طريق الحمار !
عباس السيد
رن هاتف واحدة من ثلاث فتيات محجبات استأجرن “دباب” – ميني باص- في مشوار داخل العاصمة وكانت النغمة ” زامل – صنعاء بعيدة ”
أثار ذلك فضول السائق وصاحبه الذي يجلس إلى يمينه ، فالتفتا كلاهما إلى الخلف .
بعد بضع دقائق ، رن هاتف فتاة أخرى بزامل آخر ” يا دعاة المعارك ” فاسترق السائق وصاحبه نظرة ثانية للخلف وتبادلا الكلمات والهمس والغمز .
لكزت إحداهن رفيقتها ” وسألتها :
ما بيتحاكوا ، ترجمي لنا يا ” زينب ” .
بعدين باقلك .. مش ذلحين . ردت زينب – التعزية بين الصنعانيتين – .
لكن رنة الهاتف الثالث بزامل ” شديت أنا للجبهة رحالي ” دفعت السائق للتوقف وتوجيه سؤال للراكبات في الخلف :
” قلتن تشتين فين يا خواتي ؟!”.
اجابته أكثر من واحده :
نشتي باب السلام – صنعاء القديمة .. مالك ارتبشبت او مه ؟.
ترجمي لصاحب البلاد يا زينب ، يمكن إنه ما بيفهمش حكانا ..
اعتذر السائق بأدب ، واستأنف طريقه وقال وهو يتأملهن في المرآة :
بيني وبينكن انا ارتبشت من صدق . قلت في نفسي خينا تكونين قلتين لي اوصلكن ” نهم ” وانا ما مسمعتوكنش سوا ..
اصلا أنا ما اقدرش اروح مشوار من صنعاء لاااا ” نهم “.
ردت إحداهن : ايوه إحنا داريات ، أنتم اصحاب تعز بتخطوا لها من مارب ، مش من صنعاء.. تخطوا طريق الحمار .. أين اذنك ياجحا.!
خرجت ” زينب ” عن صمتها ولوحت لرفيقتيها الصنعانيتين بإشارة ” نقطة نظام ” اعتراضا على التعميم ، وذكّرتهن : ” احم احم ، أني من تعز
وأضافت : ما تنسينش إنه الذي يقود اصحاب تعز وغيرهم في ” طريق الحمار ” هم مشائخ وضباط مش من تعز .
علق السائق بعد كلام “صاحبة البلاد ” وقال معاتبا : هذا وبينكن تعزية ” تزمل وتصرخ ” مثلكن والكل .! كيف لو كنتن الثلاث من صنعاء .. كيف اشتعملني .!.
تدخل مرافق السائق وهو يلوي رقبته إلى الخلف وقال : طيب لو قلنا لكن إنه إحنا كنا رايحين نزور جرحى من أصحاب تعز في المستشفى اصيبوا في” نهم ” . وهم على فكرة ، ما راحوا لها من ” طريق الحمار ” .
وصل المشوار نهايته عند باب السلام . ترجلت الفتيات الثلاث ، وسألن السائق : كم حسابك ؟. فطلب نصف المبلغ الذي تعودن على دفعه من قبل
سألت زينب رفيقتيها وهي تطوي النقود التي اعادها السائق :
هيا كيف اصحاب تعز ؟!.
أجبن : مثل اصحاب صنعاء ، بينهم ” الشوعه والعيس ،المليح والخيبه “.
هامش :
* طريق الحمار : مصطلح متداول في بعض المناطق اليمنية للإشارة لمن يستخدم طريقا غير مألوفة في السير او السلوك .
