زوبعة في فنجان..!
عباس غالب.
في تصور بعض البسطاء والذين في قلوبهم مرض أن نقل البنك المركزي من مدينة إلى أخرى مسألة سهلة يمكن اتخاذها بمجرد جرة قلم، غير أن الأمر لا يمكن تبسيطه بمثل هذه السطحية التي جاءت في إعلان هادي نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، سواء في أبعادها القانونية أو الدستورية أو الموضوعية.
لقد جرى خلال الأيام المنصرمة سجال مستفيض حول هذه الخطوة التي تفتقر إلى أبسط شروط العقلانية والموضوعية، فضلاً عن أنها كشفت لليمنيين مجدداً حجم وطبيعة التآمر على مقدرات وطنهم ووجودهم وبالتالي فإن المملكة تحاول الآن ضرب ما تبقى من أعمدة الاقتصاد الوطني من خلال الإيعاز لعملائها الإقدام على هذه الخطوة الانتحارية وغير المسبوقة في تاريخ الشعوب بالنظر لما لها من آثار سلبية على مختلف الصعد والمستويات وعدم منطقيتها وصعوبة تحقيقها.
وبالعودة قليلاً إلى تطبيق أبسط معايير ومتطلبات مثل هذا الإجراء التخريبي ومن الواضح أن صناديق النقد والتمويل الدولية ترفض مبدأ نقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى أي مكان آخر وذلك لاعتبارات عديدة، لعل أبرزها أن مثل هذه الخطوة تمثل سابقة تتعارض مع أبسط مبادئ ومعايير التعامل المصرفي والبنكي حيث يعتبر البنك المركزي بنك البنوك وتقع على عاتقه مسؤولية إدارة الدورة النقدية والمصرفية الداخلية والخارجية.. وتقع عليه أيضاً مسؤوليات قانونية والتزامات أمام المؤسسات النقدية والمالية الدولية.
أما من حيث دستورية مثل هذا القرار فقد أفاض في هذه النقطة أساتذة القانون الدستوري والمختصين الذين أكدوا عدم دستورية مثل هذه الخطوة واعتبارها مجرد زوبعة في فنجان أو فقاعات إعلامية لا تستند بأي حال من الأحوال إلى الواقع أو تتعايش معه منطقاً وعقلانية، خاصة إذا ما عرفنا أن مثل هذا الإجراء يتطلب موافقة دستورية من قبل مجلس النواب باعتباره يمثل المرجعية الأساس لإعمال نصوص الدستور ومختلف التشريعات القانونية.
وفي هذا الصدد يمكن إضافة الاحتمالات الواقعية ذات الصلة بعدم قدرة هادي وحكومته إمكانية ممارسة أعمالهم من داخل ما يسمى بالأراضي المحررة وتحديداً من عدن التي تعاني من الانفلات الأمني وانتشار العصابات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، فضلاً عن غياب الضمانات الكفيلة بانسيابية تعاملات قطاع كبير من موظفي الدولة في المناطق الشمالية والغربية من الوطن.
وخلاصة الخلاصة أنه يمكن تشبيه قرار هادي بنقل البنك المركزي مجرد دعابة سخيفة وفي أكثر الأحوال مجرد زوبعة في فنجان.
الحديدة.. معاناة وأفراح
رغم المعاناة الطويلة والجسيمة جراء استهداف العدوان لمدينة الحديدة طيلة الفترة المنصرمة إلا أن هذه المدينة العصية على العدوان انتفضت كطائر الفينيق في مقاومة كافة صنوف العدوان المتواصل والحصار المطبق.
لقـد تجلى ذلك أكثر في تنظيم المحافظة للاحتفال المركزي بمناسبة الذكرى الثانية لقيام ثورة 21 سبتمبر بكل تجلياته وإبداعاته وعنفوان مقاومته.
ولأن هذه المدينة الصامدة رئة اليمن التي لا غنى عنها في السلم والحرب على حد سواء فلا غرابة أن تكون كذلك في هذا الظرف الاستثنائي والحرج من تاريخ الوطن.. لذلك تبدو التحية مستحقة لأبناء تهامة الذين صمدوا ولازالوا يضربون أروع أمثلة الصمود رغم حجم المعاناة التي يدركها الجميع.
والتحية بالتأكيد موصولة لقيادة المحافظة وفي مقدمتهم الأخ الشيخ حسن أحمد هيج محافظ المحافظة وأعضاء المجلس المحلي.. وكل الذين قالوا: لا للعدوان والحصار ومضوا في عمل دؤوب غير آبهين بتلك الصعوبات.