ن .. والقلم..مساعدة !!
ذهبت مع جاري إلى حيث يغير زيت سيارته, في تلك الورشة التي وصفها بـ (الأمينة) على شارع أكتوبر, ظللت أتفرج على تلك المراية التي تساعدك على إدخال سيارتك فوق حفرة التغيير, أعجبني الأمر, لأدخل مع عمر ذلك الشاب المتطلع والذي بالأمس الأول فقط أعطيتة مذكرات القاضي الإرياني, ليقراها, فلم يكذب خبرا , وهاهو غائب عني تقريبا أسبوع , أعلم أنه منهمك في القراءة , وأن تصادف شابا يقرأ فهي فرحة لا تدانيها فرحة !!, ما يؤلمني هو أن صاحبي الشاب بلا عمل , وهنا الإشكالية الأكبر التي تواجه المجتمعات المتخلفة , حيث تظل الجامعات والثانويات تقذف بمئات من مخرجاتها إلى الشارع , وتبعا لهذه الحالة النشاز يتحدد نوع المستقبل , وأن كنت أنا لم أعد أؤمن بشيء أسمه مستقبل نظرا للمؤشرات التي نحياها وبادية لكل ذي بصر أما البصيرة فقد غادرت هذا العالم العربي ولن تعود !!!! . كانت هناك ثمة سيارة صالون من النوع الفارة , وقد ارتفعت بجهاز الرفع وراح شاب يتفحصها , وأنا أراقبه باعجاب لما لاحظته من مهارة يديه, هذه اليد الماهرة أيضا تنظم يوميا إلى طابور البطالة , ومن ثم إلى طوابير أخرى !! . لا حظتهما يتجهان باتجاهي وعَمْرْ, تفحصتهما شكلا, أوحيا لي بأنهما أصحاب الصالون , بقيت على الكرسي لأتابع كيف سيكون الفصال بينهما والعامل الذي يصون السيارة, حتى رايتهما لا يتوقفان بجانبها , بل مرا بجانبها وباتجاهنا, لم اسمع جيدا , قلت : نعم ؟ قال الأكثر أناقة : ساعدونا, لثوان ظلت الكلمة تدور في رأسي, ولا أريد أن أؤكد لسمعي أنها وصلت إلى حافة أذني , لكنه كررها: مساعدة, هنارن الجرس طويلا , مساعدة , هنا أنت أمام من نقول عنه (عزيز قوم ذل) فمن هيئة السائل مادا يدة أدركت أنه من تلك الفئة, أحسست بالخجل, وفي نفس الوقت كان عمر قد قالها: الله يديلكم , فانصرفا وأنا بين مصدق ومكذب, لكن الألم كان قد بلغ مداه, فاعرف أن من هذا النوع الكثير, وفي البيوت يموتون جوعا, ويتعففون عن السؤال, وهنا من لا يريد أن يحس أو يفهم بمدى تعب الناس ومن مختلف فئات المجتمع, وبعض الناس من أتى من مدن أخرى بدأ يشحت, وهؤلاء ينضمون إلى الملايين التي صنفتها الأمم المتحدة على أنها تحتاج إلى مساعدة فورية, ينضم إلى هؤلاء أصحاب المصانع التي قصفت مصانعهم , هؤلاء هم يخسرون وعمالهم وموظفوهم يتحولون إلى فئة الأكثر حاجة, ونحن لا قدام لا قدام , لا أدري إلى أين سنصل !!! ولله الأمر من قبل ومن بعد.