سبتمبر 2016م
مطهر تقي
منذ زلزال 2011م والقوى السياسية في حالة تنافر ومكايدات وحتى مارس 2015م فتحول ذلك التنافر والخصام إلى خلاف مسلح وانقسام حاد في المواقف ولم يعد يجمع تلك القوى إلا الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وأصبحت هذه الثورة وثوابتها الوطنية محل إجماع تلك القوى، فها هو سبتمبر 2016م قد جمع الزيدي والشافعي والمؤتمري والانصاري والإصلاحي والبعثي والناصري والاشتراكي. وكل شرفاء اليمن، يحتفلون بسبتمبر العظيم سبتمبر الثورة والتحول العظيم في حياة أبناء اليمن كمن يحتفل بقدوم الرمز العزيز عليه فهو اليوم الذي شارك في صنعه كل أبناء اليمن وبمختلف أطيافهم الاجتماعية وفي المقدمة الهاشميون الأحرار من ضباط وعلماء وقادة رأي وساسة.
فقد جمع سبتمبر كل أبناء اليمن الذين وجدوا أن الحكم الإمامي قد وصل إلى حالة من الشيخوخة والعجز عن تلبية مطالب الشعب ومتطلبات العصر الذي شهد تحولات جذرية في أكثر الدول العربية وانعكس إيجابا على شعوب تلك الدول في مختلف مجالات الحياة، فوجد الضباط الاحرار ومعهم كافة القوى الاجتماعية أن تغيير الواقع المظلم لابد منه وسنة من سنن الحياة وأن الشعوب حية ومن حقها أن تعيش وتنظم إلى بقية الشعوب المتقدمة.
وما يهمنا في هذا المقام أن يوم أمس احتفل الشعب اليمني بكل فئاته السياسية وشهد ميدان التحرير إيقاد الشعلة الأم لتعلن ميلاد عام جديد لسبتمبر وسط احتفالات القنوات التلفزيونية والاذاعات الرسمية وكذلك التابعة للمؤتمر وأنصار الله ببث مباشر بما في ذلك نقل خطاب الأستاذ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى خطاب الدولة ولسان حال سبتمبر صنعاء عاصمة اليمن واكتوبر ومايو والذي راهن كثير من المحللين السياسيين في الداخل والخارج على أن التنافر والتضاد بين المؤتمر والأنصار سيكون واضحا في هذه الاحتفالية الهامة فكان العكس تماما، فقد كان مضمون خطاب الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم على عبدالله صالح متطابقاً مع الخطوط الرئيسية لخطاب رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد وكأنهما يؤكدان بأن سبتمبر الثورة هو ملك لكل أبناء اليمن وأن ما يقال بعودة الإمامة وحكم الكهنوت من خلال أنصار الله كذبة كبرى لا أساس لها من الصحة وأنها لا تعني إلا ضرب من ضروب المكايدات السياسية، فكما اقسم عضو مجلس النواب عام 1993م القائد المؤسس لأنصار الله حسين الحوثي اليمين أمام مجلس النواب بأن يحافظ على النظام الجمهوري والله شاهد على يمينه، ها هو اخوه قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك الحوثي يؤكد في خطابه الأخير وخطاباته السابقة على أنه يمني جمهوري ويحرص حين يظهر في خطاباته التلفزيونية وهو ملتحف بالعلم الجمهوري وهذا يؤكد أن أنصار الله يعون بأن الزمن لا يمكن أن يعود إلى الوراء وأن أنصار الله لا يمكن إلا أن يكونوا ضمن النسيج السياسي اليمني الذي يعم كافة أنحاء اليمن شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وأنهم حريصون على الوحدة الوطنية بكل أسسها وثوابتها الوطنية التي أكدتها الأهداف الستة لثورة سبتمبر وكذلك أهداف ثورة أكتوبر وهم مع الشعب في قدسية الوحدة اليمنية التي ناضل شعبنا طويلا حتى تحقق حلمه في الثاني والعشرين من مايو وهم في المجمل يعون كذلك أنهم إذا كانوا غير ذلك فسيحصرون أنفسهم في رقعة جغرافية ضيقة بعيدين عن أغلب محافظات الجمهورية وبعيدين عن أغلب أبناء اليمن وأطيافه السياسية والمذهبية.
إننا اليوم وفي ظل هذه الاحتفالات لكل أبناء شعبنا نتمنى أن يكون سبتمبر الذي يجمع كل القوى السياسية بداية خير لشعب اليمن على طريق إنهاء مأساته خصوصا وقد تضمن خطاب المجلس السياسي الأعلى لغة حوار هادئة سبقها قرار العفو العام للمجلس السياسي وكأن كل ذلك بداية سبتمبرية لإبداء حسن نية المؤتمر والانصار لعهد جديد بين فرقاء الصراع وخصوصا مع أخوتنا الاصلاحيين السبتمبريين وليدع الجميع القوى الإقليمية الخارجية جانبا وبعيدا عن اليمن وشعبه وليتفقوا على كلمة سواء تحت قاعدة لا غالب ولا مغلوب، فالتنازل من أجل الوطن والشعب هو قمة الوطنية لأي حزب أو تجمع ومن لا يؤمن بإمكانية اتفاق كل القوى السياسية بصورة مستقلة عن الهيمنة الخارجية فأولئك ممن وصل يأسهم بالمبادئ والثوابت الوطنية وكذلك الحس الوطني اليمني المستقل وصلت حالتهم إلى حد المرض والتبلد الوطني، فالشعب كل الشعب مع كل القوى السياسية التي تحترم سيادة وكرامة اليمن بعيدا عن أي هيمنة أو تسلط خارجي.
الرحمة والمغفرة لكل أبناء اليمن وأخص بالرحمة هنا أكثر من مائتي شهيد وحوالي ثلاثمائة جريح من النساء والأطفال الذين استشهدوا خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر الثورة والمجد في كل من الحديدة وصعدة والجوف وإب.
مبارك لكل أبناء الوطن بسبتمبر الثورة والحرية والكرامة.
والله من وراء القصد.