بالحب نبني الوطن
علي محمد قايد
الوطن ينزف ويئن وتتكالب عليه المؤامرات من الداخل والخارج ويتمزق نسيجه وكل ذلك نتيجة اختلاف وتفرق أبنائه وصراعاتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وعندما بدأ بإرساء دعائم وأركان الدولة الإسلامية بدأ ببناء المسجد ليكون مكانا لعبادة الله وحده وليكون المكان الذي يجتمع فيه المسلمون لعبادة الله وتعلم أمور دينهم وليكون مجمعا لهم على الحب والإخاء تحت مبدأ الناس سواسية كأسنان المشط ولافضل لأحد على أحد إلا بالتقوى كما قام بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وجعلهم كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، علمهم ورباهم على الحب والإخاء والإيثار والصدق في المعاملة جمعهم تحت راية الإسلام قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) ونهاهم عن التفرقة والاختلاف قال تعالى (ولتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وهكذا نجحت الدولة الإسلامية وتمكن المسلمون من نشر رسالة الإسلام والجهاد في سبيل الله حتى علت شوكتهم ومكانتهم واليوم لو لاحظنا واقعنا المعاش لوجدنا الفرق الكبير والشاسع فبلادنا اليمن التي وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله(بلدة طيبة ورب غفور) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية) مع الأسف الشديد تعرضت هذه البلاد الطيبة للمؤامرات والمكايدات والتي كان نتيجتها تفرق واختلاف أبنائها تحت مسميات حزبية وسياسية ومناطقية ومذهبية وطائفية تجاهل الجميع وطنهم وانشغلوا بما يغرس الأحقاد والكراهية في قلوبهم تم انقسامهم حزبيا ومناطقيا ومذهبيا فهؤلاء ينتمون لحزب معين، وهؤلاء ينتمون لحزب آخر والنتيجة توغل ثقافة الأحقاد والكراهية في قلوبهم ونتج عن ذلك صراعات ومواجهات دموية وتطور ذلك الاختلاف إلى اختلاف وانقسام باسم الدين فهذا سني وهذا شيعي ونتيجة لكل ذلك ضاع الوطن وطمع به الأعداء وضاعت الدولة والنظام والقانون وساءت أحوال الناس وضاقت معيشتهم والمصيبة أن هناك حروباً داخلية بين أبناء البيت الواحد فلماذا حدث كل ذلك ؟
لماذا تفرق أبناء الوطن الواحد؟ لماذا اختلفوا؟ لماذا تحولت المساجد إلى أماكن رعب؟ وقد تم تفجيرها وهي تكتظ بالمصلين، لماذا ظهرت جماعات متطرفة تمارس الإرهاب باسم الدين لماذا ولماذا؟؟
كل ما يحدث إنما هو نتيجة لتغير النفوس وابتعادها عن الدين الإسلامي دين المحبة والتسامح واستبدال ثقافة المحبة بثقافة الأحقاد والكراهية، متجاهلين أن العنف لا ينتج إلا عنفاً وأن الأوطان لاتبنى بالأحقاد والكراهية والتفرقة والاختلاف والحروب الأعداء يتربصون بنا الدوائر فعملوا على تطبيق سياسة (فرق تسد) حتى لا يتحقق لنا الخير ومع كل ما يحدث نجد أن القلوب قست وغلبت لغة العنف والسلاح لغة الحب والحوار نزغ بيننا الشيطان فنسينا الوطن الذي تحول من جنة إلى جحيم لا يطاق ولأحول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم