مجزرة “(دير ياسين).. وصمة عار في جبين الإنسانية
القدس المحتلة/ وكالات
أحيا الفلسطينيون أمس السبت الذكرى الــ68 لمجزرة أهالي قرية دير ياسين التي استشهد فيها عدد كبير من الفلسطينيين غالبيتهم نساء وأطفال وشيوخ، وهي المجزرة البشعة والمروعة في التاريخ والتي نفذتها جماعتان صهيونيتان إرهابيتان هما “آرغون” و”شتيرن” لتكتب بهذه الجريمة صفحة من تاريخ قوات الاحتلال الإسرائيلي الدامي حتى اليوم.
وتأتي هذه الذكرى القاسية على قلوب الفلسطينيين والتي بدأت في الـ 9 من أبريل 1948م في وقت لا يزال العدو الإسرائيلي يواصل احتلاله للأراضي الفلسطينية، ويتوسع في الاستيطان، ويرتكب أبشع جرائم القتل والتهجير القسري للفلسطينيين تحت وطأة السلاح، وأمام العالم أجمع الذي لم يحرك ساكناً إزاء هذه الجرائم، وخاصة الأشقاء العرب الذين سمحوا للعدو الإسرائيلي بارتكابها.
فمذبحة دير ياسين جاءت بداية لسلسة من أبشع جرائم قوات الاحتلال المتعاقبة، حيث تم تدمير 524 قرية فلسطينية منذ 1948م، وتمثل هذه المذبحة دليلاً واضحاً على سياسة التهويد عبر التغيير الديمغرافي وسياسة فرض الأمر الواقع على الأرض التي تنتهجها إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال منذ ذلك الحين والتي دفعت أهالي القرى الفلسطينية الآمنين إلى الهجرة القسرية تحت وطأة الخوف والترهيب وتهديد السلاح.
ففي فجر التاسع من أبريل عام 1948م شن مسلحون يهود من الجماعتين الإرهابيتين هجوماً على قرية دير ياسين الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة.
وارتقى إلى العلا في تلك المجزرة ما بين 250 إلى 360 شهيداً، قتلوا بدم بارد، حيث قامت الجماعات اليهودية باستهداف القرية الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، متوقعة أن يقوم أهالي القرية البالغ عددهم نحو 750 نسمة، في ذلك الوقت بالفرار منها، خوفاً على حياتهم ليتسنى لهم الاستيلاء عليها.
ووفق شهادات الناجين من المذبحة فإن الهجوم الإرهابي على دير ياسين بدأ قرابة الساعة الثالثة فجراً، لكن الصهاينة في حينه فوجئوا بنيران الأهالي التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4 قتلى، وما لا يقل عن 32 جريحاً.
وبعد ذلك طلبت هذه العصابات المساعدة من قيادة “الهاغاناة” في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكنوا من استعادة جرحاهم وفتح نيران الأسلحة الرشاشة والثقيلة على الأهالي دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
وكما يقول الكاتب الفرنسي باتريك ميرسييون عن تفاصيل هذه المجرزة: “إن المهاجمين لم يخوضوا مثل تلك المعارك من قبل، فقد كان من الأيسر لهم إلقاء القنابل في وسط الأسواق المزدحمة عن مهاجمة قرية تدافع عن نفسها، لذلك لم يستطيعوا التقدم أمام هذا القتال العنيف”.
وقد استعان الإرهابيون بدعم من قوات “البالماخ” في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، حيث قامت من جانبها بقصف دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمة العصابات المهاجمة.
ومع حلول الظهيرة أصبحت القرية خالية تماماً من أية مقاومة، فقررت قوات “الآرغون” و”شتيرن” (والحديث للفرنسي ميرسييون) “استخدام الأسلوب الوحيد الذي يعرفونه جيداً، وهو الديناميت، وهكذا استولوا على القرية عن طريق تفجيرها بيتاً بيتاً”.
ووفق روايات شهود عيان فإن المهاجمين اليهود أوقفوا العشرات من أهالي دير ياسين إلى الجدران وأطلقوا النار عليهم، وأن هذه العناصر المتطرفة لم تكتف بإراقة الدماء، بل أخذت عدداً من الأهالي الأحياء بالسيارات واستعرضوهم في شوارع الحارات التي استولوا عليها في القدس من ذي قبل وسط هتافات عنصرية حاقدة.
وكانت مجزرة دير ياسين عاملاً مؤثراً في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أخرى من فلسطين أو البلدان العربية المجاورة، لما سببته من حالة رعب عند المدنيين، ولعلها الشعرة التي قصمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948م.