ن ………والقلم…عندك سرطان !!!
لا أعرفه , لكن صاحبي عرًفني عليه , هو من المحافظة الفلانية , لا يهم , وجدت نفسي أسمعه وهو يحدث صاحبنا المشترك , التقطت أذني كلمة سرطان , ذهبت بنظري إلى وجهه , كان مخطوفا , يسكنه الهم , ذهب , سألت صاحبي , قال : مسكين طلع عنده المرض الخبيث , رددت : لا حول ولا قوة إلا بالله, الله يشفيه , وذهب كلا منا في طريق .دار الأسبوع سريعا كما هي عادته , لم نعد ندري أي يوم نحن فيه !!! لا يهم أيضا , فالسلعتين الرخيصتين في هذه البلاد الإنسان والوقت !!! . وجدته في نفس المكان, وصاحبنا يتحدثان, غلبني الشجن تقدمت , وجدته باشا , ضاحك الوجه, سلمت, سلًم علي بحرارة, بادرنا نحن الاثنين: طلع ما عنديش المرض الخبيث , مددت يدي مرة أخرى: كم هو ربك كريم . لدي يقين في أن الطبيب في هذه البلاد ليس كما يصوره الخيال الشعبي , فاؤمن ومن تجربة ومعرفة عن قرب بهذا الوسط أن لدينا أطباء جيدين ويشار اليهم بالبنان , وعدد منهم كفاءتهم على مستوى عربي وحتى عالمي , أقول هذا عن سابق يقين وليس لمجرد ملء السطور بكلام منمق يملئ الفم بالهواء كما يقولون . مشكلة الطبيب في هذه البلاد معقدة ومركبة ويعاني الوسط الطبي والصحي عموما ما يعانيه أي قطاع حياتي آخر , المهن الطبية المساعدة رديئة , من مختبرات, وأشعة, وتمريض, والتشخيص يعاني من رداءة الإمكانيات, وإذا أتيت للطبيب فقد انخرط في وضع لا نقابة له تنظمه وتوجهه, وترتفع بكفاءة الطبيب , ولا وزارة توفر الراتب المحترم الذي يقيه ذل أن يمد يده المهنية فيسرق اللقمة من يد مريضة !!! , الطبيب إنسان , وله طلباته الإنسانية, ومتطلبات حياتية كثيرة , ويريد أن يعيش, مع الاعتراف أن نسبة من الأطباء رديئي الكفاءة حتى لا نظهر مكابرين أو مغالطين !! . عوامل كثيرة تسهم في تشكل صورة الطبيب في الأذهان, ما يؤدي إلى النفور, ونقابة مغيبة لا تدافع عن حقوق أعضائها, ولا تقتص منهم حين يقصرون أو يخطئون , عوامل عامه أدت بالطبيب إلى أن يتحول إلى كائن يلهث في كل الاتجاهات ليلحق نفسه !! , باختصار ترى معظمهم وهم مقصدنا موزع بين محاضرات الجامعات العامة والخاصة والعيادة والمستشفيات الخاصة وحياته الشخصية, كل ذلك والعوامل الأخرى تجعله كائنا (( متعجلا )) لا يعطي مريضه الوقت المفترض للسؤال والفحص , وحتى كتابة الروشتة, مع الاحترام للطرفين أصبحت المهنة لا فرق بينها وسوق القات إلا القليل القليل !! . بسبب هذه العجلة قال الطبيب لصاحب صاحبي : عندك سرطان, وهو نفسه حين عاد إليه مرة أخرى وبالاطلاع على الفحوصات وخلافه قال له أيضا: أنت ماعندكش المرض الخبيث, قال المريض المحتمل: كدت أطير فرحا, ولم أعلق عليه عندما رمى في وجهي سؤاله الاستنكاري: من هذا الدكتور الحمار الذي قلًك انك عندك سرطان ؟؟!!!!, قال: فرحتي جعلتني أردد وأنا أقفز درج المستشفى قفزا لا يهم أن تصف نفسك كما تريد وليس لدي الوقت لأن أتكلم معك , المهم أنني نجوت , وكتب لي عمر جديد …..