أطفال اليمن.. حياة “الحسرات المتوالية”
الثورة نت / سارة الصعفاني
أطفال اليمن ليسوا كأطفال العالم، ليس لهم من الطفولة غير الاسم، وكأنهم يستحضرون القول “أطفال يشيبون عند الفجر” .. اضطرهم الواقع البائس للعمل خارج قواعد احترام الطفولة أو التسول خارج أبجديات الإنسانية باحثين عن لقمة عيش في وطن يعاني الكوارث التي لا تأتي فرادى.. وطن يعاني من عدوان همجي قتل وجرح الآلاف منهم، وحصار اقتصادي لا إنساني حرمهم من حقوق ضئيلة كانوا يحصلون عليها، وظروف اجتماعية ومعيشية صعبة أجبرت أجسادهم الطرية على خوض غمار مهام شاقة لمساعدة أسرهم بتوفير قليل من المال لمواجهة الحياة وتقلباتها وصعوبة العيش وتوفير الحد الأدنى من الضروريات.. لقد هربوا من جحيم الفقر والج وع والحرمان والظلم تخلوا عن طفولتهم مجبرين، تركوا مدارسهم وألعابهم رغم أنوفهم، ودفنوا أحلامهم وتطلعاتهم خصماً من مستقبل طالما تمنوه ورسموه في مخيلتهم. أكثر من مليوني طفل أجبروا على ترك التعليم، لكلٍ منهم حكاية متشابهة في المعاناة مختلفة التفاصيل لكن الوجع واحد والهموم مكررة ، تجدهم كل صباح يستيقظون لبدء يوم جديد من المعاناة والألم وشيء من الأمل بأن يكون الغد أفضل من اليوم، يتنقلون في الشوارع ويفترشون الأرصفة لبيع أي شيء أو يعملون مع غيرهم في مهن شاقة وخطيرة وبأجور زهيدة للغاية في انتهاك لاتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها اليمن في سبتمبر 1990م، ومخالفة لقانون العمل الذي يحظر تشغيل الأطفال دون سن السادسة عشرة، وكثير منهم يتسولون عند إشارات المرور وعلى أبواب المساجد والمطاعم وفي الأسواق وبطريقة تعرض بعضهم للاستغلال في صوره المختلفة، والكارثة أن منهم من ينتمون إلى آباء اختاروا طريق الكسل والدعة فيوزعون صغارهم على الشوارع ليذهب محصول اليوم على القات، وهو ما تأكدت منه كاتبة التحقيق بسؤال أطفال في أماكن مختلفة، والمخيف أن حياة الأطفال في شوارع التسول والضياع إنما تنمي عندهم الكثير من نوازع الإجرام .. على أن من المهم التأكيد أن كثير من الأطفال اضطروا إلى اقتحام سوق العمل بصوره المختلفة وواجهوا الكثير من المخاطر مجبرين ومدفوعين باليتم وفقدان العائل وقسوة الأهل وتراجع فضيلة التكافل الاجتماعي تحت مبرر أن المعاناة أصابت الجميع. وفي تقرير حكومي سابق صدر بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، ذكر أنّ مليوناً وثلاثمائة ألف طفل عامل، منهم 469 ألفًا تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و11 سنة. وبحسب اليونيسف فإن مليوني طفل يمني صاروا خارج المدرسة، ومليون طفل على حافة المجاعة، وما يقارب 10 ملايين طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ما يوضح حجم المأساة وفجور الملهاة. ولا يمكن النظر إلى ظاهرة الفقر والتسول وعمالة الأطفال وهم في ربيع أعمارهم دون استحضار ما يسبق ذلك من تسرب من الفصول الدراسية على نحو يمكن ملاحظته بسؤال الإدارات المدرسية حيث بدأت الظاهرة بالتزايد بشكل مخيف، ما يفرض على المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني بنشاطها الحقوقي والخيري والإنساني مد يد العون لهؤلاء الأطفال بما يمكن البلد من تجاوز هذا الخطر من أجل مستقبل يكون فيه أطفال اليمن هم أعمدته القوية.