إذا توفر النصاب القانوني يجعل من البرلمان شرعياٍ والقرار بالموافقة دستوريا¿ خاصة وان الصلاحية القانونية للمجلس تنتهي في 27 ابريل وهو ذات الأمر الذي حال ما رفضت المعارضة أداء اليمين أمام علي عبد الله صالح فهل تعد هذه الحكومة قانونية¿ وفي حال آخر تقرر فيه المعارضة تسمية حلفائها في الحياة السياسية ليتبوءوا مراكز وزارية تغطي كامل حصتها مع احتفاظ قيادات المشترك بخط عودة إلى الوراء ثم أخفقت هذه الحكومة المستعارة في انجاز واجباتها المحددة من سيكون المسئول حينها أمام الوسطاء الخليجيين والشهود الأوروبيين¿.
أليست هذه تساؤلات مشروعة من حق الشعب اليمني العريض المتمسك بالشرعية الدستورية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة أن يجد الإجابات الشافية عليها ¿!

المصدر : 26 سبتمبر

 

قد يعجبك ايضا