البؤس العالمي وسخرية المقاومة

جمال الظاهري
حين يكون البؤس سيد الموقف ولسان حال من يرجى منهم الإتيان بالحلول,  تصبح السخرية نوعاً من المقاومة .. حين يصبح المعني بحفظ الأمن العالمي وردع المعتدي هو البوابة التي يقصدها الظالم لطلب المباركة والمساندة له في ارتكاب الجريمة تصبح السخرية أحد أسلحة المقاومة!
عام كامل من القصف والحصار كان كفيلاً بإيصال الأوضاع الإنسانية في اليمن إلى مراحل خطيرة من التدهور.. عام كامل من العبثية والعربدة والقتل من قبل طائرات العدوان السعودي المسنود أمريكيا والإنسانية نائمة أو هكذا يبدوا المشهد لمن لا يعرف كيف يدير عالم اليوم المتوحش صفقاته ومؤامراته.
عام كامل من القتل والتدمير والتشريد لشعب يناهز تعداده الثلاثين مليون إنسان, قتل الأطفال والنساء واستهدفت دور الأيتام والمكفوفين والمدارس ورياض الأطفال, والمستشفيات وحتى الطواقم الطبية التابعة للهيئات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكناً.
عام كامل من الحصار الشامل للغذاء والدواء ولكل سبل العيش, قتل الصيادون في عرض البحر واستهدفت مخازن الغذاء وصوامع الغلال, ودمرت الموانئ والمطارات, وأرتكبت المجازر البشعة وثبت ووثق المئات من جرائم الحرب ولا حس ولا خبر لرعاة حقوق الإنسان وحماة الديمقراطية.
عام كامل كشفت فيه الأقنعة وسقط المنظرون, استوى فيه إنسان العصر الحجري بإنسان القرن الثاني والعشرين, استوى فيه القريب والصديق مع العدو والغريب في ظلم ابن اليمن, استوى فيه الأعمى والبصير.
عام كامل من الفشل لقوى العدوان التي شنت حربها على اليمن بلا سبب وبلا داع, فشل في كل شيء – عسكري – قانوني – أخلاقي … الخ, سقطت الحسابات وتاهت الأهداف وغرق المعتدي في جبال وهمه الذي صور له بأن عدوانه على أبناء الشعب اليمني وشرائه للمواقف الدولية والتعتيم على أفعاله الإجرامية سيصنع له نصراً سهلاً يبني عليه المجد والتاريخ الذي ينقصه.
وبالمقابل كان أبناء اليمن وعلى مدى عام كامل يسطرون الملاحم البطولية والانتصارات في كل الميادين – انتصارات عسكرية – أخلاقية- ومؤخراً بدأت تلوح في الأفق انتصارات قانونية وسياسية, نعم نقول انتصارات وفق المعطيات التي تضبط الأداء على مختلف الصعد, شعب وحيد ومحاصر أدار له العالم ظهره في مواجهة عدوا أمتلك كل مقومات النصر من العدة والعتاد والتأييد والمساندة من قبل دول يسميها العالم (عظمى).
الأمر حقاً هو مأساوي ويبعث على الشفقة في إحدى أوجهه, ولكن بالتركيز في التوليفة كلها لابد وأننا نرى وميض يبرق في كل هذه الفوضى, فالمواقف الدولية وغض الطرف والمحاباة والتواطؤ من قبل حكومات مؤثرة وفاعلة بدأ يترنح وبدأ حلفاء الشر يتململون أو يلقون على المعتدي المباشر بالمسئولية, فيما العديد من تقارير المنظمات تحمل السعودية ومن ساعدها المسئولية في كل ما ارتكب من جرائم وحشية في اليمن.
خروج مليونيتي السبعين والروضة في العاصمة صنعاء بذاك الزخم وتلك الهتافات التي أسمعت العالم رفضها واستنكارها لكل الذرائع والمبررات الواهية التي شن على أساسها عدوانه على الشعب اليمني, هتافات التنديد بالمواقف المتواطئة مع المعتدي وتجاهل جرائمه وركوع العالم أمام الريال السعودي, وفي نفس الوقت ومع إدراك كل هذه الحيثيات يعلن الملايين مواصلة الصمود والتحدي والاستعداد للتضحية والبذل وميض أخر أقوى سيكون له الأثر الفاعل في تحديد نتائج ما هو قادم, والقادم إن شاء الله هو النصر الصريح والواضح إن شاء الله.

قد يعجبك ايضا