ن .. والقلم..حارة العم فؤاد !!

عبدالرحمن بجاش
…وعمي فؤاد المقصود هنا , هو فؤاد عبد القادر, الأجمل نفسا حتى في اللحظات الأكثر قرفا. أنا كلما ضاقت بي الدنيا كنت أذهب إلى صنعاء التاريخية , ضاعت مني الآن , كل شيء فيها أصبح غريبا عني !! , فؤاد كان له منفذان , الأول فيذهب إلى المخا ومن هناك يركب مع المهربين إلى الشاطئ الآخر , ومن هناك يتجه إلى عمه في اريتريا , حيث البشر والجمال صنوان , يختفي هناك شهرين أو أكثر يصفي كل (( الذحل )) , يعود يحكي لي عن بنات العم اللواتي هن جزء من جمال ربي !! , إلى الشاطئ في المخا يعود , بعد أن ضاع شاطئنا , فقد حرم العم فؤاد من الذهاب إلى حيث تهوى نفسه , لكنه وكاحتياط لعوادي الأيام ربما , فقد ظلت حارته محطته الأولى والأخيرة جزءاً من لحظة جميلة من زمن ولىً !! ينزل اليها كلما غالبه الشجن والشوق إلى مرابع الصبا . تأتي إلى الصحيفة تسأل عن فؤاد عبدالقادر فلا تجد سوى ابتسامات لها مغزى , وأنا أفهمها , ليأتي صوته : أنا يا عم عبده في ((حارة)) المستشفى , وأدري أي حارة وأي مستشفى !!!.تقول (( دوبرافكا اوجاريسك )) الروائية الكرواتية في رائعتها رواية (( موطن الألم )) تصف اللحظة الأقسى بعد أن توزعت يوغسلافيا بسبب حرب البلقان إلى فرق وأشياع , مهاجرين ونازحين ولاجئين : (( ..لقد هربنا من بلادنا مثل جرذان نجت من سفينة تغرق . صرنا في كل مكان السواد الاعظم هرول إلى حدود الدولة السابقة , للاختباء فترة , وهم يظنون أن الحرب ستنتهي قريبا , كما لو أنها عاصفة ممطرة وليست حريقا مدمرا . )) , حارة عمي فؤاد هي حارة المستشفى الجمهوري بتعز , حيث لم تعد حارة , بل مرتعاً للرصاص , وبقايا القذائف , وما تبقى من هياكل صواريخ , لن يجد صاحبي فؤاد ذات لحظة ينتهي فيها العبث سوى نعيق البوم !! , سيجد مقهاه على الركن وقد غادر مكانه , وأصوات عجائز الحارة وقد غارت !! , والشباب ذهبوا , إما قتلوا , أو انتقلوا , إلى أين ؟ بلا هدى كجرذان دوبرافكا !! , لن يجد علي حزام صاحب الدكان , وطريق السيارات الصاعد من عقبة مفرٍح قد بحثت لنفسها عن مكان آخر تأوي إليه !! , فقط وجوه لا يعرفها , ولم يسمع صوتها يوما , وأهله ذهبوا إلى جبلة يحتمون بأروى , وأروى تبكي نفسها وحظها !! . حارة عمي فؤاد غادرت مكانها , وفؤاد يتوه يتوه , لا شط يلحقه ولا حارة . لله الأمر من قبل ومن بعد .

قد يعجبك ايضا