إخوان إسرائيل
حسن الوريث
طبعا لم يكن مفاجئاً توقيع اتفاقية سلام بين إسرائيل وتركيا حتى لو كان من يحكم تركيا هو أردوغان زعيم الإخوان المسلمين في العالم حالياً، ولم يكن مفاجئاً الصمت الكبير لكل الإخوان المسلمين في العالم وكل التنظيمات التي تدعي أنها إسلامية وتناصب إسرائيل العداء على الأقل ظاهرياً، فالذي لم يكن معقولاً هو ما كان يدعيه اردوغان من العداء لإسرائيل وأيضاً تلك الحملات المزورة ضد إسرائيل التي كانت في بعض وسائل الإعلام المحسوبة على الإخوان المسلمين سواء في تركيا أو في غيرها .
وقعت تركيا وإسرائيل على اتفاقية جديدة علنية بعد أن كانت علاقتهما الحميمية سرية وبعد أن كان كل الإخوان المسلمين في العالم يضللون الناس بأنهم أعداء إسرائيل وأنها أي إسرائيل هي العدو الأول للمسلمين وأنها من يغتصب أرض فلسطين ويدنس المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، وقعت تركيا على اتفاقية أول بنودها طرد قادة حركة حماس من الأراضي التركية وعدم السماح لهم بمزاولة اي نشاط ضد الدولة العبرية ومهما يكن من ملابسات وشبهات حول حركة حماس إلا أنها أكلت المقلب الكبير من الأتراك الذين قلبوا لها ظهر المجن ولم يصمدوا أمام ضغوطات إسرائيل سواء السياسية أو الاقتصادية أو غيرها وتخلوا عن حليفهم المؤقت في فلسطين لتأكيد أن تركيا صديقها الوحيد هو إسرائيل وليس المسلمين أو العرب وأن ما يعلن عنه من مثل وقيم وتمسك بالدين الإسلامي ليس هو الحقيقة.
طبعاً أنا شخصياً لم أتفاجأ من هذا الموقف فقد كنت متوقعاً له منذ فترة وكنت أقول في نفسي إن تركيا لن تصمد كثيراً وسيظهر موقفها الحقيقي من إسرائيل في أقرب وقت وهو ما حصل وبالتأكيد فهناك الكثير من الذين كانوا يتوقعون ذلك بل ويؤكدونه لأنهم يعرفون تماماً أن تركيا لها وجهان الأول مزيف والثاني حقيقي فالوجه المزيف هو الذي كان ظاهراً لكنه سرعان ما انكشف وظهرت تركيا بوجهها الحقيقي .
بالتأكيد أن المفاجئ هو موقف تلك الحركات والجماعات الإسلامية وفي مقدمتها حركة الإخوان المسلمين الذين كنا نتوقع أن يملأوا الدنيا ضجيجاً ضد تركيا وأردوغان ويقاطعون هذه الدولة وحكومتها التي انجرت وراء عدو العرب والمسلمين الأول، لكن تلك الحركات التزمت الصمت بل أن بعضها بدأ مؤيداً لهذا الموقف وهذه الاتفاقية على اعتبار أنها تصب في خدمة المسلمين من خلال مد يد السلام لإسرائيل تنفيذاً لمبادرة السلام العربية التي قدمها النظام السعودي ويحاولون الترويج لها رغم أن إسرائيل نفسها لم تقبل بها ولم توافق وردت في حينها رداً قوياً يعرفه الجميع وبالتالي فإن هذه الحركات التي تدعي أنها إسلامية انكشفت، كما انكشف النظام التركي الذي ادعى في يوم من الأيام انه إسلامي لكنه بالتأكيد يسير بدستور الدولة التركية العلماني الذي أعلنه وأقره وفرضه مصطفى كمال اتاتورك ولا يمكن لأي أحد مهما كان حتى أردوغان أن يخرج عن هذه المبادئ وعن هذا الدستور، ويتضح جلياً للعالم ولمن كان مازال لديه ثمة شك أو غشاوة أن تركيا وإخوانها هم إخوان إسرائيل فقط.