سلفـاكير والبـشير.. صحـوة ضمير أم…؟!

عباس غالب
وسط مـوجـة متـلاطمة من الأحداث في منطقـة الشـرق الأوسـط تجري في الضفة الأخرى من البحر الأحمر وتحديداً في السودان وقفة شجاعـة لمراجعـة الـذات واستعادة الذاكرة ــ كما اسميها ــ يعود الفضل فيها إلى رئيس جنوب السودان سلفاكير براديت عندما قدم خطاب اعتذاريا عن الممارسات الخاطئة ودعوة نائبه الدكتور مشار للمصالحة والاتفاق على مبدأ الشراكة في السلطة والثروة.. ما يعني تناسي الماضي المرير من الاقتتال بينهما.
وعلى الجانب الآخر من الصورة اتخذ الرئيس سلفاكير خطوة ثانية في اتجاه تطبيع العلاقات مع جمهورية السودان وذلك من خلال سحب قواته من الحدود المشتركة، الأمر الذي قابله الرئيس عمر البشير بتحية مماثلة، حيث قام هو الآخر بفتح حدود بلاده والبدء بتدشين مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية مع جاره اللدود.
وفي هذا الصدد لعلني أتساءل مع الآخرين عما إذا كانت هذه الصحوة للرجلين تأتي في اطار التكتيك السياسي أم أن ثمة اتجاه حقيقياً للإصلاح داخل منظومة الحكم واستشعار الضمير لما يعانيه الشعبان من الفقر والحروب والمعاناة التي لا حدود لها.
وحسب تصوري المتواضع فإن جنوب السودان أدرك مؤخراً أن استمرار الاختلاف مع شريكه في معركة الحرب والسلام الدكتور مشار ودخول الجنوب في حربً جديدة على السلطة سيؤدي في النهاية إلى مزيد من الانهيار في أوضاع السودانيين.
وما ينطبق على هذه الجزئية من الإشكالية داخل منظومة الحكم في جنوب السودان ينطبق كذلك مع حكومة البشير باعتبار أن استمرار القطيعة والاختلاف بين البلدين سيقود هو الآخر إلى نفس النتيجة، الأمر الذي يستدعي بالضرورة الاعتراف بأن تلك الحالة ليست استثناءً وقد تكرر في قادم الأيام، وهو ما يتطلب تصحيحه.
وبعيداً عن افتراض حسن النية في القيادة لكلا البلدين فإن ثمة أمراً آخر قد يكون هو المحرك المباشر لصحوة الضمير هذه تتمثل في هبوط أسعار النفط التي سترتب بالنتيجة أعباءً إضافيةً على أوضاع النخب السياسية في البلدين وهي تبحث عن مصادر تمويل لإدارة شؤونها الداخلية.. ومع ذلك سننتظر قادم الأيام لنعرف ما إذا كنا مخطئين ونحن نتحدث عن صحوة الضمير التي ظهرت فجأة على هذه القيادات التي عجزت طيلة السنوات المنصرمة عن القيام بمهام إدارة شؤون شعوبها، بل وقادتها إلى حروب طاحنة أضافت إلى مآسيها معاناة أخرى.

قد يعجبك ايضا