ليل وقضبان

 

محمد نوح أبو حمدي

وكأنه لا يكفي أن نفقد الأنفس وما تملك من متاع وما تقاسي من ظنك وبؤس معيشي مجاعي فاق حد التصور حتى تختم الكهرباء مهرجان الخرف الذي يلف اليمن,
خروج الكهرباء عن الخدمة أخرج مباني الورش والمعامل والمحلات… و… عن الخدمة ورفد سوق البطالة المنتعش بآلاف العاطلين… لكن تلك المآسي رغم أهوالها سنتجاهلها كما هو شأن الدولة وسنتعرض فقط لما يهمها الحالة الأمنية وإن كان للكهرباء انعكاس عليها.
برسم الظلام
الظلام يا سادة قرين المعصية والفجور ومبتغى الخارجين عن القانون, الظلام حاضن طبيعي للغدر والإرهاب عندما يدنو تنطلق الخفافيش آمنة ومختفية بذلك السواد الذي يخفي إجرامها الذي لا يحتاج لأكثر من سويعات لتنفيذه, وكيف الحال إذا ما امتد سواد الظلام طوال المساء.
لذلك نشاهد أنه لا يمر يوم دون اكتشاف الجهات الأمنية لخلايا وبؤر إرهابية بعضها قد نفذ المخطط وأخرى كانت على وشك.
شحة الذمم
للشهر الثامن على التوالي تعيش اليمن في ظلام بسبب انقطاع التيار الكهربائي والسبب شحة النفط كما تدعي الجهات المسؤولة لكن ذلك السبب انعدم بعد أن استقبل الميناء شحنات نفط بكميات غزيرة فاقت المليون طن .. وبحسب مصادر نفطية مسربة فإن كل محطات التوليد قد استوفت طاقتها بالكامل, بل والاحتياط.. إضافة لاستغلال فترة الانقطاع الطويلة في ترميم وصيانة تلك المحطات من قبل الكادر الفني لمؤسسة الكهرباء … باختصار تلك المحطات لا ينقصها سوى التشغيل لتنطلق لكن الدولة التي هي في شاغل عما يعانيه المواطن لم يجد ما تبرر به استمرار الانقطاع سوى تلك النغمة الجديدة القديمة المسماة بالمديونية المليارية التي على المواطن ووجوب سدادها ثم الاستعداد لاسعار جديدة.
لقد أضحى يقيناً عند الجهات المسؤولة أن ذلك المواطن قد تكيف مع الانقطاع الدائم للكهرباء.. وذلك بدليل سكوته والمواطن هنا هو ذلك البسيط الذي يكافح من أجل قوته.. حيث الميسور والمسؤول قد وجد البديل في تلك المولدات الخاصة التي لا ينفك هديرها طوال الليل والنهار والتي يحصلون على وقودها من سوقهم السوداء أو من الاستيراد الميسر.
المديونية
المواطن البسيط لا علاقة له بتلك المديونية المليارية حيث و70% من تلك المديونية هي على النافذين ومعسكرات الجيش والأمن وجدتان القطاعين العام والخاص.
ولا علاقة له أيضا بكذب الفساد الذي يرصد ملياراً ونصف مليار ونصف ودولار للمشتقات النفطية التي تستهلكها الكهرباء في كل عام وكان اليمن يضاء بـ2000 ميجا وليس 850 أربعمائة منها تعمل بالغاز والباقي لا عافية له منذ عقود حيث مرض طفي لصي المزمن لها رمها حتى آخر رمق.
لكن في المقابل نصدق أن الدولة تنفق بالفعل ملياراً ونصف المليار دولار في كل عام مثلما نصدق أن تلك الـ400 ميجا لا تستهلك ولو ربع ذلك المبلغ… ثم ما يضير الدولة إن تكفلت بدفع المديونية عن المواطن البسيط أسوة بالمليارات التي تكفلت بها للإرهابيين الذين أدمنوا الاعتداء على أبراج الكهرباء والمحطة حتى قيل أنه في عام واحد فقط أنفقت الدولة على إصلاح الأبراج والمحطة وأنبوب النفط 20 ملياراً.
على جماعة أنصار الله الذين نجل تضحياتهم وهم يحكمون البلاد حاضرا أن يثبتوا بالفعل وليس القول إنهم جاءوا لمحاربة الفساد.
وليعلموا أن انتصارهم للكهرباء لا يقل عن انتصارهم في المعارك عليهم أن يخففوا قليلاً عن كاهل المواطن الآيل للسقوط وألا يجعلوه أسير عسرين المعيشة والظلام.

قد يعجبك ايضا