الكراهية .. طريق اللاعودة ..!!
عبدالله الصعفاني
أنت وأنا وهم نقف حائرين على بوابة اليمن الجريح .. نراوح بين خيارات العيش المأمول وبين الواقع المفروض انتظاراً لمغادرة كابوسين أولهما التقاء العدوان مع رفض الإنسانية أن تعود إلى ضمير العالم ،وترجمة الحد الأدنى مما أوهمونا به من القيم الغربية الديمقراطية وحقوق الإنسان، وثانيهما هذه الروح اليمانية التي ترفع دعوة « أخي اليمني ثق بالله « واعمل كل جهدك لإثبات خيبة أمل من عملوا على شق الصف وانطلقوا إلى تدمير كل شيء بكل أدوات القتل والهدم.
·وكله يهون بما فيه هذا التغول والاستئساد على الشعب اليمني الكريم إلا هذا التوليد المستمر لثقافة الكراهية والحقد الداخلي الذي يتولى كبر فجوره أسماء كنا نعدهم من العقلاء والمستنيرين.
·إن هذا التوليد في الكراهية على مستوى المنطقة الواحدة والمدينة الواحدة وما يواكبه من السلوك الأرعن هنا وهناك بصورة نسبية هو الأخطر لأن الحقيقة في اليمن وغير اليمن هي خطر خطاب « منطقتي هي الكل « فهل من المقبول الانصات أو التشجيع بأي درجة بالقول منطقتي هي اليمن أو أن الجزء هو الكل أو أن من أجل ذلك تهون الدماء والأرواح ويهون تدمير كل شيء؟
·وفي التحذير من توليد الأحقاد المحلية داخل اليمن بل وداخل المنطقة الواحدة منها مالا يمكن إدراجه في باب مسرحة الموقف بالتهويل .. وعذراً لا يقولن أحدكم بأن المياه ستعود إلى مجاريها ولو بعد حين، فلنا في التأريخ عبرة ، ويجب أن يكون لنا فيه الكثير من الاعتبار؛ لأنه وبصراحة شديدة ما فائدة عودة المياه إلى مجاريها في أحسن الأحوال إذا أوغلنا في الدم حتى صارت المياه غير صالحة للوضوء والزراعة فكيف بها وقد صارت غير صالحة للشرب؟
·ولو أخذنا بإحدى القواعد الفقهية والقانونية بأن « ما يثبت باليقين لا يبطل بالشك « فإن الاتفاق على همجية العدوان الخارجي وضرورة درئه يجب أن لا يكون محل تشجيع أو تواطؤ أو حتى فرجة .. وبالمقابل ليس من الحكمة أو السياسة أو الكياسة القفز فوق حاجة اليمنيين للتواضع أمام بعض بصرف النظر عن مسمياتهم الحزبية والجهوية والمناطقية حتى لا أقول المذهبية التي تدحضها حقيقة أنه لا يوجد مسجد للسنة وآخر للشيعة وإنما مساجد يرتادها الجميع ويؤم ويأتم فيها الكل .
وحتى وقد كشر من حسبناهم كباراً ومستنيرين ووجاهات حزبية ومجتمعية عن أنياب وأظافر محلية ومجلوبة فإن مصلحة اليمن تقتضي عدم الاستغناء عن استحضار قول الشاعر « إذا احتربت يوماً فسالت دماؤها .. تذكرت القربى فسالت دموعها « فهل من سبيل إلى تذكر قول الله الكريم « محمدٌ رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم « هل من سبيل لاستحضار الآية الكريمة التي رددناها في مفتتح كل احتفال « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا « ؟
·عندما اختلف معك وحتى نحترب فهذا لا يعني أن أرى نفسي ملاكاً و أراك شيطاناً أو ترى العكس؛ لأن في هذا التصور استمراراً للسير في طريق اللاعودة .. طريق الهلاك التي تسمح لساعة أو أيام الخصومة بهدم كل سنوات المودة وهدم منطق الشراكة في وطن يتسع للجميع ، وخيراته تكفي الكل ، وحسناته أكبر من النزوات والحماقات .
العوار الوطني والأخلاقي كبير ولكن.. هل يصل بنا الحال أن نجعل الكراهية للأشخاص دعوة لكراهية الوطن بل وتدميره ؟ لنعد التفكير بعد أن نسلّم بأن العودة عن كل خطأ صواب وأن الوطن والدين والأخلاق ليست بطاقة امتياز بيد أي طرف، وأن المصلحة العليا لليمن هي من يجب أن تكون فوق الجميع.