ترشيد الشطح من أجل اليمن!
من الأقوال المشهورة لمؤسس السعودية عبدالعزيز “سأظل مع بريطانيا حتى تقوم القيامة” ومن الحكم المشهورة في وصيته لأولاده “دعوا اليمن كالرجل المريض فلا تتمنوا له أن يحيا ولا تدعوه يموت”.. لكن ومع حقيقة أن هذا النظام لم يكن أكثر من أداة للاستعمار ثم الاستعمال “بريطانيا ثم أمريكا” إلا أن هذا النظام ظل الحريص سياسياً وإعلامياً على إنكار هذه الحقيقة ولنا تذكر ما جرى بين القذافي وولي عهد السعودية “عبدالله” في قمة القاهرة 1990م.
عندما يقول وزير الخارجية الجديد للسعودية “الجبير” والذي جاء به العدوان على اليمن: إن أمريكا وبريطانيا هما من يدير العدوان على اليمن ومن غرف العمليات ويردف “الأمريكيون والبريطانيون يعرفون كل ما نعمل ويعرفون كل ما لا نعمل” فإن مثل هذا الاعتراف لم يكن المعتاد أو المتبع في سياسة وإعلام النظام السعودي.
لقد أصبح هذا النظام في حاجية حيوية للاعتراف بأنه مجرد أداة في هذا العدوان لأمريكا وبريطانيا أكثر من تأثير أو خطر من يجعل ذلك متجنباً أو محذوراً.
واقعياً فليست فقط بريطانيا وأمريكا مع العدوان, بل إن الأمم المتحدة والشرعية الدولية هي مع العدوان بأي شراكة وبأي سقف تواطؤ, ولكن “الجبير” لم يكن يحتاج الحديث عن شراكة ومشاركة اسرائيل في العدوان كما أمريكا وبريطانيا حتى واسرائيل تعترف والسعودية لا تنكر, بينما تابعت موضوعاً تحليلياً للمبدع والمتألق محمد عايش فحواه أننا لم نكن نصدق أنصار الله “الحوثي” في طرحهم عن أن العدوان أمريكي فجاءت الشهادة تصدقهم ومصداقيتهم من ألد أعدائهم.
وهكذا فالمتلقي قد يتعامل مع مثل تصريحات “الجبير” إن لم يكن من أرضية انتماء سياسي ضمن أرضية الصراع ذاته فالانتماء لليمن والموقف ضد العدوان وطنياً قد يفضي إلى مثل هذا المنظور تحليلياً.
البعض قد يختلف من أرضية التحليل أو من المنظور التحليلي لتصريحات الجبير فإذا المعتاد من النظام السعودي أنه لا يعترف بأنه أداة ولا يمارس مثل هذا الاعتراف في مثل هذه الحالة فهو أًصبح يستعمل سقف الموقف الأمريكي البريطاني مع العدوان, إما ليجعل من مستنقع هذا النظام مستنقعاً لأمريكا وبريطانيا أو لإيحاء هو بمستوى الترهيب والإرهاب لظهره القوي لأبعد مدى, ولكن هذه التصريحات تقدم عدم رضا النظام السعودي عن سقف الموقف الأمريكي البريطاني أصلاً مع حقيقة وجوده بأي مستوى وأي سقف ولو كان النظام السعودي في رضا كامل عن سقف الموقف الأمريكي البريطاني ما كان كسر العادة والقاعدة المتبعة في التعامل سياسياً وإعلامياً.
هذا لا يعني البتة أنني اختلف لا مع تصريحات جبير السعودي ولا مع تحليل كما المتميز محمد عايش، ولكنه يعني أننا نحتاج لأن نضع أمامنا أكثر من وجهة نظر وأكثر من تحليل وأكثر من استخلاص واستنتاج وأن نتعامل مع أكثر من احتمال أو مع أي عدد من الاحتمالات بقدر ما تكون نسبة توقع حدوثها أعلى.
في إطار المعركة السياسية لمواجهة العدوان فإن ممارسة النظام السعودي هذه البجاحة ـ ربما الوقاحة ـ غير المعتادة منه في تاريح علاقته ببريطانيا أو أمريكا حتى ونحن ندرك أنه أداة لبريطانيا وأمريكا, بل ورأس حربة أكثر من اسرائيل ـ مجرد ممارسة ذلك ـ يستوجب تحليلاً سياسياً أعمق وأشمل من طرف اليمن المعتدى عليه أو الذي يواجه العدوان، وبغض النظر عما ينشر ويتداول في وسائل الإعلام.
كون العدوان يعلن من واشنطن فذلك بالتلقائية ربط أو ارتباط العدوان بأي مشاريع أمريكية في المنطقة, ولكن اليمن وباتت تحت العدوان لا تسير بالضرورة بمنطق حزب الله في لبنان أو مصر بعد ثورة 2013م في الحديث افشال مشروع الشرق الأوسط الجديد والمشاريع العالمية.
حتى لو كان العدوان أمريكياً بريطانياً ومن المشروع العالمي فهو عدوان النظام السعودي وبقدر ما تفشل اليمن العدوان هي تفشل المشروع وبقدر ما تنتصر على العدوان السعودي وتهزمه فهو انتصار على المشروع أو هزيمة له ولكن فيما يعنى ويتصل باليمن أساساً الذي أعرفه أن هدف العدوان السعودي كان تحويل اليمن إلى واقع ليبيا والذي أفهمه أن ذلك ما كانت تريده أمريكا أو المشروع العالمي، والشعب اليمني أساساً ثم الجيش واللجان الشعبية أفشلوا ذلك, وبالتالي فالمتغيرات العالمية الجديدة وأي مشاريع لا تواجه إلا بالشعوب ولا طرف غير الشعوب بما في ذلك الأنظمة لا تستطيع فرض أو إبطال حقوق إلا بقدر ما توجد استجابات شعبية مع هذه الفرضية وتسهل للغرض.
نحن بذلك مارسنا أفضل وأقوى دور في مواجهة السياسات والمشاريع الأمريكية في المنطقة وفي إطار أي قوى أو محاور للمقاومة ومثلما هم يختزلون الشعب في ثنائية “عفاش الحوثي” وميليشيات أو شراذم كما يزعمون فمصلحتنا من وجهة نظري أن نحصر العداء والعدو في النظام السعودي وأي شراكة أو مشاركة لامريكا وبريطانيا واسرائيل وغيرها ترشد حسب حاجيات الاستعمال في الواقع الداخلي أو واقع المنطقة ونحن رفعنا قضايا التدمير الإجرامي وجرائم الحرب إلى المحاكم الدولية على النظام السعودي وليس على أمريكا أو بريطانيا ولعل مثل ذلك مما يريده الجبير افتراضاً.
لولا السعودية النظام ما اعتدت الإمارات على اليمن, وبالتالي فأمريكا أو بريطانيا أو الإمارات قد تكون دولاً معتدية أو مشاركة في العدوان ولكن العدو هو النظام السعودي فقط لأن وضع الإمارات بمستوى أو إضافتها إليه كعدو يخفف ويوزع العداء وهو تخفيف وتوزيع لتبعات العدوان والتي لا نحمل مسؤوليتها أحداً غير النظام السعودي.
إنني بكل ما قد أكتب أو أطرح قد أقدم في أفضل الأحوال مجرد تنبيه لمن يتولى ويقود المعركة السياسية في مواجهة العدوان وبالتالي يعنينا التواضع في كل منابر ووسائل الإعلام بحيث لا نتصور أن “هبيشنا وربيشنا)) أو “خربشاتنا” التي هي جهد أو اجتهادات في أحسن الأحوال أنها حلول سياسية أو بدائل حلحلة لمن يتولون ويقودون المعركة السياسية.