ثورة 26 سبتمبر الانطلاقة الفعلية لبناء الإنسان اليمني
إعداد/ عبدالخالق البحري
شهد قطاع الصحة تطوراً ملموساً في اليمن عبر العقود الماضية ولكنه تطور نسبي فالتغيير في قطاع الخدمات بشكل عام غير متقدم وينقصه الكثير والحديث عن أي تطور يكون نابعا من مقارنة بأيام الحكم الإمامي الذي كان يفتقر لكل أشكال البنية التحتية. فمن خلال ازدياد عدد المستشفيات والوحدات الصحية والمراكز الصحية والكوادر الطبية. إلى جانب التوسع في إنشاء المراكز الوقائية والعلاجية التخصصية والمستشفيات العامة والخاصة ومشاركة القطاع الصحي الخاص ساهم في تحسن نوعي للقطاع الصحي في اليمن، إضافةً إلى انتشار الخدمات الصحية على مستوى الريف والحضر، وانتشار برامج التحصين، ومكافحة الأمراض. وبالرغم من توجه الدولة نحو تطوير وتحسين قطاع الصحة ورفع مستوى الخدمات التي يقدمها هذه القطاع والتحسن الملموس في بعض المؤشرات الصحية – إلا أن اليمن لا يزال في مصاف الدول التي تعاني كثيراً من المشاكل والأمراض الصحية؛ كل ما تحقق تم تدميره وقصفه وإحراقه بمختلف أسلحة الدمار وآلة الحرب السعوامريكية من خلال الضربات الجوية ورغم الجهود والنجاحات التي تحققت في اليمن في المجال الصحي والطبي رغم التحديات والإشكاليات التي لا تزال كثيرة عمد العدوان السعودي خلال اكثر من عام ونصف على تدمير مختلف البنى التحتية في البلاد ومنها الجانب الصحي الذي تضرر بشكل كبير بفعل الغارات الوحشية للعدوان السعودي التي ألحقت الضرر بكل المباني والمنشآت الطبية والصحية ومخازن الأدوية في مختلف محافظات الجمهورية..وأعادت اليمن إلى نقطة البداية… ولكن بصمود الرجال المخلصين من أبناء اليمن لن تنال منا مخططات دول العدوان ولن تلوي ذراعنا وبعون الله والرجال المخلصين سيعاد كل ما دمرته آلة الحرب السعودية وسنبني ونعيد كل ما دمرته وخربته الضربات الجوية الجبانة..
ارتفع عدد المستشفيات في الجمهورية اليمنية من ثلاثة مستشفيات قبل الثورة لا ترتقي لأن تكون كوحدة صحية حيث وصل عدد المستشفيات حالياً إلى 414 مستشفى في نهاية عام 2011م موزعة على المدن وأرياف ومناطق اليمن، منها 56 مستشفى عام موزعة في مراكز المدن، بسعة سريرية تصل الى10468 سريراً، وكذا ارتفاع عدد المستشفيات الخاصة إلى 175 مستشفى خاصاً من لا شيء، وكذا 183 مستشفى مديرية لنفس العام بعدد 5678 سريراً، بالإضافة إلى إنشاء العديد من المراكز الوقائية والعلاجية مثل المركز الوطني للرصد الوبائي، والمركز الوطني لدحر الملاريا، والمركز الوطني للطوارئ والإسعافات، ومركز الكلي الصناعية ومركز القلب ومركز السرطان ومركز الكبد الفيروسي ومركز الطب النووي ومركز مكافحة السكري ومركز العيون والمركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ومركز الحروق الذي افتتح مؤخراً في المستشفى الجمهوري بصنعاء وتم افتتاح خمسة مراكز لمكافحة السرطان في محافظات (تعز، عدن، حضرموت المكلا، الحديدة، إب).
أما بالنسبة للمراكز الطبية والصحية والوحدات فقد تزايدت أعدادها إلى 4853 مركزاً طبياً وصحياً ووحدة صحية منها 580 مركزاً طبياً و549 مركزاً صحياً بـ16695 سريراً و795 مركزاً صحياً بدون أسرة و2929 وحدة رعاية صحية أولية، وبلغ عدد المرافق الصحية التي تقدم خدمات الصحة الإنجابية لنفس العام إلى 2422 مرفقاً، وتزايد عدد الأسرة لنفس العام أيضا حيث بلغ إجمالي عدد الأسرة 32840 سريراً موزعة في المستشفيات العامة ومستشفيات المديريات والمراكز والوحدات الصحية بعموم مديريات ومحافظات الجمهورية..
الخدمات الصحية والعلاجية
تشير البيانات الصحية إلى أن نسبة التغطية في مجال مكافحة السل وصلة إلى أكثر من 86% والوصول إلى 62% من نسبة التغطية لاكتشاف حالات السل الرئوي المعدي والجهود متواصلة لارتفاع النسبة إلى 70% بحلول العام 2015م وتم القضاء على مرض الجدري ودودة غينيا وإعلان خلو اليمن من فيروس شلل الأطفال منذ العام 2006م.
وبالنسبة للخدمات العلاجية فقد تم إدخال تخصصات نوعية نادرة مثل أمراض وجراحة القلب وافتتاح مركز القلب في هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء ومستشفى الكويت الجامعي ومركز الكلى والمسالك وعلاج الفشل الكلوي بطريقة الغسيل وزراعة الكلى. إضافة إلى إنشاء المركز الأول لعلاج السرطان بالأشعة الذي تم تجهيزه في المستشفى الجمهوري بأحدث الأجهزة والمعدات وافتتاح مركز الحروق والصيدلية المركزية لصرف الأدوية مجاناً لمرضى الأمراض المزمنة في مستشفى الجمهوري بصنعاء، وكذا افتتاح المركز الأول للطب النووي في مستشفى الثورة العام بصنعاء واعتباره المستشفى المرجعي الأول في اليمن بالإضافة إلى افتتاح مركز الأطراف الصناعية بصنعاء.
وارتفعت قيمة الأدوية المستهلكة في الجمهورية اليمنية إلى 297 مليونا و509 آلاف و292 دولارا، وذلك عن طريق الاستيراد من الخارج والصناعات الدوائية المحلية، حيث مثلت الصناعة الدوائية المحلية 10,83% من حجم الاستهلاك الدوائي في اليمن لنفس العام..وحجم الاستيراد الدوائي من خارج الجمهورية اليمنية بلغ 265 مليونا و294 ألفا و859 دولارا بنسبة 89,17%، من إجمالي الاستهلاك الدوائي للجمهورية، حيث بلغ حجم الاستهلاك من الصناعات الدوائية المحلية 32 مليونا و214 ألفا و433 دولارا.. كما بلغ إجمالي حجم استيراد الجمهورية اليمنية من الأجهزة الطبية المختلفة 16 مليارا و67 مليونا و115 ألفا و670 ريالا، وبلغ إجمالي استيراد اليمن من المواد التشخيصية ملياراً و656 مليونا و896 ألفا و321ريالا، بينما بلغ عدد إجمالي مدخلات الصناعة الدوائية المحلية مليارين و193مليونا و26 ألفا و23 ريالا، وإجمالي حجم الأدوية المستوردة 58 مليارا و287 مليونا و270 ألفا و279 ريالا، وإجمالي المواد الطبية الأخرى لنفس العام 263 مليونا و645ألفا و237ريالا.
صحة الأم والطفل
وتحسنت صحة الأمهات والأطفال حيث تزايد معدل الوعي لدى الأمهات بأهمية استخدام الوسائل الحديثة في تنظيم الأسرة حيث تبين المؤشرات بأن نسبة الأمهات اللواتي استخدمن وسائل تنظيم الأسرة في العام 2005م 41 % مقارنة 6.1 % في العام 1992م. وتزايد العدد ليصبح عدد المستفيدات من خدمات تنظيم الأسرة للعام 2011م سواء استخدام الحبوب الفموية أو الحقن أو تركيب لوالب أو استخدام الغرسات وغيرها من الخدمات المجانية التي تقدمها وزارة الصحة في 2388 مرفق بعموم محافظات الجمهورية 916009 امرأة منهن 233543 امرأة جديدة، وتم صرف1132109 أقراص فموية لتنظيم الأسرة خلال نفس العام بعموم المحافظات.. وبلغ معدل النمو السكاني 3% وتوقع الحياة عند الميلاد بالسنوات للذكور والإناث 62%.. ومعدل المواليد الخام لكل 1000 نسمة للعام 2011م 39.7 طفل وطفلة ومعدل الخصوبة الكلي لنفس العام6,1 .
وشهدت القوى العاملة في قطاع الصحة هي الأخرى تطورات متزايدة بسبب نمو أعداد المنشآت الطبية والمرافق الصحية وتوسع خدماتها، حيث تزايد عدد أطباء العموم من 2315 طبيباً في العام 1992م إلى 4389 طبيباً في العام 2007م. ليرتفع إلى 4804 أطباء عام من 15 طبيباً أجنبياً خلال الحكم الأمامي، كما ارتفع عدد الأطباء الأخصائيون إلى 1645 أخصائياً لنفس العام وبلغ عدد مساعدي الأطباء أخصائيين وحملة البكالوريوس 10608كوادر.. طبعاً محافظات (الضالع، وأبين والجوف) لم تدرج ضمن هذه المؤشرات. وبلغ إجمالي عدد الفنيين من ممرضين وقابلات ومساعدي أطباء وفنيي مختبرات وفنيي تخدير وأشعة وغيرها للعام 2011م 28264 كادراً منهم 11540 ممرضاً و4279 قابلة.
التأمين الصحي
بالرغم من التطورات التي شهدها قطاع الصحة سواء في مجال تزايد المنشآت الطبية أو في مجال القوى العاملة أو في تحسين وتوسع برامج التحصين أو مجال تطور وتحسين الخدمات الطبية الوقائية والعلاجية..إلا أن اليمن لا يزال في مصاف الدول التي تعاني كثيراً من مشاكل صحية، هذا إلى جانب أن توزيع وإنفاق الموارد المتاحة لقطاع الصحة لا تحقق العائد المستهدف منها. كما أن الخدمات الطبية المقدمة لا تزال محدودة ولا تحقق رضا المستفيدين في جميع المرافق والمنشات الصحية العامة والخاصة، وتعمل المؤسسات الصحية العامة والخاصة حالياً على إدخال تخصصات غير المتوفرة في القطاع الصحي والتي يضطر المواطن اليمني للسفر إلى الخارج لغرض الحصول عليها، ولهذا يعتبر التأمين الصحي احد العوامل للتغلب على مشكلة السفر لغرض العلاج خارج الوطن..
وتؤكد الدراسات بأن إدخال نظام التأمين الصحي يعتبر خطوة ضرورية وملحة بناء على توصيات المنظمات الدولية والدراسات الميدانية المتعددة التي قامت بها منظمات أوروبية وعالمية بضرورة توفر هذه الخدمة كونها ركيزة أساسية لإصلاح النظام الصحي في اليمن. ونسبة التأمين الصحية التي ستقطع من الراتب الشهري للموظف 5% وتتكفل الحكومة 6%، وأعطت الدولة قطاع الصحة اهتماماً وعملت على تمويله حيث بلغ الإنفاق على قطاع الصحة في العام 1997 بـ3% من إجمالي الإنفاق العام وبنسبة 1.2% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 3.38% من إجمالي الإنفاق العام ونسبة 1.21% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2007م كما ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الإنفاق على الصحة من 608 ريالات في العام 1997م إلى 2430 ريالاً في العام 2007 م، غير أن هذه النسب ضئيلة جداً ولا ترقى إلى المطلوب في اليمن
تطبيق اللامركزية
دأبت القيادات الصحية المتعاقبة منذ بزوغ فجر الثورة اليمنية المباركة وضع العديد من الحلول الجزئية لتحسين أداء النظام الصحي في اليمن منها تجربة نظام المشاركة في الكلفة، وتشجيع القطاع الصحي الخاص، من خلال برامج الحوافز الاقتصادية، غير أن هذه التدابير لم تحقق التحسينات المرجوة من حيث نوعية الرعاية الصحية المقدمة أو نطاق التغطية بها وكذا مدى إتاحة هذه الرعاية الصحية للقطاعات الاجتماعية.. ولذلك وجدت وزارة الصحة العامة والسكان انه من اجل تحقيق إصلاحات جدية لابد من القيام بتحليل تفصيلي للنظام الصحي الحالي بغية تحديد مواقع المشكلات الأساسية وقد أثمر هذا التحليل عن تنفيذ العديد من الخطط والاستراتيجيات الصحية، تركزت الإصلاحات على تطوير النظم الإدارية وتطبيق اللامركزية في العديد من الوظائف على مستوى المديريات والمشاركة في كلفة الخدمات الصحية من قبل المنتفعين ورسم السياسات الصحية وإدارتها مع تحديد دورها في التوفير المباشر للخدمات وإعادة تحديد دور القطاع العام وتطبيق نظام المناطق الصحية ومشاركة المجتمع في إدارة النظم الصحية وإعادة تنظيم نظام الإمداد الدوائي والتركيز على البحوث العلمية، وتشجيع المشاركة من قبل القطاع الخاص، وتشجيع الأساليب المبتكرة ..إذ تعاني اليمن بشكل عام من ارتفاع شديد في معدل وفيات الأمهات والأطفال الرضع وحديثي الولادة والذي ساعد في ذلك انخفاض المستوى التعليمي للوالدين وقصور في أداء النظام الصحي، وبدأت اليمن تطبيق أسلوب الرعاية الصحية الأولية في عام 1978م وهو العام الذي عقد فيه مؤتمر “الما-اتا” واستفادت بلادنا من تنفيذ نظام تقديم الخدمات الصحية في الوحدات الصحية والمراكز الطبية والمشافي ومن خلال ارتفع معدل التغطية الجغرافية من 10% عام 1970م إلى 50%2002م تم ارتفع المعدل إلى 88%.
تحسن نوعي
لوحظ ان هناك تحسناً نوعياً لأداء القطاع الصحي عما كان عليه قبل الثورة المباركة والمتمثل بازدياد عدد القوى العاملة في القطاع الصحي وانتشار العديد من المعاهد الصحية وكليات الطب في مختلف محافظات الجمهورية تخرج قوى عاملة مؤهلة ومتخصصة وطنية، وتوسيع دور القطاع الخاص وتطبيق نظام المشاركة في الكلفة للخدمات الصحية والدواء، والتركيز على الخدمات الوقائية، وزيادة المخصصات المالية من الميزانية العامة للدولة، والتأكيد على الحق الأساسي لجميع المواطنين الحصول على مختلف أنواع الرعاية الصحية، لأن انخفاض مستوى أداء النظام الصحي الحكومي ونقص تمويله أدى إلى تأثيرات خطيرة ليس على قضايا الرعاية الصحية المباشرة فحسب وإنما على اقتصاد اليمن وتنميته ككل بشكل عام، ولذلك فمن مصلحة الحكومة والمجتمع أن يعمل النظام الصحي بكفاءة، لان انخفاض الرعاية الصحية ينتج عنه انخفاض إنتاجية العمل مما يؤثر سلباً على التنمية في البلد.فقد شهد الاستثمار في القطاع الطبي الخاص في قطاع الصحة تطوراً بعد قيام الوحدة المباركة في العام 1990م .إذ تشير الإحصاءات بأن عدد المنشآت الطبية وصلت إلى 4085 منشأة في العام 2006م منها:145 مستشفى خاصاً، و518مستوصف خاص، و2302عيادة إسعاف أولي، و49مركزاً.. وارتفعت هذه المؤشرات إلى 5267 مرفقاً ومنشأة صحية منها 175 مستشفى خاصاً و323 مستوصفاً خاصاً و580 مركزاً طبياً و3315 صيدلية خاصة و4133 مخزناً خاصاً. وقد انتشر الاستثمار في القطاع الصحي الخاص وكان ولا يزال له دور فاعل فيه تمكن معه من تقديم العديد من الخدمات الصحية وفتح أقسام ذات تخصصات مختلفة مما خفف على المستشفيات الحكومية من ضغوط حالات المرضى المتزايدة، إضافةً إلى تخفيف عبء السفر إلى الخارج نظراً لتوفير الإمكانيات في هذا القطاع.
توجهات مستقبلية
تتمثل التوجهات المستقبلية لهذا القطاع الحيوي الهام الذي تعرض للتدمير الكبير من آلة العدوان السعودي والذي أعادته إلى بداياته الأولى وهو ما يتطلب الكثير من الوقت والجهد لإعادة بنائه من جديد وجعله قادراً على تقديم الخدمات الطبية للمواطنين بشكل أفضل ولكن وفق الخطط والاستراتيجيات الصحية فقد تم صياغة العديد من التوجيهات المستقبلية للارتقاء بهذا القطاع الخدمي أبرزها:-خفض معدلات الوفيات فئات السكان والتركيز على خفض وفيات الأمهات وحديثي الولادة والرضع والأطفال دون الخامسة من خلال تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية الشاملة ذات الجودة العالية والعمل على الإسراع في تحقيق مرامي الألفية.
– خفض معدلات حدوث وانتشار الأمراض المعدية والمزمنة التي تصيب جميع فئات السكان وخاصة الأطفال والنساء في سن الإنجاب.
– تعزيز وتطوير النظام الصحي الوطني ليكون قادراً على أداء المهام التي تساعد في تحقيق الأهداف الوطنية العامة للصحة.
– تعزيز الأنماط الصحية للحياة ورفع مستوى الوعي لدى جميع السكان وكسب تأييد صانعي القرار في مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية بالقضايا الصحية ذات الأولوية ومن بينها القضايا المتصلة بالصحة البيئية والمهنية.
– تحسين جودة الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية في جميع المرافق الصحية.
– تفعيل التنسيق بين القطاعات الصحية المختلفة مع الشركاء للعمل من أجل السيطرة على العوامل البيئية التي تساهم في حدوث وانتشار الأمراض والتصدي للمحددات الاجتماعية للتنمية الصحية.