وهكذا في ظل وضعٍ عالمي سَاقِطٍ تحت هيمنةِ الوثنية والشرك، والخرافةِ والجهلِ والضلالِ المبين، بكل ما تعنيه مفردة الضلال ككلمةٍ شاملةٍ، ووصفٍ يتسعُ لكلِّ مفرداتِ التعبيرِ عن الحالة القائمةِ آنذاك من شركٍ وكفر وفساد وظلم وانعدامٍ للهدف، وضياعٍ بكل ما تعنيه الكلمة، صَدَعَ بالحق مبلغًا لرسالةِ الله، جامعًا بين الرحمة العظيمة للناس والحرصِ على إنقاذهم – مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، وما أعظم هذا الوصف فيما يفيده من الهداية والنور الذي كان عليه رسول الله منيرًا به للعالمين – وبين الثقة بالله والتوكل عليه لمواجهة التحديات والأخطارِ والصعوباتِ الهائلة وبقوّةِ الإيمان وبنورِ الهداية الإلهية ثبت مستبصرًا على بينةٍ من ربه في مواجهةِ قُوى الطغيان والضلال التي تحركت لمواجهته بكلِّ همجيتِها وإجرامِها ووحشيتِها وإمكاناتِها الهائلة مشركي العرب، واليهود، والرومِ الذين كانوا قوةً عالمية لكنها كلُّها باءت بالفشل، وشق الإسلام طريقه والنورُ بَدَّدَ الظلماتِ المتراكمة الكثيفةَ وصولاً إلى النصر والفتح المبين }هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ{التوبة:33.
وما أعظم النور الذي تحرك به لإخراج الناس من الظلمات ! إنه القرآن الكريم قال الله تعالى: }كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{إبراهيم:1.
لقد كان خروج الناس من الظلمات هو من خِلالِ خَلاَصِهم من تلك الخرافاتِ والجهالات والعقائدِ الباطلةِ، والأفكارِ المسممةِ، والمفاهيمِ المغلوطةِ، والتصوراتِ الزائفة الظلامية إلى نور القرآن بثقافته العظيمة المحقّة ومفاهيمِهِ الصحيحة، وتعليماتِه التي تُصْلحُ الإنسانَ وتصلح الحياة، ورؤيتهِ الواسعة الشاملة الهادية البنَّاءة.
Prev Post