*2016م.. أحداث كبيرة غيَّرت مسار العالم
*خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. و”ترامب” يفاجئ العالم
*إقرار قانون “جاستا” يصعق النظام السعودي ويوتر العلاقات بين واشنطن والرياض
شهد العام 2016م أحداثا كبيراً غيرت مسار العالم سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وكان لتلك الأحداث تأثيرات وانعكاسات لافتة على العديد من دول العالم، وشهدت مختلف القارات العديد من التطورات، بداية من الحروب وصولًا إلى انتخاب رؤساء جدد، واستفتاءات وغيرها،وهناك ثلاث دول مرت بأحداث مختلفة خلال هذا العام، وسيكون لها تأثير مؤكد في العام المقبل، وربما على المدى الطويل، وهي تركيا وبريطانيا والولايات المتحدة كما مثلت مصادقة النواب الأمريكي على مشروع قانون “جاستا” صفعة مدوية للنظام السعودي لأنه سيسمح لأسر ضحايا أحداث 2011م بمقاضاة السعودية.
انقلاب في تركيا
شهدت تركيا العديد من التطورات والأحداث خلال عام 2016م، والتي أثرت وستؤثر مستقبلا على مسار الدولة، من بينها انقلاب يوليو واغتيال السفير الروسي والتفجيرات والتعديلات الدستورية ورفع الحصانة عن المعارضين، واقتصاديًّا كان التراجع الكبير لليرة التركية.
ويعد انقلاب 15 يوليو من أبرز الأحداث، والذي كاد يطيح بالرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته، وتم إحباط محاولة الانقلاب، ومن ثم قام أردوغان بالعديد من التغييرات السياسية، وشن حملة اعتقالات ضد المعارضين والأكراد، وأيضًا قام بما يسمى بتطهير المؤسسة العسكرية والتعليم والقضاء وغيرها ومن المؤسسات؛ ليتمكن من السيطرة على مفاصل الدولة التركية، ووجه أصابع الاتهام لحليفه السابق الداعية الإسلامي فتح الله جولن، بالتدبير للانقلاب، وألقى القبض على غالبية أنصاره.
اغتيال السفير الروسي بأنقرة
في ختام عام 2016م، كان الحدث الأبرز هو اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة، اندريه كارلوف في 19 ديسمبر، إثر هجوم مسلح داخل معرض فني، من قِبَل أحد رجال الشرطة الأتراك، والمفصول من الخدمة، ويدعى مولود ألطنطاش، والذي نفذ العملية انتقامًا من الانتصارات الروسية والسورية بمدينة حلب بسوريا، ولا يزال لهذا الحادث العديد من ردود الأفعال داخل تركيا وأيضًا على الصعيد الدولي.
وفيما يخص الهجمات الإرهابية، شهدت تركيا العديد من الهجمات الإرهابية كان أبرزها في مدينتي اسطنبول وأنقرة، ففي فبراير وقع انفجار أسفر عن مقتل 28 شخصًا، استهدف سيارة تقل موظفين يعملون بالمؤسسات العسكرية، وفي يونيو وقع هجوم في مطار أتاتورك الدولي، مما أسفر عن مقتل 36 شخصًا معظمهم من الأجانب.
رفع حصانة المعارضين
من أهم التغيرات التي شهدتها تركيا هي رفع الحصانة عن المعارضين بعد الانقلاب، خاصة الأكراد، وتعرضهم للاعتقال، وأسهم رفع الحصانة عن النواب الأكراد في ملاحقتهم، واعتقال عدد منهم، وعلى رأسهم زعيم حزب الشعوب الديمقراطي، المقرب من «الكردستاني» صلاح الدين دمير طاش؛ تمهيدًا لمحاكمته وزملائه بتهمة التعاون والترويج «للكردستاني».
بعد محاولة الانقلاب طالب أردوغان بتعديلات دستورية توسع صلاحياته وتبقيه في الحكم حتى عام 2029م، ومن المقرر تمرير تلك التعديلات من خلال استفتاء سيجرى في العام المقبل، والتي من شأنها تعزيز النظام الرئاسي بدلًا من البرلماني.
واقتصاديًّا تراجعت الليرة التركية بشكل كبير في عام 2016م، حيث سجلت انهيارًا تاريخيًّا مقابل الدولار الأمريكي الذي سجل 3.4078 ليرة، وأرجأت وسائل الإعلام التركية هذا التراجع إلى بيان رئيسة المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جانيت يلين برفع معدلات الفائدة.
بريطانيا والخروج من الاتحاد الأوروبي
شهدت القارة الأوروبية العديد من الأحداث المثيرة للجدل، وكان أبرزها قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد الاستفتاء الذي عقده رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، مما قاد إلى الإطاحة بحكومته وتعيين حكومة جديدة بقيادة تريزا ماي، ودفع إلى صعود اليمين في بريطانيا، وشجع العديد من الدول الأوروبية على اتباع تلك الخطوة، وصعود اليمين بشكل عام إلى السلطة بعد اختفاء دام لعقود، وقد تأثر الاقتصاد والجنيه الاسترليني بهذه الخطوة، وعلى الصعيد العربي، بدأت بريطانيا بالعودة تدريجيًّا إلى العالم العربي.
ويعتبر الاستفتاء هو الأشهر وكان بمثابة الفتيلة الأولى لموجة المد الشعبوي، منذ 23 يونيو الماضي، وفاز معسكر خروج بريطانيا الاتحاد الأوروبي بنسبة 52%، أي 12.37 مليون صوت، وبالتالي قطع الناخبون العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
كما تغير المشهد الاقتصادي في أوروبا مع خروج بريطانيا، خاصة أن خروج بريطانيا سيتطلب وقتًا طويلًا ينتهي في عام 2019م، وهناك عناصر كثيرة لن نتمكن من تقيمها إلَّا وفق الاتفاقات التجارية والاقتصادية التي ستتمكن بريطانيا من إبرامها بعد الخروج.
وقد هبط الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته في 31 عامًا، وظل يتقلب حتى وصل إلى 1.25 دولار في نهاية عام 2016م، وبالتالي انخفض بنسبة 15%، ومع هذا الانخفاض تتسارع وتيرة تضخم الأسعار على البريطانيين، وهو ما يزيد من أعباء المعيشة.
فوز ترامب في الولايات المتحدة
شهدت الولايات المتحدة العديد من الأحداث على الصعيدين الداخلي والخارجي، بداية من علاقتها الخارجية والتي شملت روسيا والسعودية وإيران، وحربها على تنظيم داعش الإرهابي، بالإضافة إلى الحدث الأبرز وهو فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، ليتولى المنصب رسميًّا في 20 يناير 2017م.
وكان تاريخ 8 نوفمبر 2016م، نقطة تحول في تاريخ الولايات المتحدة بشكل خاص والعالم بشكل عام، حيث فوز دونالد ترامب على منافسته الأمريكية هيلاري كلينتون، ليصبح الرئيس رقم 45 لأمريكا. وبفوز ترامب تتغير خريطة التكتلات العالمية؛ لسياسته المختلفة عن الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، وتقاربه مع روسيا، وعدائه تجاه الصين.
كما يتبع ترامب نهجًا جديدًا ضد المهاجرين والمسلمين، بالإضافة إلى تقربه من إسرائيل بشكل كبير، مما يجعل العالم كافة ينتظر وصوله إلى البيت الأبيض وسط ترقب وتوجس، لسياسة مجهولة لا يعلمها أحد.
مأزق العلاقات الأمريكية مع روسيا والسعودية
انتابت العلاقات الأمريكية الروسية حالة من التوتر الشديد، خاصة حين يتعلق الأمر بالأزمة السورية، وشهدت ما يسمى بالحرب الباردة، لكن مع فوز ترامب بدأت هذه التوترات في الانخفاض تدريجيًّا، لسياسة الرئيس المنتخب المختلفة تجاه الكرملين.
وتوترت العلاقات الأمريكية السعودية بشكل كبير، حتى وصلت لتعليق إدارة الرئيس أوباما بيع بعض الأسلحة للرياض؛ لاستخدام الجيش السعودي تلك الأسلحة ضد المدنيين في اليمن، واستهدافها البنية التحتية في البلد الأفقر عالميًّا، كما أن ترامب يتوعد السعودية بعد توليه الرئاسة، كما صرح بأنه قد يتوقف عن استيراد النفط السعودي، كما أغلق بعض شركاته في السعودية، مما يوضح غموض مستقبل العلاقات بين البلدين.
وكان مجلس النواب الأمريكي قد صادق في 9 سبتمبر الماضي، بالإجماع على مشروع قانون جاستا، والذي يسمح لضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة الحكومة السعودية طلبًا لتعويضات، مما يفتح باب الخلاف بين البلدين.