مشــروع آل سعــود “الأخلاقــي” في اليمـن..
إذا أردت معرفة حقيقة ومصداقية مشروع ‘آل سعود’ في اليمن مثلا والذي يقولون عنه أنه مشروع “أخلاقي” يدافع عن الشرعية المفترى عليها من قبل من لا يملكها لمن لا يستحقها ويروجون له بـ”الماركتينغ” التجاري الهستيري عبر مختلف وسائط التواصل أملا في إقناع المستهلك الإعلامي به فعليك بتقييم ما يطرحه أصحابه من شعارات تعبر عن مأزق فكري وأخلاقي يعكس اليأس والخيبة والإخفاق وما يروج له سماسرة الحرف من مفردات الخطاب كـ”عاصفة الحجم” و”عودة الأمل” في ظل الحصار ومشاهد القتل والخراب..
وأمام هذه المعضلة ليس للإنسان إلا ما وهبه الله من ملكة العقل وحرية الإرادة والاختيار ما يجعله حرا في قناعاته لكنه بعد التمييز يصبح مسؤولا عن خياراته يتحمل نتائجها كاملة غير منقوصة بما في ذلك تداعياتها إن سلبا أو إيجابا على وجوده ومستقبله..
وبقدر ما يكون وعي الإنسان متقدما نتيجة التجربة وتراكم العلم والمعرفة بقدر ما يكون فهمه عميقا وإدراكه دقيقا وخياراته صائبة وهذا هو السبيل الوحيد للخروج من الجمود والتكلس والجهل والظلام والتبعية والتخلف.. نحو آفاق رحبة من فضاءات الحرية المسؤولة تشع بنور العلم والمعرفة والحكمة فتعطي للحياة معنى جميلا وللذات خصوصية وللهوية عنوان وللأفكار قوة منتجة وللتجربة في إطار الصيرورة والتطور قيمة إنسانية وحضارية رائعة..
وفي هذا المجال بالنسبة لمنطقتنا المنكوبة المتخلفة نعلم جميعا أن هناك مشروعين لا ثالث لهما مشروع استعماري خبيث بقناع إنساني مخادع يقوم على الهيمنة بمنطق القوة والقهر وله وكلاؤه وعملاؤه الذين يعملون بكل ما أوتوا من مكر وخديعة من خلال سلاح الفساد والإفساد والظلم والاستبداد لتركيع الشعوب وتدجينها وحرمانها من سيادتها وحرية إرادتها في تقرير مصيرها ومستقبل عيالها وهؤلاء الوكلاء والعملاء كما نعرفهم جميعا هم الحكام من ملوك وأمراء ورؤساء وتقوم سياساتهم الداخلية على الثالوث المقدس: الأمن (من عسكر وشرطة ومخابرات) – والإعلام (الديني والسياسي) – والقضاء (التابع المسيس)..
وحيث إن الأمر كذلك فكل مظاهر الديمقراطية التي يروجون لها لا تعدو أن تكون مجرد مساحيق زائفة لتجميل وجه السلطة القبيح لأن من لا شرعية له لا يستطيع أن يبتدعها من خلال مفردات الخطاب وبهذا المعنى فمن الخطأ الحديث عن “الدولة” عندما يتعلق الأمر بالأنظمة العربية القمعية..
نفس منطق التحليل ومعايير التقييم والتقويم تنطبق على المشاريع الكبرى القديمة الفاشلة كالمشروع القومي العربي ومشروع الإسلام السياسي والتي تزخر المكتبات العربية بكم هائل من المؤلفات التي تتحدث عن أسباب الفشل ومسببات الإعاقة وترجع المعضلة في مجملها إلى العامل الخارجي ويقصدون به الإمبريالية الغربية وطابورها الخامس في الداخل لكن لا أحد يطرح السؤال البديهي المنهجي والأساسي الذي يقول: كيف يمكن أن ينجح المشروع القومي أو الإسلامي ويكتسب الشرعية والمشروعية في ظل غياب الشعوب¿..
الجواب لديهم هو تقريبا واحد وإن بمفردات مخاتلة ويمكن اختزاله في العبارة التالية: “الشعوب قاصرة وغير مؤهلة لقيادة نفسها بنفسها وحدها القيادة المتمثلة في الزعيم القومي أو الخليفة إسلامي قادرة على الإبحار بسفينتها نحو مرفأ الأمان”.. وبهذا المنطق الإقصائي والتحقيري يستحيل أن تقوم للعرب والمسلمين قيامة حتى لو جربوا كل دعاة الزعامة والقيادة إلى يوم يبعثون في حين أن السر يكمن في الناس والنظم والمؤسسات التي تتطور من حال إلى حال بالممارسة والتجربة لأن الله خلق الحياة الدنيا لتكون مسرحا لتجارب الشعوب والأمم وبعث أنبياءه ورسله ليقفوا في وجه الفراعنة الطغاة من ملوك وحكام إلى أن يرث الأرض المستضعفون من عباده..
أما المشروع المقابل للمشروع الشيطاني السالف الذكر فهو مشروع محور الممانعة والمقاومة والذي تقوده إيران اليوم في المنطقة ويقوم على رؤية إيمانية قرآنية تعتبر من ثوابت العقيدة وتتمثل في “وحدة الأمة” التي أمر بها الله تعالى وحث عليها رسوله الهادي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام ولها استراتيجيتان واضحتان الأهداف والمعالم: الأولى استراتيجية تحرير الشعوب من الهيمنة الخارجية والاستبداد الداخلي تحت عنوان “دعم الشعوب المستضعفة” لمساعدتها على استعادة استقلالها وحرية قرارها السيادي كي تحكم نفسها من نفسها بنفسها ولنفسها ومن يعتبر هذا الدعم تدخلا في شؤون “الكيانات” العربية فهو من حيث يدري أو لا يدري يكفر بأمر الله ويحارب دينه ويقف في وجه إرادته لمنع تحقيق مشروع التوحيد والعدل بين عباده في أرضه لأنه وفق العقيدة الإسلامية يعتبر الله في السماء إله وفي الأرض إله وما لقيصر لله الذي له الأمر من قبل ومن بعد وبالتالي لا يحق لقيصر التصرف في ما وهبه الله إلا بما يرضيه ويحقق العدل والرفاه للناس في الدنيا والخلاص في الآخرة..
والثانية استراتيجية تحرير الأرض و