وفد الرياض .. ضربني وبكى وسبقني واشتكى
حسن الوريث
تسير مفاوضات الكويت على غير ما يشتهي وفد الرياض الذي جاء إلى العاصمة الكويتية بحشد هائل وغير مسبوق سواء إعلامياً أو سياسياً وبدعم من النظام السعودي وكل من يدور في فلكه, وكان يظن هؤلاء الأشخاص أنهم سيتغلبون على الوفد الوطني ويأكلونه أكلاً كما يقال ولن يصمد أمامهم سوى جولة واحدة أو جولتين بحسب اعتقادهم الذي كان خاطئاً ووفق حسابات غير دقيقة لكن العكس هو الصحيح فلم يصمد وفد الرياض نفسه سوى جولة واحدة من المفاوضات الحقيقية التي بدأت فعلياً السبت بتقديم رؤية كل وفد للحلول.
حين انطلقت المفاوضات في الكويت وخلال الأيام الأولى التي تركزت على البحث في ضمانات تثبيت وقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية كان وفد الرياض كما يبدو واثقاً من نفسه خاصة حين تأخر الوفد الوطني في الوصول إلى الكويت بسبب استمرار الغارات الجوية وعدم التزام المرتزقة بإعلان الأمم المتحدة بوقف كافة العمليات العسكرية وربما كان يمنيّ نفسه بأن لا يصل الوفد الوطني إلى الكويت حتى يكسب الجولة أمام العالم, ويقول هاهم لم يأتوا ونحن كسبنا الجولة لكن الوفد الوطني وبعد ان لقن وفد المرتزقة درساً في فنون السياسة ولن أقول الوطنية لأنها معدومة لدى أولئك الذين ارتهنوا للعدو حضر ليقول للعالم إننا حققنا الهدف الأول لصالح الشعب اليمني وهو الضمانات من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط على النظام السعودي ومرتزقته للالتزام بوقف إطلاق النار وعدم بدء أي مفاوضات إلا بذلك الالتزام وبالتالي فقد كان تدخل أمير الكويت وبعض البلدان لتحقيق هذا الهدف إنجازاً يحسب للوفد الوطني ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه على حق .
الهدف الثاني الذي تحقق للوفد الوطني هو ذلك الاستقبال الحافل والحفاوة الكبيرة التي استقبل بها من قبل الامم المتحدة والمسؤولين في الكويت رغم محاولة البعض التقليل من شأن هذا الاستقبال الذي يدل على أن الوفد الوطني هو الفريق الأساسي على اعتبار أنه يمثل كافة أبناء الشعب اليمني ومكوناته وجاء من صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية ولم يأت من فنادق الرياض واسطنبول وأبو ظبي كما أن ما حققه الوفد الوطني خلال اجتماعاته الأولى مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن ومجموعة سفراء الدول الـ 18 والدول الخليجية من نجاحات تمثلت في إصراره على عدم البدء في مناقشة أي بند من بنود المفاوضات إلا بعد الوقف التام للأعمال العسكرية من قبل العدو ومرتزقته وما خرج به من ضمانات والتزامات تؤيد هذه المطالب المحقة والتي أيدها الجميع.
ومن وجهة نظري أن كل ذلك جعل وفد الرياض في حيرة من أمره ولم يربك حساباته فقط بل أنه جعلهم يفكرون ملياً في مغادرة الكويت بحجج واهية لم ترق إلى ما يمكن أن يقنع العالم ومنهم الأمم المتحدة بأن هذه الأسباب وجيهة ومنطقية بل أنها لاقت استهجان الكثير الذين أكدوا أن هذا الوفد يماطل ويبحث عن أي قشة يتعلق بها للهروب من المفاوضات وبالتالي فقد أكد الجميع أن على هذا الوفد بضرورة البقاء واستكمال المفاوضات وحين بقي الوفد تحت هذه الضغوط التي لم تكن له وإنما للنظام السعودي الذي بيده القرار ظل يراوغ ويراوغ عله يجد مبرراً يخوله الهروب لأنه بالفعل لم يتمكن من الصمود أمام الحجج القوية والمنطقية للوفد الوطني الذي جاء متسلحاً بدعم 25 مليون مواطن يمني من كافة محافظات الجمهورية اليمنية.
بالتأكيد أن ثالثة الأثافي كما يقال جاءت حين قدم الوفد الوطني رؤيته الوطني للحلول التي تضمنت مبادئ وطنية في غاية الأهمية أبرزها تثبيت وقف الأعمال القتالية بشكل تام وإزالة القيود على حرية التنقل للمواطنيٌن داخليا وخارجيا ومن وإلى اليمن والتوافق على سلطة تنفيذية توافقية جديدة تكون القالب السياسي لتنفيذ كافة الآليات والإجراءات الأمنية بمشاركة كافة المكونات السياسية في التوافق على الحل السياسي يلي ذلك استئناف فوري للحوار السياسي الذي كان جاريا بين القوى السياسية تحت رعاية الأمم المتحد وبالتالي فقد كانت هذه الرؤية هي الضربة القاصمة التي وجهها الوفد الوطني لوفد الرياض والتي جعلت ذلك الوفد يترنح ويبحث عن أقصر الطرق للهروب وما طرحه الوفد من مبررات واهية يدل على النية المسبقة والمبيتة لدى وفد الرياض لعدم إنجاح الحوار والبقاء على الوضع الحالي لأنه يخولهم البقاء في فنادق الرياض والحفاظ على مناصبهم التي يقاتلون من أجل البقاء فيها حتى لو تمت إبادة الشعب اليمني بأكمله .
بالطبع لو أن مفاوضات الكويت نجحت وخرجت بتشكيل حكومة توافق وطني فإن كل الذرائع ستسقط سواء تدخل النظام السعودي في اليمن أو شرعية المجتمع الدولي التي ستنتقل إلى الحكومة الجديدة حكومة التوافق الوطني وبالتالي فهذا ليس في صالحهم على اعتبار أن مصلحة الشعب اليمني لا تهمهم ووقف الحرب ونزيف الدم ليس في أجندتهم هم ومن يقف خلفهم, وبالتالي فإنهم سيظلون يختلقون المبررات الواهية لإفشال المفاوضات رغم أنهم هم من يخترق وقف إطلاق النار وطيران العدوان وبوارجه الحربية لا تكاد تتوقف يوماً عن التحليق والقصف والاستفزاز ومرتزقتهم يواصلون محاولات الزحف على مواقع الجيش واللجان الشعبية في مناطق المواجهات لكنهم كما يقول المثل “ضربني وبكى وسبقني واشتكى” وفي اعتقادي أن المجتمع الدولي بدأ يعي جيداً هذه الأكاذيب ولن تنطلي عليه .