صدر حديثاً كتاب “حضرموت.. حضارة لا تموت” للدكتورة ريم عبدالغني، وتتناول في الكتاب-الذي صدر عن دار الفارابي في لبنان- من خلال 20 نصاً توزعت في 350 صفحة (قياس متوسط)، مختلف جوانب الحياة في وادي حضرموت.
وهذا الكتاب هو الثاني في سلسلة ثلاثيّة “اليمن السعيد” التي أعدتها ريم عبدالغني، الدكتورة في الهندسة المعمارية، والمعروفة بعشقها لليمن، وجمعت فيها، بأسلوب أدبي سلس، انطباعاتها ورصيدها المعرفي الذي تشكّل خلال عقدين من الزمن عن اليمن الذي لم يُنصف-برأيها- إعلامياًّ، في قالب قصصي لرحلة بدأتها من صنعاء وانتهت بحضرموت.
تحدثت الكاتبة في الكتاب الأول “في ظلال بلقيس” الذي صدر عن وزارة الثقافة بصنعاء ومعالمها.. بينما تتناول في الكتاب الثالث “زهرة البركان” مدينة عدن، التي بُنيت أحياءها القديمة في فوهة بركان خامد، وكذلك “أبين”، كنموذج للريف اليمني. وقد قامت الكاتبة بنفسها بإخراج الكتب الثلاثة وتنسيق الرسوم الفنية التي رسمها الفنان الفرنسي جوزيه ماري بل، مزودة النصوص بعدد كبير من الهوامش التوضيحية، مما أعطى للكتب صبغة توثيقية علميّة أيضاً.
تتحدث د. ريم في كتاب” حضرموت.. حضارة لا تموت “عن عمارة وادي حضرموت الطينيّة الشاهقة الارتفاع وأهميتها كمدرسة معماريّة عربيّة أصيلة، ما زالت على قيد الحياة بمواجهة اختناق المدن العربية القديمة، كما تتناول أوائل المستشرقين الذين زاروا حضرموت، وأهم ما كُتب عنها. والهجرات التي ساقت الحضارمة إلى العالم، وخاصة الشرق، لنشر الدين وللتجارة.
في سياقه، أورد الكتاب معلومات عن أهم مدن وادي حضرموت، كمدينة تريم التي طالما كانت مركز إشعاع علمي وديني، واشتهرت باحتوائها على ??? مسجداً إضافة إلى الأربطة التي يقصدها طلاب العلم من أنحاء العالم، ودرة تريم هي مئذنة مسجد المحضار الطينية التي يتجاوز ارتفاعها 55م.ثم تحدثت عن أبنية مدينة شبام الطينية أو مانهاتن الصحراء التي يصل ارتفاع بعضها إلى عشرة طوابق، ويزيد عمر بعضها عن 500 سنة، وهي أولى ناطحات سحاب في العالم، مما وضع شبام في قائمة اليونسكو لمحميّات التراث العالمي.
والحرير، ويذكر بعض معالم الوادي المعماريّة والثقافيّة كمكتبة الأحقاف الغنية بالمخطوطات، وحتى نباتاته كشجر السدر والنخيل، وحيواناته كالوعول والإبل والطيور، وبالطبع العسل الحضرمي المشهور, والحناء واللبان والبخور والتمر.
مرّت الكاتبة في كتابها هذا على المحطّات الرئيسيّة في تاريخ حضرموت وبعض أبرز حكّامها وأعيانها وشخصيّاتها الدينيّة الهامّة، وعن شعراء وفناني الوادي (وهو أصلاً مسقط رأس كثير منهم وموطن موّال الدان). ولم تنس الإشارة إلى أهم عائلات الواديو التي لعبت في مراحل معيّنة أدواراً سياسيّة واقتصاديّة هامّة كعائلة الكاف.
في نهاية الكتاب حذّرت الكاتبة من المخاطر التي تهدد وادي حضرموت وعمارته، ومنها السيول التي تجتاحه كل بضعة سنين بالوادي مخلّفة أضراراً هائلة، داعية إلى حماية الوادي التاريخي بمخزونه الهام، مؤكدة على أن حضرموت -مهما قست الظروف-حضارة لا تموت.
يزيد من أهميّة الكتاب خصوصيّة حضرموت الجغرافيّة والدينيّة، وكذلك أهميّتها السياسيّة والاقتصاديّة.