إيران.. فزاعة الكيان الصهيوني لاستقطاب العرب

هدير محمود
كعادتها لا تترك إسرائيل شاردة أو واردة إلا وتستغلها لاستقطاب المزيد من الأصدقاء والحلفاء خصوصًا من العرب إلى صفوفها، من خلال اللعب على مشاعر الخوف والرعب لديهم وأحيانًا مشاعر السلام والأمن أيضًا، لكن الخطأ الكبير لم يكن من الكيان الصهيوني الذي اعتاد مثل هذه الأساليب، إنما من الدول التي لا تزال تُصدق هذه الألاعيب القديمة التي أصبحت محفوظة من العدو، بل إن بعض الدول العربية تروق لها هذه الطريقة، وتستخدمها كذريعة للتقارب مع الكيان المحتل.
لقاءات وتصريحات مثيرة للسخرية
التقى سفراء وممثلو دول خليجية وباحثون لبنانيون مع شخصيات إسرائيلية معروفة خلال ندوة في نيويورك، الاثنين الماضي، دعت إليها منظمة “موحدون ضد إيران النووية”، وذلك لبحث خطر طهران على دولهم، وضمت الندوة الوزيرة الإسرائيلية السابقة والعضو البارز في المعسكر الصهيوني، تسيبي ليفني، مع السفير الإماراتي في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، وسفيرة البحرين في فرنسا سابقًا، هيا راشد آل خليفة، بالإضافة إلى الباحث في مركز رفيق الحريري التابع للمجلس الأطلنطي في واشنطن، السعودي محمد خالد اليحيى، والباحث اللبناني في جمعية الدفاع عن الديمقراطيات، طوني بدران، بالإضافة إلى سياسيين أمريكيين وأوروبيين.
وخلال الندوة تحدث المسؤولون العرب مع الوزيرة الإسرائيلية حول كيفية مواجهة إيران، فيما افتتح الحلقة الأولى من النقاش السفير الإماراتي العتيبة، في جلسة عُنونت بـ”عام على الاتفاقية النووية الإيرانية: رؤية الإمارات العربية”، وقال العتيبة إن إيران دولة لا تريد علاقات طبيعية مع دول المنطقة، ولو تصرفت طهران بشكل معقول ومدروس يمكنها أن تكون عامل استقرار في الإقليم، ورأى السفير الإماراتي أن “الظروف في إيران غير ملائمة لإنشاء أعمال استثمارية فيها، ولا أعرف أي بنك إماراتي قرر التوجه إلى طهران للعمل هناك”، مضيفًا أن خطة العمل المشتركة ستكون جيدة لتركيز جهودنا؛ لمراقبة تصرفات إيران في المنطقة.
ولم ينسَ السفير الإماراتي انتقاد الوضع الداخلي الإيراني، حيث قال إن هناك أصواتًا معتدلة في إيران، لكن الأصوليين هم الأقوى، معتبرًا أنه يجب تعزيز أصوات المعتدلين، لكن ذلك يجب إحرازه من الداخل الإيراني، وكرر العتيبة الرؤية الخليجية القائلة بأن طهران تسعى إلى إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية، مضيفًا: تتصرف إيران كأنها الفاتيكان للشيعة، ونحن في الشرق الأوسط ننظر إليها على أنها جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل، وهي تسعى بأقصى ما يمكنها إلى نشر سيطرتها وتأثيرها في المنطقة. وختم العتيبة بأن الإمارات المتحدة تريد علاقة أفضل مع إيران، لكن تصرفاتها بعد توقيع الاتفاقية النووية أصبحت أسوأ.
وخلال الجلسة الثانية من الندوة والتي جاءت بعنوان “دور إيران في زعزعة الشرق الأوسط”، وأدارها مدير المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، مايكل ماكوفسكي، قال الباحث اللبناني، طوني بدران، إن روسيا تسيطر على الأجواء الغربية لسوريا، بينما تسيطر إيران على الأرض، وانتقد بدران سياسة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مشيرًا إلى أن مشكلة أوباما أنه وضع سياسة منع إسقاط الدولة في سوريا، وفي الجلسة ذاتها رأى الباحث السعودي في مركز الحريري، محمد خالد اليحيى، أن إيران هي المسؤولة عن الحرب في اليمن، قائلًا إن ?? صاروخًا أُطلقت على السعودية، وهي إيرانية الصنع من نوع زلزال.
وفي الجلسة الثالثة كانت المستشارة القانونية لآل خليفة وحفيدة مؤسس المملكة البحرينية، الشيخة هيا راشد، جنبًا إلى جنب مع عضو الكنيست، تسيبي ليفني، من أجل بحث موضوع عنونته بـ”عام على توقيع الاتفاقية النووية: هل تغيرت تصرفات إيران”، وخلال الجلسة قالت ليفني إنه توجد فرصة لإنشاء حلف إقليمي ضد إيران ممنوع علينا إضاعتها، مضيفة أن من المدهش رؤية كيف أن دول العالم خفضت معاييرها حول إيران، لافتة إلى أن إيران بعد الاتفاق تمثل مشكلة إقليمية، وهي دولة متطرفة تصدر الإرهاب، وهذا يجب أن نوقفه، والطريق لذلك هو عقد تحالف إقليمي ضدها، أما “هيا آل خليفة”، فقد انتقدت انفتاح الولايات المتحدة على إيران، في الوقت الذي ترى فيه طهران أن واشنطن هي الشيطان الأكبر، واعتبرت سفيرة آل خليفة أن إيران سعت إلى تحويل البحرين إلى دولة إسلامية، والمملكة تعاني يوميًّا من أعمال إيران الإرهابية.
الفزاعة الإيرانية بدلًا من الإسرائيلية
تتطور الأمور سريعًا في العلاقات بين الدول العربية التي تُسميها إسرائيل “معتدلة” والكيان الصهيوني، فمن لقاءات ومشاورات سرية بين بعض الدول العربية والاحتلال لم يجرؤ حكامها على البوح بها أو إعلانها، إلى مشاورات مُعلنة، بل وتتخذ صور تقارب غير مسبوقة، فلم تعد الدول العربية والإسلامية تخجل من الإعلان عن أن قيادييها عقدوا مشاورات مع العدو الصهيوني أو أقاموا علاقات عسكرية واقتصادية معه، الأمر الذي يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي قد وصل إلى مبتغاه بالتقارب مع “دول الاعتدال العربي” وضمها إلى صفوفه، وأصبحت إيران هي فزاعه الدول العربية وليست إسرائيل.
الخطوة السابقة التي اتخذتها بعض الدول العربية لم تكن الأولى ولن تكن الأخيرة من نوعها، التي تكشف مدى التقارب في العلاقات بين الطرفين، فقد سبقها العديد من الخطوات التي أكدت أن القضية الفلسطينية لم تعد المركزية والرئيسية بالنسبة للدول العربية والإسلامية، حيث سبق أن أجرت الإمارات مناورات عسكرية مشتركة مع سلاح الجو الإسرائيلي في الولايات المتحدة، الشهر الماضي، كما افتتحت إسرائيل في نوفمبر الماضي ممثلية دبلوماسية لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة “إيرينا” التي تتخذ من أبو ظبي مقرًّا لها، وسبق أن زار اللواء السعودي المتقاعد أنور العشقي تل أبيب، والتقى أعضاء في الكنيست هناك، كما صرح ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، أن إسرائيل قادرة على الدفاع ليس عن نفسها فحسب بل عن أصوات الاعتدال والدول العربية المعتدلة في المنطقة.

* نقلاً عن (البديل) المصري

قد يعجبك ايضا