تأديب البقرة الحلوب
عبد الفتاح علي البنوس
الأمريكيون يبحثون فقط عن مصالحهم والتي من أجلها هم على استعداد للتفريط والفرك بكل حلفائهم غير آبهين بأي انعكاسات أو أضرار سلبية قد تعود على المتحالفين معهم ، فالمصلحة الأمريكية مقدمة على ما دونها من المصالح وهذه هي السياسة الأمريكية التي تنظم علاقاتها ومصالحها مع دول العالم.
النظام السعودي أحد أبرز حلفاء البيت الأبيض منذ العام 1945حيث جعل الأمريكيون منه مطية لتمرير أجندتهم وتحقيق أهدافهم والوصول إلى غاياتهم وتسابق آل سعود على تقديم قرابين الولاء والطاعة للأمريكان وسخروا إمكانيات وثروات شعبهم من أجل أمريكا ورعاية مصالحها في المنطقة وجعلوا من الثروة النفطية التي يمتلكونها أداة بيد الأمريكان وفوق ذلك عمدوا إلى استثمار مبالغ طائلة هناك وتقديم ومنح امتيازات لم يكن الأمريكان يحلمون أو يمنون أنفسهم بها وكل ذلك من أجل حصولهم على الحصانة الأمريكية التي تؤمن لهم البقاء على العرش الملكي في دولة تسمت باسم فرد وأسرة في انتهاك سافر للحقوق والحريات .
قدم آل سعود كل شيء للتقرب إلى الإدارات الأمريكية المتعاقبة ونفذوا كافة المؤامرات الأمريكية في المنطقة بأدوات وأموال سعودية، تيهودوا وعادوا لجذورهم وباعوا فلسطين بدون ثمن ومن ثم تآمروا على العراق وسوريا وليبيا وأخيرا على اليمن فخاضوا الحروب نيابة عن أمريكا ظنا واعتقادا منهم بأن أمريكا على كل شيء قدير وأنها إذا أرادت شيئا فإنما تقول له كن فيكون، حيث عبدوها وجعلوها بمثابة الرب والإله بالنسبة لهم وسلموها زمام أمرهم وباعوا الدين والشريعة من أجل إرضاء أمريكا وكلهم ثقة واعتماد وعقيدة عليها وعلى الفيتو الموقر تماما كما هو اعتماد الكيان الصهيوني ولكن وفي لحظة فارقة تبخر كل ذلك في الهواء ووجدت البقرة الحلوب نفسها في زاوية ضيقة جدا بعد أن أبطل مجلسا الشيوخ والنواب الأمريكيين فيتو أوباما ضد قانون يسمح لأسر ضحايا 11سبتمبر بمقاضاة النظام السعودي والمطالبة بتعويضات لها وصار هذا القانون نافذا لتبدأ معه مرحلة التأديب الأمريكية لهذه الأسرة الملعونة التي لم تدخر وسيلة لتدمير وتفكيك الأنظمة العربية وتشويه صورة الدين الإسلامي بتبنيها الأفكار الوهابية المتطرفة وتبنيها على أنها تمثل تعاليم الإسلام السمحة وكل ذلك من أجل السلطة وتثبيت دعائم حكمهم0.
ولا غرابة من هستيرية ردود الأفعال السعودية على هذا القرار ،فالصدمة قوية وغير متوقعة من حليف باعوا أنفسهم له وتجندوا لخدمته والسهر على مصالحه ولكنهم تناسوا بأن قدرة الله فوق كل شيء وأنهم مهما تمادوا في ظلمهم وإجرامهم فإن الله لهم بالمرصاد وسيبتليهم بأظلم منهم وسيقتص لكافة الضحايا وسيتجرع هؤلاء الأوغاد السم الزعاف وسيدفعون ثمن الغطرسة والتعالي على عباد الله وسيشربون من نفس الكأس الذي أشربوه للكثير من شعوب المنطقة وستجف ضروع بقرتهم الحلوب وسيعودون كما كانوا حفاة عراة وستتطهر شبه الجزيرة العربية من رجسهم و إلى غير رجعة وسيكتب التاريخ ويخلد في صفحاته بأن آل سعود الأسرة الوحيدة التي نافست بني إسرائيل في الكفر بنعم الله عليهم وتسخيرها لمحاربة الله ورسوله وعباده المؤمنين وتقوية ودعم وإسناد ومؤازرة قوى الشرك والإجرام والإلحاد والإفساد بكل وقاحة وبجاحة . لا غرابة في ذلك ما دامت جذورها وأصولها اليهودية ضاربة في الأعماق ، وما دام التقارب بين الكيانين الإرهابيين السعودي والإسرائيلي هو سيد الموقف بين الجانبين وهو الملاذ الأخير لهذه الأسرة الذي قد تلجأ إليه لاحتواء تداعيات القانون الأمريكي الذي شكل ما يشبه حالة انفصال من طرف واحد لزواج راديكالي دام قرابة 71 عاما إلا إذا ما تحرك اللوبي اليهودي ولعب دور المصلح وعمل على التوفيق بين الطرفين من جديد ولكن هذه المرة بعقد نكاح ومهر جديد يفرض الأمريكان شروطه وضوابطه ويحددون فيه ما يشبع رغبتهم التسلطية ويضعون بصمتهم ويمررون أجندتهم التسلطية التي تتماشى ومبادئ وعقائد الوهابية السعودية أطع ولي أمرك ولو جلد ظهرك وأخذ مالك ونفطك وانتهك أرضك وعرضك وإن جعل منك حذاء ينتعلها ويخلعها متى أراد ، وحينها لن يكون لآل سعود الحق حتى في المطالبة بمؤخر الصداق على الأقل كون الإدارة الأمريكية استنفذت الطلقات الثلاث ولا خيار لعودة العلاقة إلا بمحلل أو الدخول في علاقة جديدة وهذا هو المستحيل بعينه فلم يعد يمتلك آل سعود بعد كل ذلك ما يغري وخصوصا إذا ما ذهبت الأموال السعودية لتعويض كل ضحايا همجيتهم وسياستهم الرعناء وفكرهم الضال وعقيدتهم المتطرفة وشذوذهم القذر في العراق وسوريا وليبيا واليمن ومصر والبحرين ولبنان وتونس وأمريكا وفي بقية بلدان العالم التي طالها عبث وإجرام هذه الأسرة الفرعونية الباغية.