*فايز محيي الدين
بدا واضحاً وجلياً للمُغرَّر بهم بعد استمرار العدوان السعودي على بلادنا لأكثر من سبعة أشهر حتى الآن أنّ الهدف الأول لهذا العدوان السافر هو تدمير هذا البلد وقصف كل ما يمكن قصفه وقتل أكبر عدد من أبنائه ليركعوا ويخضعوا لنظام آل سعود الذي آذنَتْ شمسُه بالمغيب. لكن ما يحز في النفس أن ترى هذا العدوان الهمجي يقصف آثارنا التاريخية من قلاع وحصون وسدود ومساجد وأسوار وغيرها في الوقتِ الذي لا يزال هناك مَن يبرر للمعتدين ويسوغ لهم جرائمهم بشكلٍ قبيح ومقزز يبعثُ على الغثيان! متناسياً أنَّ هذه الآثار وهذا التاريخ الذي يسعى آل سعود جاهدين لتدميره هو تاريخه، وأنّ هذه الآثار هي مفخرته ومصدر دخل لا ينضب له وللأجيال من بعده إنْ أُحسِنَ استغلاله. قد يجد أنصار العدوان بعض المبررات لقصف بعض المنشآت العسكرية، لكنهم لن يجدوا أي تبرير لقصف قلاع وحصون وآثار لم يبقَ من البعض إلا معالمها التي تشهد على أصالة وعراقة هذا الشعب المُوغِل في العراقة. وإلا فما معنى قصف بقايا سد مارب القديم ومدينة براقش التاريخية؟! هل هي مواقع عسكرية أو فيها ما يمكن الاحتماء به من قبل الجيش واللجان الشعبية وإخفاء أسلحة فتَّاكة؟!! إنه الحقد السعودي ليس إلّأ. وحَريٌّ بمؤيدي العدوان السعودي أنْ يراجعوا أنفسَهم ويقولوا لنا: مِن متى كانت السعودية تحب اليمن؟! ومتى رأيناها تكن لنا الحب أو تضمر لنا الخير؟! تاريخها ومنذ تأسيسها مليءٌ بالتآمر والعداء لليمن، وليس أدل على ذلك من الحرب التي قادتها على اليمن لمدة ثمان سنوات (1962م-1970م) تحت اليافطة نفسها التي تقود فيها عدوانها السافر علينا اليوم وهي يافطة إعادة الشرعية. فمنذ اندلاع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة عام 1962م بادرت السعودية لاستضافة الإمام البدر وأنفقت المال والذهب لشراء الذمم لتشعلها حرباً شعواء بين اليمنيين أنفسهم طوال ثمان سنوات حتى عاد اليمنيون لرشدهم واصطلحوا فيما بينهم. وها هي اليوم تكرر السيناريو نفسه. لكن نود من بني جلدتنا الذين يؤيدون هذا العدوان فقط أن يعلموا أنَّ حقد النظام السعودي على آثارنا نابعٌ مِن كونهم بلا تاريخ، وبلا هُويَّة أو حتى نسب حقيقي لقبائل نجد التي تشكك في انتسابهم إليها وتقول بأنهم نسبٌ يهودي مدسوس على العرب والمسلمين بذرته بريطانيا وبذرت معه الفكر الوهابي الذي تبنته من خلال تبنيها لمؤسسه (محمد بن عبدالوهاب) كما تبنت مؤسس النظام السعودي (محمد بن سعود). وما بُنيَ على باطل فهو باطل، والفكر الوهابي الذي هاجمَه ابنُ الأميرِ الصنعاني وهاجمَ مؤسسَه بعد انكشاف زيفه بقصيدة عصماء بعد أن كان انخدع به حسب السماع وقال فيه قصيدة مدح، يدل على أنّ العِداء لليمن ولعلمائها ووسطيتها وعراقتها في العلوم والتاريخ ليس وليد اللحظة، فقد ناصبونا العداء منذ تأسيس هذا الكيان الهش والدعوة المُضلِّلَة حين أرادوا اجتياح اليمن بذريعة محاربة البدع والكفار!! واليوم فقط هم يعيدون الكرة في صورةٍ سافرة تنم عن حقدٍ دفينٍ لم تستطع السنوات الماضية التخفيف من غلوائه. وإلّا فلماذا الآثار بالذات وليس فيها أي موقع عسكري أو ترسانة أسلحة؟!