جهاد الوعي…الحمدلله

 

القاضي/محمد الباشق

من يتأمل في الحياة يجد انه لا يوجد للصدفة مجال في كل شيء يسر وفق نظام محكم وجعل الحق سبحانه في الانسان الاستعداد والقابلية لفهم هذا النظام فيقول (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شياء وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) فالسمع والبصر والفؤاد آلات يحصل به الإنسان على المعارف.بل التمتع بنعمه هذا الكون الفسيح الذي سخر الله للإنسان بمقدار استفادة الإنسان من هذه الأجهزة الموجودة في نفسه (إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين)وقال تعالى (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)من هذه المقدمة للننطلق للحديث عن أسس الوعي.
الأساس الأصيل أن الدنيا دار عمل وجزاء قال تعالى (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجزى به) وقال تعالى (هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون أم حسب الذين اجرحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون)
فلا أمان ولا استقرار ولا سعادة لظالم ولاتوفيق قال تعالى(إن الله لا يصلح عمل المفسدين) (إنا من المجرمين منتقمون) وسيشاهد أهل كل جيل مصارع الظالمين في جيلهم الذين مارسوا فيه الظلم ويوم القيامة استكمال العقوبات، فأين تم هلاك قوم نوح وعاد وثمود وفرعون (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) فلا يغفل عن آيات العذاب وما يحل من عقوبات بالطغاة والمستكبرين إلا أعمى البصيرة كما أن من حصل عليهم الظلم والبغي والعذاب يمكّن الله لهم في الأرض ويشفي صدورهم برؤيتهم لمصارع من ظلموهم واعتدوا عليهم بل يوقظ فيهم أساساً عظيما للوعي وهو. أن كل خير ولطف ورعاية وعناية للإنسان هو عطاء من الله سبحانه وتعالى متى تم شكر هذا العطاء بالنية والإرادة والسلوك والممارسة ووضع نعم الله في موضعها فإن دفاع الله عمن عاشوا في رحاب أمنه أكبر وأوسع مما يتوقع (يأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون).
فمعرفة المنعم سبحانه الولي الناصر الخالق القادر وأن العباد كلما اقتربوا منه تعالى بمشاعرهم قبل شعائرهم وبوجدانهم وضمائرهم قبل ظواهرهم وهتفوا باسمه تعالى السراء والضراء حبا ويقينا وثقة كان عطاؤه سبحانه كبيراً وعظيما قال تعالى (وما بكم من نعمة فمن الله) هنا نجد أننا أمام أساس ثابت للوعي: ألا وهو أن محور حياتنا ابتداء واستمرارا هو( يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد).
كلما أيقن الإنسان بضعفه وأنه قد يموت من شرغة وأنه ضعيف عاش في كل أموره متوكلاً على الله القوي العزيز يستمد من الله الغني ويرجو من الله العطاء فلا يطغي ولا يظلم ولا يفسد في الأرض ونسيان أغلب الناس أو غفلتهم عن هذه الأسس يحرمهم عز الحياة وأمن الحاضر والمستقبل وثمرة هذه الأسس هو وعي المفاهيم القرآنية والسنن الربانية في الكون والإنسان، فمصطلح الشكر يعني الثبات على الحق وإن قل الناصر وكثر التخاذل وهذا حاصل في منهج أولياء الله دائماً لا ترجع عنه يقينا منهم أن الدنيا ماهي إلا جزء من مملكة الله ينتظرهم من الله ملك أعظم في الجنه.لذا فإن مفاهيم ومصطلحات الطغاة ترديهم.لأن مقاييس الأمور أخذوها من ابليس فزين لهم ووسوس لهم وسوّل لهم.
أما المؤمنون الذين ثمر وعيهم بتأمل وفهم آيات الله في كتابه المنظور الكون وفي كتابه المسطور القرآن الكريم فإن مكر الطغاة وخبث المعتدين وكذبهم وحملات تيارات النفاق لا تؤثر فيهم أبدا فيكون الفهم والانطلاق من أسس ومنهج الوعي القرآني.
فمتى ما ستقام الإنسان على منهج الله فقد شكر (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين))
فمن ثبت على دين الله ووعى دوره الرسالي في مواجهة الباطل هو الشاكر. ومن قدم الخطط العملية للمواجهة والصمود هو الصابر لا من يتجرع الغصص ويظهر العجز هذا ليس بصابر بل يأس خوار
فهنيئا لمن وعى
من وعى بفكره دل على قوة وعيه للثبات والاستمرار في الجهاد.
وإن شاء الله للحديث بقية..

قد يعجبك ايضا