ن …. والقلم.. قهري عليك أيتها الغالية …

أقهر , وينتزع روحي في اليوم مرات عدة على صنعاء كلها , وعلى كل المدن التي لا تنام , لكن قهري على صنعاء التاريخية مضاعف , بعدد حجارها التي تتناثر , وذرات غبار التراب الذي يهدر , وبعدد نبضات سكانها صاعدة هابطة كلما دنت (( الطوائر )) منها . يتضاعف حزني حزنا إنني لم أعد أستطيع زيارتها , والتمتع بحديثها , سيقول قائل: من منعك ¿ من أغلق ابوابها في وجهك ¿ أقول له بكل الحب أن لي علاقة خاصة بها لا ندركها ونحس بها سوانا , والوقت الذي أختاره لزيارتها عادة أتفق معها متى يكون , ومن أين أبدأ ¿ وكيف ¿ ومتى أنتهى ¿ ويكون الأمان عنوان المدينة وديدنها , هي علاقة عشق أزلي تتبدى ألما وأنا أتابع المشهد الذي يقصف روحي قهرا وكمدا على كل حجر سقط , على كل بيت أندثر وطفل مات وأم لحقت وأب ذهب معهما  , وأسأل فقط : لماذا ¿¿ .  وأنظر ففي الحرب العالمية الثانية كان سكان باريس وموسكو يتحولون إلى دروع بشرية حول المعالم التاريخية التي لم يستطيعوا نقلها من أماكنها , يحمون بأجسادهم تاريخهم وتراثهم والاجابة عن السؤال الأكبر: من هم ¿ من يكونون ¿ , أما ((الجرنيكا)) سيدة لوحات بيكاسو والتي أرخت لقسوة الألمان وما فعلوه بقرية جرنيكا في أسبانيا بلد بيكاسو العظيم , فقد تم أقراضها إلى أمريكا , وبعد الحرب عادة عودة رسمية وفي مطار مدريد استقبلت بـ 21 طلقة من المدفعية , وكأنها من أعظم زعماء العالم , ان لم تكن أعظمهم , كونها خلاصة إبداع إنساني صورت لحظة انتهكت فيه إنسانية الإنسان بالحرب . هنا تتجدد الدعوة لإيقاف الحروب العبثية الداخلية التي تؤدي إلى احراق التاريخ وتقتل التراث في مختلف المدن , هل حصر أحدكم ما الذي خسرتةهصعدة وتعز وعدن ¿¿ . أعود إلى صنعاء وأقول اننا نخسرها وهي خسارة ما بعدها خسارة لا يدركها سوى من لديه ملكة التحدث إلى الجدران والأحجار , وكيف يناجي الطرقات العتيقة , ويتحدث لغة السماسر , وسبل الماء , ويتخلص من أدران جسده في حماماتها , ويشنف أذنيه بأصوات مآذنها , أي إنسان يدرك لغة المدن هو وحده من يحزن عليها , ويضع صنعاء في مآقي العيون …., ترى هل يفهم الذين لا يحبون التاريخ ولا يهوون التراث ما نقول عن العلاقه الأزلية بين الإنسان والحجر ¿ بين الإنسان والتراب ¿ بين الإنسان وهمس المدينة ¿ من يدركون ما ذا يعني أن تمر بأناملك على الجدران العتيقة فتسمع الحكاية كلها …..

قد يعجبك ايضا